«إس 300» يلوي ذراع إسرائيل.. ونتنياهو يستجدي رضا بوتين

 منذ ارتكاب إسرائيل حماقة العدوان على اللاذقية في السابع عشر من شهر أيلول الماضي، وتعمد طائراتها المعتدية إسقاط طائرة الإليوشن الروسية والتسبب بمقتل أفراد طاقمها الخمسة عشر، لم يتوقف رئيس حكومة العدو الإرهابي بنيامين نتنياهو عن محاولاته لرأب الصدع الكبير الذي أصاب العلاقات الروسية الإسرائيلية بسبب الحادث الذي كان أحد الأسباب الرئيسية لتسريع عملية تسليم منظومة الدفاع الجوية الروسية «إس 300» لسورية، وهو الحدث الذي أربك كل حسابات إسرائيل في المنطقة وجعلها تعيش هاجس انهيار «أسطورة» تفوقها الجوي في المنطقة وانقطاع الذراع التي كانت تشجعها على اقتراف مغامراتها العدوانية.
 منذ ذلك اليوم الذي مهّد لمرحلة جديدة في عمر الصراع المزمن مع العدو الصهيوني لم تتوقف الماكينة الإعلامية الصهيونية عن مناقشة حدث الـ»إس 300» الفاصل وقراءته من زوايا مختلفة تارة بشيء من الغرور والصلف وتارة بشيء من الندم الممزوج بالمرارة، والبحث في مبرراته وأبعاده وتداعياته، في محاولة يائسة وغير مجدية للتقليل من أهميته، واستبعاد احتمال تأثيره بشكل جدي على ما يسمى الأمن القومي الإسرائيلي، في حين يحاول نتنياهو سراً وعلناً وعبر وساطات مختلفة إصلاح ما أفسده في العلاقة مع موسكو، ولو عبر لقاء بروتوكولي يجمعه بالرئيس بوتين، للقول بأنه نجح في احتواء مفاعيل هذه الحادثة الحمقاء، وأعاد الزمن إلى فترة التنسيق بين الطرفين فيما يخص منع الاشتباك في الأجواء السورية، أملاً في أن يغض الروس نظرهم مجدداً عن الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية التي لا تستهدف وجودهم في سورية.
 من بين الروايات الإسرائيلية التي يروجها الإعلام الصهيوني المصدوم وتستهدف الجبهة الداخلية قبل غيرها أن إسرائيل تملك الإمكانات العسكرية التي تعطل مفعول منظومة الدفاع الصاروخية الروسية المتطورة التي أصبحت لدى الجيش العربي السوري، وأن لا خوف على أسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي بوجود طائرات الشبح الأميركية «إف 35» التي يدعون أن رادارات المنظومة الروسية تعجز عن رصدها واكتشافها، في حين ذهب بعض المحللين الصهاينة إلى وجهة نظر أخرى مفادها أنه يلزم الخبراء السوريون ثلاثة أشهر من التدريب لكي يتقنوا التعامل مع هذه المنظومة وتفعيلها بالشكل المطلوب، وهي فترة كافية للطيران الإسرائيلي كي يقوم بمهاجمتها وتدميرها على حد زعمهم، واللافت هنا أن كل رواية تناقض الثانية وتدحضها، إذ لو كان الإسرائيليون واثقين من قدرات «الشبح» التي يمتلكونها في إنجاز هذه المهمة، لما تأخروا لحظة واحدة عن تجريب هذا الخيار، وهم الذين سبق لهم أن لفقوا مبررات عديدة للاعتداء على السيادة السورية، فكيف الأمر وقد امتلكت سورية سلاحاً جديداً بإمكانه رسم معادلات جديدة في المنطقة وترسيخ قواعد اشتباك لا تطيقها إسرائيل ولا ترغب بها.
 في حين لو كانت الرواية الثانية صحيحة ويثقون بها، أي عدم قدرة رجال الدفاع الجوي السوري على تفعيل هذه المنظومة الدفاعية الجديدة نتيجة نقص في التدريب أو عدم امتلاكهم الخبرة المطلوبة لذلك، لما تلكأت إسرائيل لحظة واحدة في إرسال طائراتها من أجل الإغارة على مواقع نشر المنظومة لتدميرها، وهي التي سبق أن أغارت على أهداف أقل قيمة وأهمية وبما لا يقاس من ذلك، الأمر الذي يكشف مدى ارتباك وكذب المستويين السياسي والإعلامي في إسرائيل وتخوفهما من قدرة هذا السلاح الجديد ـ وهو سلاح دفاعي بالمناسبة ـ على ردع الاعتداءات الإسرائيلية وقطع الذراع الطويلة التي لطالما تباهى حكام تل أبيب بامتلاكها واستعمالها للعدوان والإرهاب على امتداد المنطقة، في ظل اختلال موازين القوة العسكرية لصالح الصهاينة في العقود الماضية نتيجة الدعم الأميركي والغربي غير المحدود.
