الثورة – لينا شلهوب:
عادت أصوات التلاميذ لتملأ أروقة مدرسة شهداء سراقب في إدلب، بعد سنوات من التهجير والمعاناة التي عاشها سكان المدينة، معلنة بداية فصل جديد من الأمل، واستعادة حق طال انتظاره في التعليم والحياة الطبيعية.
منذ ساعات الصباح الأولى، كما يقول مدير المكتب الإعلامي في وزارة التربية والتعليم حمزة حورية لـ”الثورة”: بدت المدرسة وكأنها تستيقظ من سبات طويل، أروقة مفعمة بالحركة، ووجوه صغيرة تلمع بالفرح والدهشة، الأطفال الذين عادوا مع أسرهم إلى بيوتهم بعد سنوات النزوح، وقفوا في طابور منظّم لتسلّم كتبهم المدرسية، في مشهد مؤثر امتزجت فيه مشاعر الفرح بالحنين.
وأضاف: لم يكن اليوم عادياً، وبحسب القائمين على المدرسة، فإن عودة هذا العدد من الطلاب دفعة واحدة تمثّل حدثاً طال انتظاره.
ويقول أحد المعلمين: لم نكن نتخيّل أن نرى طلابنا هنا مجدداً بهذه السرعة، فعودتهم تعني أن الحياة بدأت تدب في المدينة من جديد، فيما عمل الكادر الإداري والتعليمي في المدرسة منذ أيام على تجهيز القاعات، وتنظيم عملية توزيع الكتب بشكل يضمن وصولها إلى جميع المراحل الدراسية، كما تم تقسيم الطلاب إلى مجموعات صغيرة لتسهيل التوزيع، مع الحرص على استقبالهم بترحيب خاص يخفف عنهم رهبة العودة بعد انقطاع طويل.
وفي لفتة إنسانية مؤثرة، خصّصت الإدارة زوايا داخل المدرسة لتقديم دعم نفسي للأطفال، بهدف مساعدتهم على تجاوز آثار الحرب والنزوح، ولفتت إحدى المعلمات قائلة: نحن لا نوزع كتباً فقط، بل نعيد بناء الثقة والأمان في نفوس هؤلاء الصغار، إذ كثيرون منهم فقدوا أصدقاءهم أو منازلهم، ووجودهم هنا خطوة كبيرة نحو الشفاء.
أما الأهالي، فقد بدت مشاعرهم مزيجاً من الفخر والحنين، حيث أشار أحد أولياء الأمور العائدين بالقول: لم أتخيل أن أرى ابني يدخل هذه المدرسة من جديد، هذا اليوم بالنسبة لنا بداية حياة جديدة، ويضيف: صوت الجرس اليوم أعاد لنا ذكريات الزمن الجميل.
كما تطرق حورية إلى إن عودة التعليم إلى سراقب تمثل أكثر من مجرد حدث مدرسي، فهي دليل على قدرة المدينة على النهوض رغم الجراح، ورسالة واضحة أن الأمل لا يموت، فالتعليم كان ولايزال ركيزة أساسية لإعادة بناء المجتمع، واستعادة الاستقرار، مؤكداً أن المدرسة اليوم أصبحت رمزاً لصمود المدينة وأهلها، وأن رؤية الأطفال يحملون كتبهم من جديد تعني أن المستقبل بدأ فعلاً يكتب فصلاً جديداً في حياة سراقب.