التدريبات الإسرائيلية في الجنوب.. هل يضيّع نتنياهو فرصة الاتفاق الأمني؟

الثورة – راغب العطية : 

تنطلق سوريا في مقاربتها للتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي في هذه الفترة الحساسة التي تمر بها البلاد، بعد أقل من سنة من سقوط النظام المخلوع، من منطلق حرصها على تأمين الاستقرار الداخلي القائم على وحدة الشعب والأرض، وتعتمد في ذلك مزيجاً من الصبر الاستراتيجي والتفاوض، وتهدف من خلاله إلى تحقيق استقرار داخلي وإقليمي عبر منع المواجهة المباشرة مع جيش الاحتلال، وفي الوقت نفسه منع فرض واقع جديد من قبل الأخير على الأرض.

وتهدف المقاربة السورية الجديدة إلى وقف الاعتداءات والتدخلات الإسرائيلية في الجنوب، وضبط قواعد الاشتباك عبر اتفاق أمني محدود، يأتي جزءا من معادلة أشمل لاستعادة الاستقرار. ويبرز ملف الجولان السوري المحتل والتوغلات الإسرائيلية الأخيرة في مناطق مثل القنيطرة وجبل الشيخ كعقبات رئيسية أمام أي تقارب محتمل، وتعمل سوريا على مسارات مختلفة، بما في ذلك التواصل مع القوى الإقليمية والدولية (مثل الولايات المتحدة الأميركية) لوقف العدوانية الإسرائيلية وحفظ الأمن والاستقرار، وخاصة بعد إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس الاثنين تدريبات عسكرية في مرتفعات الجولان السوري المحتل تستمر لمدة يومين تحت حجج واهية.

ويمكن قراءة تزامن التدريبات الإسرائيلية مع التحركات السياسية في أكثر من مكان في إطار خشية الاحتلال من الدور الذي قد تلعبه سوريا عبر تحالفاتها الجديدة، وخاصة مع الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي يجعل إسرائيل تعمل من أجل منع تطور العلاقة بين دمشق وواشنطن، لأن أي تحول جيوسياسي في موقع سوريا سيغير معادلات المنطقة كلها، وقد يفقد إسرائيل الكثير من الأدوار التقليدية التي كانت تلعبها في الشرق الأوسط.

نحن لا نذهب إلى سلام بأي ثمن

ويختصر كلام وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، الموقف الوطني السوري بتأكيده على الثوابت الوطنية، فقوله: “نحن لا نذهب إلى سلام بأي ثمن.. لن نوقع أي اتفاق أمني بينما تحتل أرضنا.. وأن الشرط هو الانسحاب الكامل إلى خط 7 كانون الأول/ديسمبر 2024″، يدل على أن الدولة السورية لا تخضع للابتزاز ولا للضغوط التي يحاول الاحتلال أن يدفع بها، بما فيها المناورات الجارية حاليا في الجولان السوري المحتل. وقال الشيباني: “اليوم تفرض واقعاً وتريد التوصل إلى اتفاق لاحقاً، لا نريد في تلك الحالة اتفاقاً، ولتبقى الأمور معلقة وتبقى غير قانونية، أما أن نتفق ونوقع اتفاقاً وهو موجود يحتل أراضي جديدة فهذا أمر يستحيل أن نفعله، فالشرط الأساسي بالنسبة إلينا هو الانسحاب، وهذا أصلاً هو جوهر الاتفاق. نحن نركز على إعادة بناء سوريا بعيداً عن أي شيء، مشيراً إلى أن أي حالة أمنية أو اختراق أمني في الجنوب قد يحصل ستُلام فيه الحكومة السورية ولن يلام فيه أحد آخر، ونحن نرى أن هناك أيضاً فرصة لإسرائيل، إذ توجد حكومة جريئة تتحدث علنا أنها تتفاوض مع إسرائيل، وتتحدث علنا أننا نريد اتفاقاً أمنياً، وتتحدث علناً بعيداً عن حركات النظام التي كان يقوم بها”.

ويرى المراقبون للمشهد الإقليمي أن سوريا تنظر إلى ملف إسرائيل كجزء من رؤية شاملة تهدف إلى إعادة تموضع الدولة في محيطها الإقليمي والدولي، وتمكينها من إدارة التحديات بما يخدم مصالحها الاستراتيجية بعيداً عن التوترات.

الموقف التفاوضي الإسرائيلي

يقول الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية المهندس، باسل كويفي، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يحاول استخدام هذه المناورات العسكرية في مرتفعات الجولان السوري المحتل كأداة ضغط عسكرية في لحظة سياسية بالغة الحساسية، بهدف تعزيز الموقف التفاوضي لإسرائيل في المفاوضات الأمنية المتعثرة مع سوريا، فالتوقيت والسياق المباشر لهذه المناورات، والأهداف المعلنة وغير المعلنة، تعكس الأهداف الإسرائيلية العدوانية. ولفت كويفي في تصريح لصحيفة “الثورة السورية”: إلى أنه على الرغم من أن الهدف المعلن من الجانب الإسرائيلي هو اختبار وتحسين جاهزية القوات (الفرقة 210) لمجموعة واسعة من السيناريوهات الطارئة، بما في ذلك سيناريو الحرب، فإن هذه المناورات تأتي في ظل تعثر المفاوضات للتوصل إلى اتفاق أمني، ورفض إسرائيل الانسحاب من المناطق التي توغلت فيها بعد 7 كانون الأول/ديسمبر 2024 إلا في إطار اتفاق سلام شامل.

