التعاون مع “حظر الكيميائية” يفتح نافذة حقيقية لتحقيق العدالة في مجزرة الغوطة

الثورة- نور جوخدار:

في الذكرى الثانية عشرة للهجوم الكيميائي على الغوطة صدحت مساجد دمشق وريفها عند صباح اليوم بالتكبيرات، إحياءً لأرواح الضحايا وتذكيراً بجريمة لم تمح من الذاكرة السورية.
وعند الثانية من فجر 21 آب 2013، استيقظت بلدات الغوطة الشرقية والغربية بينها زملكا وعربين والمعضمية على أصوات الصواريخ المنهمرة والمحملة بغاز السارين السام، والذي أسفر عن مقتل نحو 1400 شخص بينهم أكثر من 200 طفل وامرأة، إضافة إلى إصابة ما يزيد على 6000 آخرين بأعراض اختناق وإعاقات دائمة وفقاً لتقارير حقوقية، لتكون واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ الإنسانية.
بعد تحقيقات استمرت سنوات، حمّلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة والولايات المتحدة، المسؤولية لقوات النظام المخلوع عن هجوم الغوطة وهجمات أخرى بالأسلحة المحرمة دولياً، لكن النظام استمر في النفي والإنكار دون إدانته ومحاسبته في مجلس الأمن الدولي.
في 16 أيلول 2013، خلص تقرير لجنة التفتيش الأممية الصادر إلى أن غاز السارين أُطلق بواسطة صواريخ أرض-أرض، وفي توقيت مدروس بين الثانية والخامسة صباحاً، إذ درجة الحرارة وحركة الهواء تنخفض وتتحرك للأسفل باتجاه الأرض ما يضاعف عدد الضحايا.
لم تتوقف المأساة عند حدود لحظة المجزرة؛ فما زال ناجون يعانون أمراضاً مزمنة في الجهازين التنفسي والقلبي، واضطرابات نفسية، وعيوباً خلقية لدى أطفال وُلدوا لآباءٍ وأمهات تعرضوا للهجوم.
وفي تقريرها الصادر اليوم، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن “الذكرى تحلّ في مرحلة مفصلية من تاريخ سوريا، مع دخول البلاد مساراً انتقالياً يشهد التزاماً حكومياً متزايداً بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما يفتح نافذة حقيقية لتحقيق العدالة، وكشف الحقائق كاملة، وضمان محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم”.
سجّلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 1144 شخصاً اختناقاً، أي ما يعادل قرابة 76 % من إجمالي ضحايا الهجمات الكيميائية التي نفذها النظام منذ كانون الأول 2012 وحتى أيار 2019.
وتوزّعت حصيلة هذا الهجوم على النحو الآتي:
مقتل 1119 مدنياً، بينهم 99 طفلاً و194 سيدة (أنثى بالغة)، ما يثبت الاستهداف المباشر للمدنيين، إضافة إلى مقتل 25 من مقاتلي المعارضة المسلحة، كما أصيب نحو 5935 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، بأعراض تنفسية وحالات اختناق جرّاء التعرّض للغازات السامة.
عقب سقوط النظام البائد، أكدت الشَّبكة في بيانها الصادر بتاريخ 17 كانون الأول 2024 ضرورة التعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لكشف جميع مواقع الأسلحة الكيميائية المتبقية في سوريا وضمان تدميرها نهائياً، منعاً لأي استخدام مستقبلي، نظراً لما تمثله هذه الأسلحة من خطر جسيم على حياة المدنيين.
ودعت الشبكة إلى اتخاذ خطوة سيادية بالانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتقديم إعلان بموجب المادة 12(3) يَقبل اختصاص المحكمة على الجرائم المرتكبة في سوريا منذ 1 آذار 2011، بما في ذلك جرائم استخدام الأسلحة الكيميائية، على أن يُستكمَل ذلك بإصدار تشريع وطني يدمج الجرائم الدولية (جرائم الحرب، الجرائم ضدّ الإنسانية، جريمة الإبادة) في المنظومة القانونية الداخلية، ويؤسِّس مكتباً وطنياً للتعاون القضائي الدولي يتولى حفظ الأدلة والأرشيفات ذات الصلة، وتزويد الآليات الدولية بما يلزم، وحماية الشهود والضحايا، وتنسيق طلبات التسليم والمساعدة القانونية المتبادلة.
وأيضاً تعويض الضحايا وإعادة التأهيل( تطوير برامج شاملة للتعويض المادي والمعنوي، تشمل العلاج الطبي المتخصص والدعم النفسي وإعادة التأهيل، ورعاية الأطفال المتأثرين، مع إنشاء قاعدة بيانات رسمية للضحايا تضمن شفافية توزيع التعويضات ومتابعة الحالات الصحية).
كذلك تعزيز التعاون الدولي ( استمرار التعاون الوثيق بين الحكومة السورية الانتقالية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية للوصول إلى الأرشيفات والمواقع ذات الصلة وتوثيق الانتهاكات، مع طلب الدعم الفني والقانوني من المجتمع الدولي لضمان متابعة التحقيقات ومحاسبة المسؤولين، وبما يحفظ سيادة الدولة ومسارها الانتقالي).
إضافة إلى  التوعية والذاكرة الوطنية (إدراج الجرائم الكيميائية ضمن المناهج التعليمية وخطط الإعلام الوطني لتعزيز الوعي بحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي، وإنشاء مراكز توثيق ومستشفى ميداني مُخصَّص للضحايا للحفاظ على سجلٍّ كامل وموثوق بالهجمات وآثارها).
وكذلك ضمان عدم التكرار( وضع استراتيجية وطنية للوقاية تتضمن آليات للإنذار المبكر ونظاماً فعالاً لمراقبة الأسلحة وتدابير وقائية مدنية، مع تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة والتوثيق لتعزيز المساءلة على المستويين المحلي والدولي).

