النظام التركي وثنائية الأدوار المتناقضة تجاه الحل في سورية

اضطلع النظام التركي بعمليتين عسكريتين أحدهما في مدينة منبج والأخرى في محافظة إدلب، وقد كان دوره في (منبج) ضمن إطار اتفاق بين تركيا وأميركا في الخامس من شهر حزيران الفائت حيث تم بموجبه وضع المدينة تحت احتلالين عبر ما يسمى «خارطة الطريق» التي كان أهم بنودها التزام الولايات المتحدة بسحب وحدات حماية الشعب الكردية إلى الشرق من نهر الفرات وذلك بهدف تسوية الخلافات الطفيفة التي برزت بين واشنطن وأنقرة في الفترة الماضية.
وفي رسالة تنطوي على المناشدة والاستعطاف طالب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في 2 تشرين الأول الجاري نظيره الأميركي مايك بومبيو الالتزام الكامل بالصفقة التي وقع عليها. وقد جاءت في أعقاب ما صرح به وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس عن بدء التدريبات للقيام بدوريات مشتركة تركية – أميركية في منطقة منبج .
أما العملية العسكرية الثانية التي تضطلع بها القوات التركية في سورية فقد جاءت إثر اتفاق روسي-تركي مؤطر زمنيا حول محافظة إدلب حيث تم الاتفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15-20 كم بحلول الخامس عشر من الشهر الحالي  يصار بموجبه إلى سحب الأسلحة الثقيلة والإرهابيين منها، ذلك الأمر الذي جاء حصيلة مشاورات مكثفة بين سورية والاتحاد الروسي بهدف حقن دماء السوريين وإعادة الأمن والأمان إلى بقعة ضربها الإرهاب، ومما يجدر ذكره أن هذه الصفقة فوتت فرصة طالما خطط لها الغرب للقيام بحرب واسعة النطاق في المستقبل القريب، حيث كانت الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها يجهزون لتهيئة الظروف المناسبة التي تتيح لهم إطلاق صواريخهم على أكبر عدد من الأهداف والمواقع العسكرية السورية متذرعين بما أعدوا له من اتهام الحكومة السورية باستخدام السلاح الكيماوي لتبرير عدوانهم .
وبموجب الاتفاق تنخرط روسيا وتركيا في تعاون مشترك لمراقبة انسحاب المجموعات الارهابية من هذه المنطقة، وعلى الرغم من ذلك فإن القيادة السورية أبدت تصميما على دق المسمار الأخير في نعش الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من الأراضي السورية سواء بالعمليات العسكرية أو بالمصالحات، كما تأمل دمشق بتطبيق اتفاق سوتشي لاسيما أن لدى تركيا القدرة على تنفيذ ما يتعلق بها من التزامات إذ أن استخباراتها كانت ضالعة في تأسيس ما يسمى «الجبهة الوطنية للتحرير» التي ضمت خمس فصائل أبرزها حركة «أحرار الشام» وفصيل «نور الدين الزنكي» و»جيش الأحرار»، لذلك نرى بأن النظام التركي قادر على كبح جماح تلك المجموعات المتطرفة والسيطرة عليها، وفي هذا السياق، تم لقاء طويل بين أردوغان ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن المؤكد بأنه جرت مناقشات حول القمة الرباعية المقبلة التي ستعقد في اسطنبول بين قادة فرنسا وألمانيا وروسيا وتركيا لبحث الملف السوري، حيث ستلتقي هذه الدول الأربع لأول مرة هذا الشهر، وربما دعت أنقرة لعقده كرد فعل على استبعادها من قمة المجموعة المصغرة التي أنشأتها الولايات المتحدة قبل نحو أسبوع والمكونة من سبع دول إقليمية وغربية (أميركا ومصر وفرنسا وألمانيا والأردن والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة) والتي تهدف ظاهريا إلى إيجاد حل سياسي وليس عسكريا للأزمة القائمة، لكن الواقع يؤكد بأن مثل تلك المجموعة بمكوناتها لن تسعى إلا إلى التدخل بالشأن السوري بشكل يخالف القوانين والأعراف الدولية.
