الثورة- منهل إبراهيم:
في ذكرى مجزرة الغوطة الكيماوية، نستذكر اليوم تلك اللحظات المروعة التي شهدتها غوطة دمشق في فجر 21 آب 2013، حينما قُصف المدنيون الأبرياء بالسلاح الكيميائي في هجوم أسفر عن استشهاد نحو 1450 مدنياً، بينهم أكثر من 200 طفل وامرأة، وإصابة 6 آلاف آخرين.
هذا الهجوم المأساوي، الذي وصفته المنظمات الدولية بأنه واحد من أبشع جرائم الحرب في القرن الحادي والعشرين، يظل جرحاً نازفاً في ذاكرة الثورة السورية.
ورغم مرور أعوام لا تزال العدالة غائبة، ولا يزال المسؤولون عن هذه الجريمة الفظيعة دون محاسبة، وذوو الضحايا، الذين فقدوا أحباءهم في تلك الليلة المظلمة، يستمرون في المطالبة بمحاسبة الجناة وإحقاق العدالة.
وقد أكدت تحقيقات متعددة، بما في ذلك من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مسؤولية النظام المخلوع عن هذه الهجمات، ورغم ذلك، فإن العراقيل السياسية، في مجلس الأمن الدولي، حالت دون تقديم الجناة إلى العدالة.
اليوم، وفي ظل مرور هذه السنوات الطويلة، يجب أن تكون ذكرى مجزرة الغوطة حافزاً للمجتمع الدولي لإعادة النظر في موقفه من هذه الجرائم، ويجب إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محكمة جنائية خاصة لمحاسبة جميع المتورطين في جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري.
إن العدالة والمساءلة عن الجرائم التي ارتُكبت بحق السوريين هي الأساس لتحقيق بيئة آمنة، والتي بدونها لا يمكن للنازحين واللاجئين السوريين العودة إلى وطنهم بكرامة، والمجتمع الدولي مطالب بالتحرك الفوري لإنهاء الإفلات من العقاب، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم، وتحقيق العدالة التي طال انتظارها.
ولا يمكن أن يسود السلام والعدالة في سوريا دون محاسبة حقيقية للمسؤولين عن هذه الجرائم، وهو ما يمثل خطوة ضرورية في مسار إعادة النهوض والتعافي الشامل، إذ تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن تحقيق العدالة لضحايا المجازر مطلب تاريخي، وركيزة أساسية لأي عملية مصالحة وطنية مستقبلية تضمن استقرار سوريا ومنع تكرار مثل هذه الجرائم، مشددةً على ضرورة أن تستند “العدالة الانتقالية في سوريا” إلى آليات قانونية واضحة، تشمل المساءلة الجنائية، وتعويض الضحايا، وكشف الحقيقة، مع ضمان محاكمات عادلة تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وخلصت الشبكة السورية إلى أن “الإفلات من العقاب لا يؤدي إلا إلى ترسيخ الاستبداد وإعادة إنتاج الأنظمة القمعية، ما يجعل تحقيق العدالة شرطاً لا غنى عنه لتأسيس دولة قائمة على سيادة القانون واحترام الحقوق الأساسية”.
لاشك أن فتح ملفات المجازر المغلقة بات ضرورة حتمية بعد سقوط النظام المخلوع في 8 ديسمبر، باعتباره خطوة أساسية في مسار العدالة الانتقالية، التي لا تتحقق إلا عبر المحاسبة، وجبر الضرر، واستعادة الحقوق، والاعتراف الرسمي بالمجزرة.