خط السابع من ديسمبر 2024.. فاصل يحدد مسار العلاقات السورية الإسرائيلية

الثورة – علي إسماعيل:

لا مناطق عازلة، لا تنازل، لا اتفاق دون انسحاب؛ لاءات ثلاث قالها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في آخر مقابلة له، بنت جدارا سياسيا للموقف السوري من العلاقة مع إسرائيل، لا يفتح بابه إلا بحل هذه اللاءات وتحويلها إلى الإيجاب والقبول.

الوزير الشيباني حسم اتجاه مسار العلاقة مع إسرائيل بشرط انسحابها من الأراضي السورية التي احتلتها بعد التحرير، وقال في حديث لـ”المجلة” في لقاء خاص بالعاصمة البريطانية لندن: “نحن لا نذهب إلى سلام بأي ثمن، لن نوقع أي اتفاق بينما تحتل أرضنا، الشرط واضح: انسحاب كامل إلى خط 7 كانون الأول/ديسمبر 2024، إن أرادوا اتفاقا، فليعودوا إلى الحدود، غير ذلك لا يوجد اتفاق… ولا تنازل”.

في المقابل، أعلنت إسرائيل وصول المفاوضات مع سوريا إلى “طريق مسدود” بعد رفضها المطالب السورية بالانسحاب من جميع النقاط التي احتلتها بعد كانون الأول 2024. وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن “إسرائيل ستنسحب من بعض هذه النقاط فقط مقابل اتفاق سلام شامل مع سوريا، وليس اتفاقاً أمنياً”.

سقوف الطرفين مرتفعة، ولا شيء يرشح عن الوسطاء، غير أن سوريا تحظى بدعم أممي ودولي وإقليمي، بينما خسرت إسرائيل وما تزال من رصيد صورتها الدولي منذ الحرب الأخيرة على غزة وممارساتها العدوانية في المنطقة.

الاستفزازات الإسرائيلية لسوريا مستمرة، من توغلات عسكرية، وتهجير للسكان، وتجريف للأراضي الزراعية، تقابلها دمشق بعمل دبلوماسي منظم وحثيث لمواجهتها.ومع طروحات دولية وإقليمية لوجود حلول ترضي الطرفين، والإعلان عن زيارة وفد عسكري سوري روسي تركي مشترك إلى الجنوب السوري، تبدي دمشق انفتاحا على الحوار والتعاون بما يضمن الحقوق ويرسخ الاستقرار.

الموقف السوري الصلب

ينطلق الموقف السوري في مقارباته السياسية للقضايا الوطنية من منظور المصلحة العليا للشعب السوري؛ فالحسم في المواقف الوطنية، والصلابة في الثبات عليها، أمر ضروري في استرجاع الحقوق وتحقيق الأهداف المطلوبة.

وزير الخارجية السوري أشار إلى ضرورة الانسحاب الإسرائيلي قبل أي اتفاق، نافياً ما تردد في وسائل الإعلام عن مناطق عازلة، ومتوقعاً إبرام اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل استنادا إلى اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 مع تغيير طفيف.

وأكد الوزير الشيباني وجوب العودة إلى حدود السابع من كانون الأول/ديسمبر وإنجاز اتفاق أمني، ومعالجة الهواجس الأمنية لإسرائيل مهما كانت، لأن سوريا بصدد إعادة بناء دولتها بعيدا عن أي شيء.وحول طروحات المناطق الثلاث محدودة السلاح، أجاب الوزير الشيباني أن هذه المناطق ستكون مؤقتة وليست نهائية، وهي بهدف بناء الثقة.

وأجاب بالنص الحرفي كما نشرته مجلة “المجلة” أنه “كان هناك تحديداً في 1974، فهناك مناطق لن تكون القوات العسكرية موجودة فيها، في منطقة معينة تكون هناك شرطة ومخافر، ثم تكون هناك قوة عسكرية، وما إلى ذلك، تقريباً هو نفس الاتفاق وهناك تغيير طفيف عليه، أما أن ننسف الـ 74 كله، ونجلب اتفاقا جديدا، هذا الأمر رفضناه صراحة، غير مطروح لأن هناك اتفاقاً معمولاً به على مدى خمسين سنة، وكذلك تم تبنيه من قبل مجلس الأمن.

