الثورة – هناء ديب:
تشهد منظومة السكك الحديدية في سوريا خطوات متسارعة لإعادة تأهيلها وتوسيع قدرتها التشغيلية، نظراً لدورها الحيوي في دعم حركة التصدير والتوريد ونقل المواد الاستراتيجية بين المحافظات.
وفي هذا الإطار تسعى وزارة النقل، عبر المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، على تنفيذ مشاريع تطويرية تستهدف تعزيز كفاءة الشبكة واستعادة دورها في خدمة القطاعات الإنتاجية واللوجستية خلال الفترة المقبلة.
وفي الوقت الراهن، تعمل الوزارة على مشروع تأهيل وتطوير محور نقل الفوسفات من مناجم حمص باتجاه مرفأ طرطوس بهدف رفع القدرة النقلية إلى نحو 4.3 ملايين طن سنوياً، ويأتي هذا المشروع ضمن خطة أوسع لتحديث مسارات النقل السككي بالتعاون مع شركات خارجية، أبرزها شركة “دورش كونسلت” الألمانية المتخصصة في مشاريع السكك الحديدية، التي جرى عقد اجتماع معها عبر تقنية الاتصال المرئي لبحث رؤية فنية وهندسية تشمل تطوير البنية التحتية والتقنيات المستخدمة في عمليات النقل والشحن.
وتؤكد المؤسسة أن أحد أهم أولوياتها يتمثل في ضمان نقل المواد الاستراتيجية، ومنها الفيول إلى المحطات الحرارية والحبوب بين المحافظات، بما يدعم استقرار الخدمات الحيوية.
ربط تجاري إقليمي
أوضح مدير عام المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، أسامة حداد، في تصريح لصحيفة “الثورة” أن الحكومة تولي اهتماماً واسعاً للسكك الحديدية بوصفها شرياناً أساسياً يربط المرافئ بالداخل، مؤكداً وجود توجه قريب لإعادة ربط الخطوط الشمالية مع تركيا، ما سيجعل عمليات نقل مواد إعادة الإعمار أكثر سرعة وكفاءة.
وتوقع حداد أن تتجاوز نسبة مساهمة السكك الحديدية في عمليات النقل 50 بالمئة خلال فترة قصيرة نسبياً، مستنداً إلى خطط الربط الجديدة ومشاريع التأهيل الجارية، ولا سيما عبر محوري حلب- ميدان أكبس وحلب- الراعي، مؤكداً أن إعادة الربط الإقليمي ستسهم في استعادة الدور التجاري لمدينة حلب، التي كانت تصدّر ما يقارب مليون طن سنوياً قبل توقف الخطوط.
وفي إطار توسيع التعاون الدولي، تم توقيع مذكرة تفاهم في تشرين الأول الماضي مع شركة “اتحاد المستقبل” القطرية لتعزيز التعاون في مجال النقل السككي، وتشمل المذكرة تبادل الخبرات، وتطوير وتشغيل مشاريع السكك الحديدية، ودراسة إنشاء خطوط جديدة، إضافة إلى إمكانية توريد قطارات حديثة.
تحديات تشغيلية كبيرة
تشير بيانات المؤسسة إلى أن طول الشبكة الحديدية يبلغ 2552 كم، منها 1500 كم خارج الخدمة حالياً، وتشمل خطوطاً أساسية مثل حلب- اللاذقية، حلب- الرقة، حلب- الراعي، وحلب- ميدان أكبس، فيما تمتلك المؤسسة خمس قاطرات جر فقط يعود تاريخ تصنيعها بين عامي 1970 و1985، إضافة إلى مجموعة قطار ركاب واحدة تعود لعام 2007.
ويبين حداد أن القاطرات العاملة لا تتجاوز 20 بالمئة من الطاقة التشغيلية الكاملة بسبب الأضرار التي لحقت بالأسطول والشبكة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي يحدّ من فرص وضع برنامج صيانة شامل قبل استكمال التوريدات أو الانتهاء من صيانة المجموعات المتضررة.
وأوضح أن الرحلة بين حلب ودمشق تستغرق حالياً نحو 5 إلى 6 ساعات بقدرة نقل تصل إلى 250 راكباً للمجموعة الواحدة، وأن السرعة الفعلية لا تتجاوز 90 كم/ساعة رغم أن السرعة التصميمية تبلغ 120 كم/ساعة.
خطط استراتيجية للتطوير
تعمل المؤسسة على وضع خطط استراتيجية لتطوير البنى التحتية ورفد الأسطول بقاطرات ذات سرعات تصل إلى 250 كم/ساعة، إلا أن تقدير التكلفة الإجمالية ما يزال مرهوناً بجاهزية الخطوط والمحطات والمجموعات الفنية، ما يتطلب استكمال عدد من الدراسات قبل تحديد الموازنة اللازمة بدقة.
ويبلغ عدد العاملين في المؤسسة نحو 4300 موظف، وهو رقم تراه المؤسسة كافياً في حال التشغيل الكامل للشبكة، كما تعمل الإدارة على تنفيذ سياسة تحفيز للعمالة الفنية وتوفير المواد اللازمة لعمليات الصيانة محلياً، وقد أظهرت هذه الإجراءات -وفق حداد- نتائج إيجابية في المشاريع المنجزة رغم التحديات الفنية واللوجستية.