كما أننا لا نتوسم خيرا بالقمة التي يدعو إليها رأس النظام التركي إذ أنه وقادة كل من ألمانيا وفرنسا لا يسعون إلى إيجاد حل واقعي للحرب على سورية بل يسعون جاهدين إلى تعقيد الوقائع من خلال احتلال الأرض ورعاية الجماعات الإرهابية خاصة وأنه لا يخفى على أحد ما لدى كل من ماكرون وأردوغان من أطماع في سورية إذ أصبح العالم أجمع على علم تام بقيام تركيا بمساندة ومؤازرة التنظيمات المتطرفة وما يراودها من أحلام عثمانية قديمة في قضم مساحات شاسعة من الأراضي السورية. كما أن ماكرون لطالما أبدى حماسا منقطع النظير إزاء الحرب على سورية وأبدى رغبته في التدخل السافر في الشأن السوري الأمر الذي برز على نحو واضح بمشاركة بلاده في العدوان الثلاثي على سورية في شهر نيسان الماضي إلى جانب المملكة المتحدة والولايات المتحدة بذريعة ملفقة وهي استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية.
لقد عبر الإرهابيون الحدود التركية إلى سورية بمعرفة ومساندة النظام التركي، لذلك فإن أردوغان على معرفة ودراية كاملة بمواقع تموضعهم ولديه قوائم بأسمائهم وكذلك القدرة على إخراجهم وإعادتهم إلى حيث أتوا إن كان سيلتزم بما يدعيه من رغبة في تحقيق السلام في المنطقة والحفاظ على وحدة سورية.
لقد كشفت سنوات الحرب كل النيات الخبيثة التي يحملها أردوغان تجاه سورية وليس هناك أي ثقة بما يتعهد به أو يقوله. وكذلك الأمر بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي مارس العدوان على سورية ودعم الارهاب مع ادعاء محاربته ويحتفظ بوجود عسكري احتلالي في سورية سواء في منطقة التنف أو شرق الفرات، لذلك لا يمكن التعويل على هذه الأطراف للمساعدة في إيجاد حل للأزمة السورية، وإنما التعويل فقط على الجيش العربي السوري الذي يلقى مساندة ومؤازرة من دول صديقة مثل إيران وروسيا التي زودته بمنظومة إس 300 لردع وصد الاعتداءات الاسرائيلية، فهؤلاء فقط هم المعنيون بمكافحة الارهاب وتطهير التراب السوري من رجس المتطرفين وإعادة الأمن والأمان إلى ربوع سورية وتنظيفها من أي وجود عسكري أجنبي غير شرعي، وهم الذين يملكون القدرة على تبديد أوهام الطامعين وذرها في الهواء.
آخر الأخبار
معرض الكتاب " اكسترا ميديا " يتصدّر كليّة الإعلام بمشاركة 740 شركة... "بيلدكس" يعزز فرص التعاون في قطاع الإعمار تعزيز التعاون التربوي بين سوريا و"الألكسو" إعادة الإعمار بوابة التنمية لسوريا الجديدة.. باحث اقتصادي لـ"الثورة": تحولات اقتصادية قادمة فرنسا تُعلن تضامنها مع "الخوذ البيضاء" وتؤكد استمرار دعمها للمدنيين السوريين تعثر سدادها يهدد سيولة المصارف وتجميد القروض.. ديون المُسرَّحين.. بين مطرقة البنوك وسندان البطالة دمشق وأنقرة.. حرص مشترك على تعزيز التعاون وترسيخ الاستقرار من إدلب إلى دمشق غيث حمور شعرت أنّني أوقّع على جسدي لا على الورق ضمن خطتها لإعادة الهيكلة.. الداخلية تُعلن أسماء قادة الأمن الداخلي الجدد في المحافظات 64 عائلة سورية تبدأ بالعودة من مخيم "مريجيب الفهود" بالأردن فوهات مطرية بإطارات مطاطية في اللاذقية معالجة ازدحام تقاطع جديدة الفضل والبلد الدروس الخاصة ..ضرورة ذو حدين  أساتذة النخب الأول.. في الصدارة الدروس الخصوصية والمكثفات ..تجارة رابحة وكابوس على الأهالي  الهلال الأحمر بالقنيطرة يدعم مصابي الألغام تراخيص مؤقتة لألعاب العيد في دمشق تدشين محطة ضخ تفريعة جديتي للمياه في طرطوس منحة زراعية لقرى بحمص مصادر في القنيطرة لـ" الثورة": لا صحة لسيطرة قوات الاحتلال على مبنى المحافظة مبقرة "فديو" .. إنتاج وفير وصعوبات بالجملة