الثورة – ميساء العلي
في خطوة تحمل أبعاداً تتجاوز تحديث البوابة الجوية لسوريا، وتؤشر إلى عودة البلاد إلى خارطة الاستثمار الإقليمي والدولي، وقعت الهيئة العامة للطيران المدني الاتفاقيات النهائية لتطوير وتشغيل مطار دمشق الدولي مع تحالف دولي تقوده شركة “أورباكون” بتمويل يبلغ أربعة مليارات دولار.
الاتفاقية التي تُعد “أكبر استثمار في تاريخ سوريا” تفتح الباب أمام تحول المطار إلى مركز إقليمي قادر على استيعاب 31 مليون مسافر سنوياً، وسط مؤشرات اقتصادية يعتبرها خبراء نقطة انعطاف في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار.
ويقول المحلل الاقتصادي شادي سليمان، لصحيفة “الثورة”، إن هذا الاستثمار يُعد مشروعاً تنموياً واقتصادياً مهماً، سيحوّل مطار دمشق الدولي إلى رافعة استراتيجية للتنمية الاقتصادية المستقبلية، وستكون دمشق من خلاله مركزاً جوياً إقليمياً مهماً.
وهذا سيزيد من الإيرادات عبر رسوم الخدمات والتشغيل، ما يخفف الضغط عن موازنة الدولة باعتباره مورداً جديداً مهماً.
وأضاف سليمان أن هذا التطوير والتوسع في مطار دمشق الدولي، خاصة مع الكلفة الضخمة للاستثمار، سيظهر أثره الأكبر في تشغيل وإيجاد فرص عمل يُتوقع أن تصل إلى نحو 90 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

استثمار دولي
يرى سليمان أن دخول مستثمرين دوليين من شأنه أن يحوّل مطار دمشق الدولي إلى بوابة اقتصادية جوية إقليمية ودولية، الأمر الذي سيعزز توافد السياح بعد العزلة الطويلة في عهد النظام المخلوع، وبالتالي إحياء الحركة السياحية من جديد، بما ينعكس إيجاباً على تدفق العملة الأجنبية ودعم خزينة الدولة.
وأشار إلى أن هذه الشراكة الدولية ستعيد فتح الاقتصاد السوري أمام الاستثمارات العربية والأجنبية، خصوصاً في قطاع البنية التحتية الحيوية، كما ستسهم في دفع عجلة التعافي الاقتصادي في سوريا، وهي أيضاً مؤشر على عودة الثقة بالاستثمار في البلاد بعد رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا عقب التحرير.
وربط سليمان نجاح هذا المشروع الضخم، بإدارته “بذكاء” لتجنب المخاطر وضمان استدامته على المدى الطويل، وذلك من خلال ربط البنية التحتية الجوية بخطط أوسع لإعادة الإعمار والنمو.
مراحل التطوير
باشرت شركات التحالف أعمال تطوير مبنى الركاب الجديد (تيرمنال 2) وفق خطة تنفيذ متسارعة، إضافة إلى تحسين المنطقة المحيطة بالمطار ورفع جاهزيته التشغيلية، كما تتواصل أعمال تأهيل الطريق الرئيسي المؤدي إلى المطار لضمان سهولة الوصول وتيسير الحركة الجوية.
ويُصمَّم المشروع بإشراف شركة “هيسكو” العالمية، التي تضم فريقاً هندسياً من نخبة المهندسين العالميين، من بينهم فريق تابع لشركة “زها حديد” العالمية، ما يضفي على المشروع طابعاً معمارياً عصرياً ومتوافقاً مع المعايير الدولية.
ومن المقرر تشغيل مبنى الركاب الجديد “تيرمنال 2” قبل موسم الحج القادم، بعد استكمال التجهيزات التشغيلية واللوجستية وأنظمة الأمن والملاحة والمناولة وخدمة تزويد الطائرات بالوقود.
وسيكون تطوير مبنى الركاب “تيرمنال 1” وإعادة تصميم مرافقه الداخلية والخدمية خطوة أساسية لرفع الطاقة الاستيعابية للمطار إلى ستة ملايين مسافر سنوياً بنهاية عام 2026.
وتنص الاتفاقية على إنشاء “تيرمنال 3” وفق أعلى المعايير الدولية المعتمدة من منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) والاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، بقدرة تشغيلية تصل إلى 32 بوابة مزودة بجسور عبور حديثة، وسوق حرة عالمية تضم مطاعم ومقاهي وعلامات تجارية دولية، لترتفع الطاقة الاستيعابية في نهاية المشروع إلى 31 مليون مسافر سنوياً، ليصبح المطار مركزاً إقليمياً متكاملاً.
وتتضمن الاتفاقية أيضاً إنشاء فندق خمس نجوم ضمن منطقة المطار لتلبية احتياجات المسافرين وشركات الطيران وتعزيز تجربة الضيافة المتكاملة، إضافة إلى تمويل مخصص لشراء طائرات بقيمة 250 مليون دولار لدعم أسطول الطيران وتعزيز القدرة التشغيلية على المسارات الإقليمية والدولية.