الآن كيف سأجلب اتفاق 2025 وأوثقه بمجلس الأمن؟ لا داعي بصراحة لهذا الموضوع. وثانياً، موضوع استغلال الوضع الحالي للحكومة السورية واحتلال أراض جديدة لا نوافق عليه”.

وحول اتفاقية السلام الشامل، أكد الوزير الشيباني أن الموقف الرسمي السوري يتمثل في أن السلام الشامل يأتي بعد الاتفاق الأمني، مشيراً إلى أن موضوع الجولان سيكون هو الأساس فيه.

وفي هذا السياق، يقول خالد خليل، الخبير في العلاقات السورية الإسرائيلية، لصحيفة “الثورة السورية”، إن ما يعكس سياسة الثبات والوضوح لدى المفاوض السوري هو الممارسات الإسرائيلية العدوانية المستمرة؛ فلو أنها حصلت على ما تريد لكانت توقفت، بل إن إسرائيل راحت أبعد من ذلك، ووصلت إلى درجة أنها باتت تستخدم شماعة الأقليات، بسبب اصطدام الشروط الإسرائيلية بموقف واضح من قبل دمشق التي لا تفاوض على حساب الحقوق.

ويشير خليل، إلى أن المفاوضات بين سوريا وإسرائيل بعد سقوط النظام المخلوع دخلت فصلاً جديداً اتسم بالوضوح مقارنة بسياسة الغموض والمقاربات المتشنجة التي اعتمدها نظام الأسد الأب والابن، والتي كانت أسيرة محاور مثل ما يسمى “محور المقاومة” الذي لم يجلب لسوريا إلا الدمار وتهديد وحدتها.

أما اليوم فهذه المفاوضات تتسم بالمباشرة، ويرتفع فيها التمثيل الدبلوماسي، حيث إن الولايات المتحدة تعد فيها راعياً رسمياً، وليس مجرد وسيط.

ويضيف خليل أن الموقف السوري كان منذ البداية واضحاً وثابتاً، وهو وقف الاعتداءات والعودة إلى اتفاق فض الاشتباك عام 1974، الذي انسحب منه نتنياهو علانية وبشكل أحادي.

بالمقابل، فإن إسرائيل تمر بحالة من التخبط وعدم الوضوح، وتمارس ازدواجية مطلقة؛ فهي من جهة تجلس على طاولة المفاوضات، ومن جهة أخرى لا تكف عن اعتداءاتها السافرة وغير المسبوقة والخطيرة جداً على سوريا بهدف خلق واقع احتلالي في الجنوب السوري، مستندة إلى ما تملكه من فائض القوة، والفراغ الأمني، وانقلاب موازين القوى في المنطقة، وزوال المشروع الإيراني، لذلك تريد إسرائيل خلق وقائع ميدانية جديدة من خلال تفوقها الإقليمي انطلاقاً من الساحة السورية.

هناك تباين كبير في سياسة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل فيما يخص الملف السوري؛ وبرأي الخبير بالشؤون الإسرائيلية، فإن واشنطن وتل أبيب تسير كل منهما في اتجاه معاكس للآخر، ونتيجة الاعتداء الإسرائيلي المتكرر خفضت واشنطن سقف توقعاتها إلى كف الاعتداءات الإسرائيلية أحادية الجانب.

وكانت مصادر أمنية إسرائيلية قد سربت في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي معلومات عن وجود خلافات بين دمشق وتل أبيب، ظهرت خلال اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وتتعلق هذه الخلافات بشكل رئيسي بمطالب سورية بانسحاب إسرائيل من المواقع التي احتلتها منذ أواخر عام 2024، والعودة إلى حدود اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974 تحت إشراف الأمم المتحدة، مع وقف انتهاك إسرائيل للأجواء السورية.

وكان الرئيس أحمد الشرع قد رد على سؤال خلال مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست” منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الجاري عما إذا كانت الدولة السورية ستوافق على نزع السلاح في المنطقة جنوب دمشق، فقال: “الحديث عن منطقة كاملة منزوعة السلاح سيكون صعبا، لأنه إذا حدث أي نوع من الفوضى، من سيحميها؟ وإذا استخدمت هذه المنطقة المنزوعة السلاح من قبل بعض الأطراف كمنصة لضرب إسرائيل، من سيكون مسؤولا عن ذلك؟”.

