الثورة – لينا إسماعيل:
شهدت عدة محافظات سورية ارتفاعاً في حالات التهاب الكبد الوبائي A، ولا سيما بين الأطفال واليافعين، ما أثار مخاوف الأهالي من اتساع رقعة الإصابات، فيما أكدت وزارة الصحة أن الوضع لا يزال ضمن الحدود الموسمية، وأن أدوات الترصد الميداني تعمل بكفاءة لمتابعة أي زيادة.
وفي محافظة درعا، سجلت زيادة في عدد الإصابات خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، إلا أن مسؤول الرعاية في مديرية الصحة، الدكتور يعرب الزعبي، أوضح لـ”الثورة” أن الأعداد لم تتجاوز المعدل السنوي المعتاد وفق تقارير الترصد الميداني.
وينطبق الأمر ذاته على محافظة حلب، التي رُصد فيها ارتفاع، لكنه بقي -حسب البيانات الرسمية- ضمن الإطار الموسمي الطبيعي.
وبحسب ما أوضح مدير الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة، ياسر الفروح، في تصريح لـ”الثورة”، تم تسجيل 35 ألفاً و845 إصابةً على مستوى البلاد منذ بداية العام، منها: 1980 حالةً في درعا بينها 345 حالةً خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، و1849 حالةً في حلب.
ويؤكد الفروح أن هذه الأرقام تدل على زيادة موسمية مرتبطة بظروف المياه والنظافة، ولا تشير إلى انتشار وبائي واسع.
عوامل ميدانية أسهمت في ارتفاع الإصابات
أظهرت جولات “الثورة” وشهادات الأهالي وجود مجموعة من العوامل التي رفعت معدل الإصابات، أبرزها تلوث مصادر المياه، إذ يعتمد السكان في بعض الأرياف على مياه الآبار الخاصة والصهاريج من دون إجراء فحوص أو رقابة صحية عليها.
كما أن السلوكيات المدرسية غير آمنة، تعتبر من ضمن العوامل التي أسهمت في زيادة حالات التهاب الكبد، إذ تقول المعلمة حسناء عفاش: إن مشاركة الطلاب لأدوات الطعام والشرب أسهمت بنقل العدوى فيما بينهم، ما دفع مديريات التربية لتعليق الدوام في عدد من مدارس اللاذقية لعدة أيام.
وفي الحسينية بريف دمشق، تؤكد المعلمة روان إبراهيم أن غياب وعي الأهالي بضرورة إبقاء الطفل في المنزل عند ظهور الأعراض لأن ذلك يزيد من انتقال العدوى داخل الصفوف.
وفي مناطق أخرى مثل قرية خربة الورد بريف دمشق، أدى لجوء بعض السكان إلى تخزين المياه لفترات طويلة بسبب ضعف الإمداد، إلى حدوث تلوث بكتيري وفيروسي وظهور بعض حالات التهاب الكبد.
خطة حكومية للحد من انتشار المرض
أطلقت وزارة الصحة خطة للحد من انتشار المرض شملت تعزيز نظام الترصد الوبائي ورفع حساسيته في المناطق التي شهدت زيادة في الإصابات، إضافة إلى جمع عينات من مصادر المياه للتأكد من سلامتها، وذلك بالتوازي مع تنفيذ جلسات توعية داخل المدارس، وتوزيع أقراص الكلور لتعقيم المياه، كما تم تنشيط فرق التقصي والاستجابة السريعة ومتابعة الحالات مخبرياً وفق البروتوكولات الوطنية المعتمدة.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور ياسر الفروح، أن الحديث عن انتشار التهاب الكبد الوبائي تزايد خلال الأيام الماضية، إلا أن الوضع لا يزال تحت المراقبة الدقيقة، مشيراً إلى أن الحالات المسجلة لم تتجاوز المعدلات السنوية المعتادة، وأن فرق الترصد قامت بالتحقق من جميع البلاغات الواردة.
وشدد الفروح على أن الإجراءات المتخذة تهدف إلى الاستجابة المبكرة ومنع أي توسع محتمل في الانتشار، وأن أي زيادة تُرصد تخضع فوراً للتقصي الميداني، مؤكداً أن الوزارة تعتمد آليات مراقبة فعالة تضمن دقة البيانات وسلامة إجراءات المتابعة.
توصيات للمواطنين والمدارس
دعت وزارة الصحة الأهالي والمدارس إلى الالتزام بالتوصيات الوقائية، مؤكدة أن هذه الإجراءات قادرة على خفض معدل الانتشار بشكل ملموس، وفي مقدمتها:
– عدم مشاركة زجاجات المياه وأدوات الطعام.
– غسل اليدين جيداً وبشكل منتظم.
– غلي المياه أو تعقيمها عند الشك بالمصدر.
– غسل الخضار والفواكه قبل تناولها.
– تعزيز النظافة في الصفوف والمرافق المدرسية.
ورغم الزيادة المسجلة في الإصابات، تشير البيانات الرسمية وشهادات الميدان إلى أن الوضع ما زال تحت السيطرة، وأن الارتفاع الحالي يرتبط بالعوامل البيئية والمائية أكثر مما يشير إلى تفشٍّ وبائي كبير، ومع ذلك، تبقى سلامة المياه والنظافة المدرسية محورين أساسيين في منع توسع الإصابات، خصوصاً في المناطق التي تعتمد على مصادر مياه بديلة أو تخزين طويل.