آخر الأخبار
قرى جوبة برغال بالقرداحة تعاني من أزمة مياه حادة "نقل وتوزيع الكهرباء" تبحث في درعا مشروع "الكهرباء الطارئ" في سوريا في ذكرى مجزرة الكيماوي .. المحامي أحمد عبد الرحمن : المحاسبة ضرورية لتحقيق العدالة تأمين الدعم اللازم في درعا للمهجرين من السويداء عندما تكون الـحوكمة خياراً.. خبير اقتصادي لـ"الثورة": ضرورة لتعزيز التنافسية والاستقرار الاقتصادي "الأشغال العامة": خطة شاملة للإعمار والتنمية في إدلب الثقافة المؤسسية وحب العمل.. رافعة بناء سوريا بعد التحرير كل شيء عشوائي حتى المعاناة.. الأسواق الشعبية في دمشق.. نقص في الخدمات وتحديات يومية تواجه المتسوقين قيمة الليرة  السورية تتحسن و الذهب إلى انخفاض مجزرة الغوطة.. العدالة الغائبة ومسار الإفلات من العقاب مستمر التعاون مع "حظر الكيميائية" يفتح نافذة حقيقية لتحقيق العدالة في مجزرة الغوطة مجلس التعاون الخليجي: مواصلة تعزيز مسارات التعاون مع سوريا  أكرم عفيف لـ"الثورة": الفطر المحاري مشروع اقتصادي ناجح وبديل غذائي منبج.. مدينة الحضارات تستعيد ذاكرتها الأثرية مجزرة الغوطة.. جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم  حين اختنق العالم بالصمت.. جريمة "الغوطة الكيماوية" جرح غائر في الذاكرة السورية كيف نحدد بوصلة الأولويات..؟ التعليم حق مشروع لا يؤجل ولا يؤطر الصفدي: نجدد وقوفنا المطلق مع سوريا ونحذر من العدوانية الإسرائيلية خبير مصرفي لـ"الثورة": العملات الرقمية أمر واقع وتحتاج لأطر تنظيمية مجزرة الغوطتين.. جريمة بلا مساءلة وذاكرة لا تموت