محليات
الثورة – علا محمد :
تشهد سوق صيانة الأعطال المنزلية في دمشق وريفها ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، وسط غياب آليات واضحة لتحديد أجور العمل أو ضبط ممارسات بعض الحرفيين، الأمر الذي يضع الأسر أمام تكاليف متزايدة وعمليات إصلاح غير مضمونة الجودة، خاصة في ظل اتساع المهن الحرة غير المنتسبة للتنظيم الحرفي ولا تخضع لرقابة مهنية أو تسعيرة رسمية.
وفي هذا السياق، تقول السيدة رنا العلي لصحيفة “الثورة” إن إصلاح عطل بسيط في غسالتها تجاوز 100 ألف ليرة رغم بساطة العمل، لتكتشف لاحقاً أن بعض القطع التي استبدلها العامل كانت ما تزال صالحة.
كما يروي فادي المصري أنه دفع مبلغاً كبيراً لقاء إصلاح تماس كهربائي بسيط بعد أن قام العامل بتبديل قطعة زهيدة الثمن، وتؤكد هبة السلوم أن “غياب التسعيرة الواضحة يجعل كل إصلاح مغامرة مالية جديدة”، مشيرة إلى أن المواطن لا يملك مرجعاً مهنياً يلجأ إليه عند حدوث أي استغلال.
وتشير هذه الشهادات إلى وجود واقع يتكرر في مختلف أحياء دمشق، حيث يفرض الحرفي أجره وفق تقديره الشخصي، ويقدم الخدمة من دون ضوابط مهنية أو ضمان يضمن جودة العمل.
عشوائية في التنفيذ وغياب للخبرة الفنية
أوضح رئيس الجمعية الحرفية للكهرباء والإلكترونيات في دمشق وريفها، المهندس محمد الريحاني، أن عدداً كبيراً من العاملين في التمديدات الكهربائية لا يمتلكون خبرة كافية أو شهادات مهنية، ولا يلتزمون بالمعايير الفنية المعروفة، ما يؤدي إلى تنفيذ اعتباطي وزيادة احتمالات الأعطال.
واعتبر الريحاني أن انهيار قيمة الليرة السورية جعل “حساب التكلفة بالنقطة” غير عملي، ما أدى إلى نشوء تسعيرات عشوائية تتراوح بين 18 و35 ألف ليرة وربما أكثر، تبعاً لتقدير كل عامل.
وأكد أن ضبط القطاع يتطلب انتساباً إلزامياً للجمعية، وإجراء اختبارات مهنية وشهادات خبرة، مع خطة لإنشاء مركز تدريب يرفع مستوى الكفاءة المهنية.
خطة لاستقطاب العاملين خارج التنظيم
وفي تعليقه على تلك المشكلات، أكد رئيس اتحاد الحرفيين في دمشق وريفها والقنيطرة، المهندس محمد خالد تركماني، في تصريح لـ”الثورة” أن مهن صيانة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والطاقة المتجددة موجودة ضمن جمعية الكهرباء التابعة للتنظيم الحرفي.
لكن تركماني أشار إلى أن سنوات الترهل وضعف العمل التنظيمي في عهد النظام المخلوع، أثرت في جودة الأداء وأدت إلى اتساع شريحة الحرفيين العاملين خارج الإطار النظامي.
وكشف تركماني عن خطة يجري تنفيذها حالياً لاستقطاب العاملين غير المنتسبين وإعادة ضبط المهن، موضحاً أن الاتحاد يعمل على إعداد سقوف سعرية بالتنسيق مع الجهات الرسمية، وربطها بأنظمة الضرائب والضمان الصحي، بما يحقق توازناً بين حقوق الحرفي وحماية المستهلك.
وأضاف أن الاتحاد يعول على التنسيق مع الجهات الرقابية لضبط أي مخالفة، مؤكداً أن تطوير القوانين أصبح ضرورة ملحة، لا سيما أن المرسوم 250 لعام 1969 لم يعد ملائماً لواقع الحرف اليوم، مؤكداً وجود ورشة عمل على مستوى الاتحاد العام لإعادة دراسة الثغرات ووضع مقترحات تحديث.
كما كشف عن خطط لإنشاء مراكز تدريب مهنية عالية المستوى تمنح الحرفيين تأهيلاً فنياً يحد من العشوائية، ويعزز ثقة المواطن بالخدمات المقدمة.
خلاصة القول، تجمع آراء المواطنين والجهات الحرفية على أن غياب الضوابط القانونية والمهنية هو العامل الأبرز في ارتفاع تكاليف الصيانة، فالمهنة رغم أهميتها اليومية، ما تزال تعمل إلى حد كبير خارج أي إطار تنظيمي، ما يجعل المواطن عرضة لاستغلال بعض العاملين ويلحق أذى بسمعة الحرفة ذاتها.