كذلك شدد على أنه “في نهاية المطاف، هذه أرض سورية، ويجب أن تكون لسوريا حرية التعامل مع أراضيها”. وأردف قائلاً إن إسرائيل “احتلت مرتفعات الجولان لحماية إسرائيل، والآن تفرض شروطا في الجنوب السوري لحماية الجولان. فبعد بضع سنوات، ربما تحتل وسط سوريا لحماية الجنوب السوري.. وربما ينتهي بهم الأمر في ميونيخ إذا ظلوا على هذا المسار”.

وفي 18 أيلول/سبتمبر الفائت، أكد الرئيس الشرع خلال لقاء مع صحفيين وجود مفاوضات مع إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق أمني، مؤكداً أن هذا الاتفاق يجب أن يحترم الأجواء السورية و وحدة البلاد، وأن يكون خاضعاً لرقابة الأمم المتحدة.

في المقابل، أشار وزير الخارجية السوري إلى أن “إسرائيل تعرقل بناء الدولة السورية وتؤجج العنف الطائفي”، مؤكداً أن “سوريا لا تمثل تهديداً لأحد في المنطقة بما في ذلك إسرائيل”.

وفي تموز/يوليو الماضي، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رغبة تل أبيب في إقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن إسرائيل لن تقبل التفاوض حول مستقبل الجولان في أي اتفاق سلام، فيما بدا وكأنه استباق لأي مطالب سورية محتملة بأن يستثني الاتفاق بين الجانبين تحديد مصير هضبة الجولان وترحيل هذا الملف إلى المستقبل.

السقوف الإسرائيلية المرتفعة

تحاول إسرائيل الاحتفاظ بالمكتسبات الجغرافية من خلال رفع سقف مطالبها بالانسحاب من بعض المناطق فقط مقابل اتفاق سلام شامل يكبل سوريا ويستبيح أجواءها ويفرغ جنوبها من السيادة الوطنية.

ويرى الخبير في العلاقات السورية الإسرائيلية خالد خليل أن المفاوضات وصلت إلى مراحل متقدمة، ولكن بسبب التعنت الإسرائيلي، وخاصة من قبل اليمين المتطرف المتمثل بحكومة بنيامين نتنياهو، التي تصفها دوائر القرار الغربي بأنها الحكومة الأكثر يمينية، لم تصل إلى نتائج.

و”باعتقادي أن السبب يعود إلى التباين والفجوة الكبيرة بين أهداف كل طرف”. ويتابع الخبير أن موقف المفاوض السوري واضح وثابت ويدرك ما يريد، ويتمتع بالواقعية السياسية والوضوح والمرونة والثبات، خاصة أن المفاوضات تتعلق بالترتيبات الميدانية والأمنية، ولم ترق بعد للوصول إلى المستوى السياسي، في ظل التدخلات الإسرائيلية المتكررة والمخالفة لجميع الأعراف والقوانين الدولية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اعتبر في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، أن من مصلحة سوريا التوصل إلى تفاهمات أمنية مع إسرائيل.

وفي مقابلة مع قناة إسرائيلية على منصة “تلغرام”، شدد نتنياهو على أن إسرائيل لن تفرط في أمن حدودها. وقال نتنياهو: “إسرائيل دولة قوية جداً، والترتيبات التي من شأنها منع أي احتكاكات بيننا، ستعود بالنفع على سوريا تماما كما تعود بالنفع على إسرائيل”.

وأضاف: “فيما يتعلق بزيارتي إلى المنطقة العازلة في سوريا، أردت التأكد من ألا يحصل هجوم مثلما حصل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وعند كل حدودنا، بما في ذلك سوريا، وقد كنت هناك لأتأكد من أن سياستنا بشأن ذلك تطبق”.

وكان نتنياهو في العشرين من تشرين الثاني/نوفمبر قد زار المنطقة العازلة جنوبي سوريا، برفقة عدد من وزراء حكومته، وحينها أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً أدانت فيه بشدة الزيارة التي وصفتها بغير الشرعية، مؤكدة أنها تمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية.

من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إسرائيل إلى احترام اتفاق فك الارتباط، واصفا زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى جنوب سوريا بأنها مثيرة للقلق.

ويذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، كان قد أطلق مجدداً قبل أسبوع من زيارة نتنياهو تصريحات تصعيدية، حيث أعلن في منشور على حسابه في “إكس” أن القوات الإسرائيلية “ستبقى على قمة جبل الشيخ”، الذي يشرف على دمشق وسهل البقاع اللبناني والجولان المحتل، و”المنطقة العازلة ضمن الحدود السورية”.

الدور الأميركي والموقف الدولي

واشنطن تريد إتمام الاتفاق بين سوريا وإسرائيل، خاصة أن إدارة الرئيس ترامب غيرت نظرتها لسوريا بعد التحرير، وخصوصاً بعد لقاء الرئيس الشرع بنظيره الأميركي. فواشنطن التي تعي أهمية سوريا تعمل على أن تكون موحدة ومستقرة لتحقيق أهداف استراتيجية اقتصادية وأمنية لها وللمنطقة برمتها.

وهنا يجيب الوزير الشيباني على سؤال لمجلة “المجلة” حول التعويل على الدور الأميركي للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للانسحاب إلى خط 7 كانون الأول/ديسمبر 2024، بأن هناك وعداً أميركياً بهذا الخصوص، مشيراً إلى تمسك بلاده بالموقف الوطني بعدم حصول توقيع ما لم يكن هناك انسحاب.

وأضاف الوزير الشيباني بالقول: “اليوم تفرض واقعا وتريد التوصل إلى اتفاق لاحقا، لا نريد في تلك الحالة اتفاقا، ولتبق الأمور معلقة وتبقى غير قانونية. أما أن نتفق ونوقع اتفاقا وهو موجود يحتل أراضي جديدة فهذا أمر يستحيل أن نفعله، فالشرط الأساسي بالنسبة إلينا هو الانسحاب، وهذا أصلا هو جوهر الاتفاق، ولا يوجد شيء آخر.

أما من ناحية مسألة أنه حتى بين قوسين “تثق بالحكومة” حتى تكون لديك أمور معينة فهذا أمر آخر ولا مشكلة، يمكن أن أضع بعض القيود (limitation)، أضع قيوداً على الوجود العسكري في الجنوب، ولا مشكلة لدي، ولكن هذا لا ينتقص من سيادة الدولة ولا يسمح لتدخل أي دول أخرى أو أن يضعف من الحالة الأمنية الموجودة”.

ويتابع الوزير الشيباني أن أي حالة أمنية أو اختراق أمني في الجنوب قد يحصل ستلام فيه الحكومة السورية، ولن يلام فيه أحد آخر، وقال: “نحن نرى أن هناك أيضاً فرصة لإسرائيل بوجود حكومة سورية جريئة تتحدث علنا أنها تتفاوض مع إسرائيل، تتحدث علنا أننا نريد اتفاقاً أمنياً، تتحدث علناً بعيداً عن حركات النظام التي كان يقوم بها، نحن نريد هذا التحدي ونراه تحديا”.

وفي هذا السياق، يقول الخبير في العلاقات السورية الإسرائيلية خالد خليل: “نشهد في كل يوم تقريباً تصعيداً سافراً من قبل الاحتلال الإسرائيلي باتجاه سوريا، وذلك نتيجة حالة الصدمة والقلق الإسرائيلي المتزايد من انفتاح واشنطن على دمشق، خاصة بعد زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى البيت الأبيض.

لذلك تحدثت العديد من التقارير الرسمية وشبه الرسمية في إسرائيل عن مخاوف من أن تفرض واشنطن على إسرائيل توقيع اتفاق أمني مع سوريا، إلا أن اليمين المتطرف يحاول اللعب على عامل الوقت بدل الضائع لفرض أجنداته، حتى دخول المنطقة العازلة من قبل نتنياهو هي خطوة في سياق الخطوات الاستباقية لأي ضغوط أميركية”.

وأعلن الرئيس أحمد الشرع، في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، لصحيفة “واشنطن بوست”، أن بلاده منخرطة في مفاوضات مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، وقد قطعت شوطاً جيداً في طريق التوصل إلى اتفاق.