وحول تأثير هذه المناورات إلى جانب التوغلات المتكررة على المسار التفاوضي، قال الباحث في الشؤون السياسية: إنها تؤثر بشكل سلبي وتعرقل المفاوضات، حيث تتفاعل هذه التحركات العسكرية مع عملية التفاوض بطرق معقدة، ويمكن قراءة تأثيراتها المحتملة كأداة للضغط التفاوضي، فليس صدفة تزامن المناورات مع تعثر المفاوضات، فهي أداة ضغط عسكرية واضحة يحاول الاحتلال من خلالها دفع سوريا نحو قبول الشروط الأمنية الإسرائيلية، التي تركز على إقامة مناطق عازلة منزوعة السلاح في الجنوب السوري، وضمان ألا يصبح هذا الإقليم مصدراً لأي تهديدات.

وقال كويفي: إنه “من المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة التوتر وتعطيل التقدم في المحادثات على المدى القصير، إذ إن تصعيد الخطاب العسكري الإسرائيلي يجعل من الصعب على الجانب السوري تقديم مرونة سياسية قد تقرأ كأنها استجابة للضغط العسكري المباشر”، مشيراً إلى أن تصريحات وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في هذا الخصوص تؤكد أن الاتفاقية الأمنية (فك الاشتباك عام 1974) في حال تنفيذها مع تعديلات طفيفة ستكون مؤقتة ولن تكون نهائية.

ويختصر كلام وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اليوم، خلال مشاركته في نقاش ضمن منتدى برلين للسياسة الخارجية، المواقف العربية والإقليمية الرافضة لسياسات نتنياهو التصعيدية في المنطقة، مؤكداً أن الموقف الإسرائيلي لا يتوافق مع توجه الولايات المتحدة ولا مع موقف المجتمع الدولي تجاه ضرورة تحقيق الاستقرار في سوريا. وأشار الصفدي إلى أن نتنياهو يفتعل أزمات مع أطراف متعددة وليس مع سوريا فقط، مؤكداً دعم الأردن لأهداف سوريا في تحقيق الاستقرار والسيادة والاستقلال.

آخر الأخبار
التدريبات الإسرائيلية في الجنوب.. هل يضيّع نتنياهو فرصة الاتفاق الأمني؟ الأسواق الشعبية في دمشق بين الحاجة الاقتصادية وتحديات الرقابة وفد من "المركزي" يزور معهد الدراسات المصرفية وأكاديمية الفنتك الأردنية طرح العملة السورية الجديدة بين متطلبات الإصلاح النقدي وتحدّيات التطبيق 59 بالمئة من الشبكة الحديدية خارج الخدمة.. وخطط لتأهيل محور الفوسفات وإعادة الربط الإقليمي رفع الوعي والتمكين الاقتصادي.. لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي  انطلاق مؤتمر ريادة الأعمال العالمي في درعا.. وتأكيد على دور الشباب في التنمية وفد وزارة الإعلام السورية يشارك في انطلاق أعمال اللجنة الدائمة للإعلام العربي بالقاهرة مطار دمشق.. 90 ألف فرصة عمل تزرع الأمل في المجتمع السوري قوات الاحتلال الإسرائيلي تمنع أهالي الحميدية من صيانة خط ضخ المياه الرئيسي "موصياد" التركية تختتم برنامج الاستثمار والتعاون لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع سوريا الدورة الأولى لمهرجان ضاحية الشام.. حضور جيد وملاحظات على الأسعار والعروض الرئيس أحمد الشرع يستقبل وفداً من "الكونغرس" الأميركي في دمشق الطاقة البديلة تتقدم في سوريا.. ارتفاع أسعار الكهرباء يسرّع التحول قطاع الأقمشة يواجه تحديات جمركية ويطالب بحماية المنتج المحلي بطاقة 1.2 مليون طن.. معمل فوسفات حمص يستأنف الإنتاج بعد توقف 10 سنوات ارتفاع إصابات التهاب الكبد A بعدة محافظات.. والصحة تؤكد: الوضع تحت السيطرة توسعة معبر "نصيب- جابر".. اختبار حقيقي لتعافي التجارة السورية- الأردنية رغم تراجع الكلف.. مطاعم دمشق تحافظ على أسعارها المرتفعة وتكتفي بعروض "شكلية" رماد بركان إثيوبيا يعرقل حركة الطيران ويؤدي إلى إلغاء رحلات جوية