 باختصار يمكن القول إن إسرائيل وقعت في فخ مغامراتها الحمقاء في سورية ودفعت الأمور باتجاه الأسوأ مع روسيا ومن غير المتوقع أن تعود العلاقات بين موسكو وتل أبيب إلى سابق عهدها دون ثمن تدفعه الأخيرة ويحدده سيد الكرملين، كما أن إسرائيل وضعت نفسها أمام خيارات معقدة في المنطقة من الصعب تجريبها والركون لنتائج تجربتها، لأن سورية التي اقتربت من نهاية حرب السبع سنوات ونيف وأوشكت على إنجاز انتصارها الشامل على الجماعات الإرهابية، وإلى جانبها حلفاؤها في محور المقاومة بإمكانات عسكرية وتسليحية ومعنوية وقدرات وخبرات جديدة تم اكتسابها، قادرة على تصفية الحساب مع الكيان المجرم الذي استغل انشغالها في محاربة الارهاب لتحصيل بعض المكاسب السياسية والأمنية والعسكرية معتقداً وواهماً أن بإمكانه الاستمرار في احتلال الجولان السوري وممارسة العدوان متى شاء دون أن يكون هناك ثمن يدفع في النهاية، وقد جاءت صفقة الـ»اس 300» التي تسلمتها سورية مؤخرا لتعقّد حسابات العدو الاسرائيلي الاستراتيجية على مستوى المنطقة وتزيد من هواجسه الأمنية التي لطالما أشهرها في وجه المجتمع الدولي لترتد عليه وبالا في النهاية.
 من  السابق لأوانه التكهن كيف سيتصرف الإسرائيلي حيال التطورات المستجدة في سورية، ولكن انحناء نتنياهو أمام كبرياء بوتين هو من الأمور التي يمكن توقعها في الفترة القادمة، حيث بدأت لهجة الاستجداء وطلب الصفح والغفران من موسكو تطغى على المشهد الإسرائيلي، وليس الأحمق نتنياهو بأكثر غرورا وغطرسة من أردوغان الذي رأيناه منكسرا أمام بوابات الكرملين يعتذر ويعيد قراءة الواقع من جديد، وأما سورية التي لديها حساب مفتوح مع الكيان الصهيوني بسبب اعتداءاته المتكررة ودعمه للإرهاب فليست معنية إلا بالمقاومة والمواجهة والدفاع عن نفسها وردع العدوان طالما أن هناك أرضاً محتلة أو نية للعدوان عليها..وهذا ما يجب أن تفهمه إسرائيل.
الثورة – عبد الحليم سعود
التاريخ: الأربعاء 10-10-2018
رقم العدد : 16807
 
 
آخر الأخبار
مزاجية ترامب تضع أسواق النفط على "كف عفريت" اجتماع لتذليل الصعوبات في المستشفى الوطني باللاذقية متابعة جاهزية مجبل الإسفلت بطرطوس.. وضبط الإشغالات المخالفة بسوق الغمقة الحرب التجارية تدفع الذهب نحو مستويات تاريخية.. ماذا عنه محلياً؟ الرئيس الشرع يستقبل وفداً كورياً.. دمشق و سيؤل توقعان اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية الدفاع التركية تعلن القضاء على 18 مقاتلاً شمالي العراق وسوريا مخلفات النظام البائد تحصد المزيد من الأرواح متضررون من الألغام لـ"الثورة": تتواجد في مناطق كثيرة وال... تحمي حقوق المستثمرين وتخلق بيئة استثماريّة جاذبة.. دور الحوكمة في تحوّلنا إلى اقتصاد السّوق التّنافس... Arab News: تركيا تقلّص وجودها في شمالي سوريا Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم الشعير المستنبت خلال 9 أيام.. مشروع زراعي واعد يطلقه المهندس البكر في ريف إدلب برونزية لأليسار محمد في ألعاب القوى استجابة لمزارعي طرطوس.. خطّة سقاية صيفيّة