لكنه لفت إلى أنه “للوصول إلى اتفاق نهائي، يجب على إسرائيل الانسحاب إلى حدود ما قبل 8 كانون الأول/ديسمبر 2024”. وأضاف قائلاً: “إن الولايات المتحدة معنا في هذه المفاوضات، والعديد من الأطراف الدولية تدعم وجهة نظرنا في هذا الصدد.. والرئيس الأميركي دونالد ترامب يدعم وجهة نظرنا أيضاً، وسيدفع بأسرع ما يمكن من أجل التوصل إلى حل لهذا الأمر”.

كما أشار إلى أن القوات الإسرائيلية نفذت أكثر من ألف غارة جوية على الأراضي السورية منذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 بعد سقوط النظام السابق، وشمل القصف القصر الرئاسي ووزارة الدفاع.

وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قد توجه لمخاطبة الولايات المتحدة من خلال مقابلة أجراها مع شبكة “سي إن إن” الأميركية في أيلول/سبتمبر الماضي، أشاد فيها بموقف واشنطن تجاه سوريا منذ تحريرها من نظام الأسد المخلوع، وأكد أن هذا الموقف نال رضا واسعا من السوريين، الأمر الذي يعكس تعويلاً على موقف إدارة ترامب التي تدفع باتجاه عقد اتفاق منع اعتداء بين دمشق وتل أبيب، وفقاً لما أكده المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك، الذي نفى بدوره فشل توقيع الاتفاق الأمني بين إسرائيل وسوريا، وأكد دعمه لتشكيل حكومة مركزية في سوريا، واستبعد تطبيق الفيدرالية.

وحينها أكد مندوب سوريا في الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، استمرار المناقشات بين دمشق وواشنطن بخصوص توقيع الاتفاق الأمني مع إسرائيل، وأن ملف السويداء تتم أيضاً مناقشته ضمن هذه المباحثات.

آفاق الحل الممكن

ترى مصادر إعلامية أنه ليس من المستبعد أن يدخل الحضور الروسي في جنوب سوريا ضمن الاتفاق الأمني بين إسرائيل وسوريا. وكما قالت هيئة البث الإسرائيلية، فإن “إسرائيل لم تعارض في السابق وجود روسيا في الساحة السورية، وكان التنسيق الإسرائيلي الروسي في سوريا في ذروته”، لذلك فإن زيارة وفد عسكري سوري روسي تركي مشترك إلى الجنوب له دلالة على وجود حلول ترضي الطرفين، من دون تنازل أي منهما عن مطالبه.

وحول ذلك، يؤكد الخبير في العلاقات السورية الإسرائيلية أن عودة الانتشار الروسي تمثل حلاً سياسياً بعيداً عن الخيارات العسكرية، وما يحاول الاحتلال فرضه على سوريا من شروط.

ويؤكد أن أي عملية انتشار روسي هي جزء من آلية دولية تسعى للتوصل إلى تسوية وخفض للتصعيد في المنطقة في ظل الهجمات الإسرائيلية المتكررة، واليوم فإن الوجود الروسي يمثل مصلحة مشتركة لعدة أطراف، سواء في سوريا أم إسرائيل أم تركيا المنافس الإقليمي الجديد لإسرائيل.

ويضيف: “أولاً، الوجود الروسي هذا ليس أمراً جديداً، أي أنه موجود منذ عام 2018، ووفق اتفاق أمني بين موسكو وتل أبيب في منطقة الجنوب تعهدت بموجبه موسكو بإبعاد الميليشيات الإيرانية.

واليوم، مهمته برأيي هي محاولة سد روسيا الفراغ الأمني ومنع الاحتكاك والتصادم بين دمشق وتل أبيب، وأيضاً أن تكون وسيطا بين تركيا وإسرائيل اللتين تشهدان تنافساً متزايداً على المشهد.

وهنا لا بد من التأكيد على أن الوجود الروسي هو وجود شرطي، لا يشكل نفوذاً عسكرياً، وإنما لفض الاشتباك فقط، وهو جزء من الآليات الدولية لإيجاد حل بعيد عن الخيارات العسكرية”.

ووصل الأسبوع الماضي وفد عسكري سوري روسي تركي إلى مناطق جنوب غرب سوريا، هو الأول من نوعه إلى تلك المناطق منذ سقوط النظام السابق.

وقالت مصادر محلية في محافظة القنيطرة “إن وفداً عسكرياً وصل إلى محافظة القنيطرة مكوناً من نحو 15 سيارة دفع رباعي، ترافقها نحو 10 سيارات من الأمن العام والشرطة العسكرية السورية إلى القطاع الشمالي من المحافظة”.

وأضافت المصادر، لوكالة الأنباء الألمانية، أن الوفد اتجه من مدينة سعسع بريف دمشق باتجاه منطقة بيت جن أقصى ريف دمشق الجنوبي الغربي، المحاذية لمحافظة القنيطرة، ثم توجه إلى التلول الحمر التي تقع غرب بلدة بيت جن، والتي كانت نقطة عسكرية روسية سابقاً، ثم توجه الوفد إلى ريف القنيطرة الأوسط.

وأشارت إلى أن الوفد، الذي لم يعلن عن مهمته، قام بتفقد بعض المواقع العسكرية التي كانت مقرات للقوات الروسية خلال حكم النظام السابق. وشهدت المناطق التي سلك الوفد طريقه منها انتشاراً أمنياً كبيراً لقوات الأمن العام السوري.

وكان وزير الدفاع السوري اللواء مرهف أبو قصرة قد استقبل قبل يوم من زيارة الوفد الميدانية وفداً رفيع المستوى من روسيا برئاسة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف.

وترى العديد من الأوساط السياسية أن جولة الوفد العسكري في مناطق جنوب سوريا تمثل تنفيذاً للتفاهمات التي جرت بين القيادة السورية والروسية خلال زيارة الرئيس أحمد الشرع في أيلول/سبتمبر الماضي إلى موسكو، ووصول نائب وزير الدفاع الروسي إلى دمشق. ويشيرون إلى أن انتشار القوات الروسية جنوب سوريا يهدف إلى سحب الذرائع من قبل إسرائيل، التي سيطرت على مناطق واسعة في محافظات ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وتشكل تهديداً لحياة المدنيين الذين تم اعتقال العشرات منهم من قبل القوات الإسرائيلية.

آخر الأخبار
مطار دمشق.. 90 ألف فرصة عمل تزرع الأمل في المجتمع السوري قوات الاحتلال الإسرائيلي تمنع أهالي الحميدية من صيانة خط ضخ المياه الرئيسي "موصياد" التركية تختتم برنامج الاستثمار والتعاون لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع سوريا الدورة الأولى لمهرجان ضاحية الشام.. حضور جيد وملاحظات على الأسعار والعروض الرئيس أحمد الشرع يستقبل وفداً من "الكونغرس" الأميركي في دمشق الطاقة البديلة تتقدم في سوريا.. ارتفاع أسعار الكهرباء يسرّع التحول قطاع الأقمشة يواجه تحديات جمركية ويطالب بحماية المنتج المحلي بطاقة 1.2 مليون طن.. معمل فوسفات حمص يستأنف الإنتاج بعد توقف 10 سنوات ارتفاع إصابات التهاب الكبد A بعدة محافظات.. والصحة تؤكد: الوضع تحت السيطرة توسعة معبر "نصيب- جابر".. اختبار حقيقي لتعافي التجارة السورية- الأردنية رغم تراجع الكلف.. مطاعم دمشق تحافظ على أسعارها المرتفعة وتكتفي بعروض "شكلية" رماد بركان إثيوبيا يعرقل حركة الطيران ويؤدي إلى إلغاء رحلات جوية الليرة تحت وطأة التثبيت الرسمي وضغوط السوق الموازية تحرك سريع يعالج تلوث المياه في كفرسوسة ويعيد الأمان المائي للسكان "اتفاقية تاريخية" لتطوير مطار دمشق.. رسائل الاستثمار والتحول الاقتصادي أردوغان يطرح التعاون مع كوريا الجنوبية لإعادة إعمار سوريا السيدة الأولى تمثل سوريا في قمة "وايز" 2025..  خطوة نحو تعزيز التعاون الدولي وتنمية التعليم خط السابع من ديسمبر 2024.. فاصل يحدد مسار العلاقات السورية الإسرائيلية وزير الأوقاف يلتقي وزير العمل البرازيلي والجاليات الإسلامية في أميركا اللاتينية التقنية والطاقة والدفاع: سوريا تسعى للاستفادة من "القوة الصناعية الهادئة" في السويد