الثورة- ترجمة ختام أحمد:
ظهر الشخص الأرفع شأناً في البيت الأبيض وألقى بقنبلة لا تُصد، خطة لإنهاء حرب إسرائيل على غزة، التي بلغت عامها الثاني اليوم الثلاثاء، تبدأ الخطة بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ما يُسهم في رسم مستقبل غزة وتمهيد الطريق نحو سلام دائم وحل الدولتين.
غالباً ما تُفسح حلول الحروب المعقدة المجال للتحفظات والتأويلات، فالحل الواضح يضع الأطراف المتحاربة في موقف صعب، لأن الحرب لن تنتهي بهزيمة ساحقة واستسلام تام، إلا أن الغموض يُمكّنهم من إبلاغ أنصارهم بأنهم لن يقدموا تنازلات، بل سيحققون أهدافاً أكبر.
ليس هذا ما أراده بنيامين نتنياهو وخليل الحية ورفاقهما، لكن سيد البيت الأبيض كان له الكلمة الفصل، لم يتردد في إعلان أن عدم قبول حماس للاتفاق سيؤدي بها إلى “جحيم لا يُطاق”، لم يكن أمام الأطراف المتحاربة خيار سوى الرضوخ لـ”جنرال” القرية العالمية وسيد الأساطيل والقنابل الخارقة للتحصينات، هو وحده القادر على إخماد الحرائق التي أودت بحياة عشرات الآلاف وحطمت الخرائط.
نتنياهو ماكر، يُدرك مخاطر اللعب مع دونالد ترامب، يُدرك أن شريكه، الذي قد يُشعره بالدفء والراحة، يُمكنه تغيير اللعبة من دون سابق إنذار ليُجبر الشريك الأصغر على التماشي مع مزاج الشريك الأكبر، لهذا السبب أشاد نتنياهو بترامب بشدة، وداعب غروره.
لقد كان ترامب كريماً في دعم إسرائيل، وخاصةً خلال المرحلة الإيرانية من حروب ما بعد طوفان الأقصى، لكنه لم يتنازل عن زمام الأمور.
لأميركا، التي دأبت على ضخّ المساعدات والدعم في عروق إسرائيل، كل الحق في كبح جماحها عندما تتجاوز حدودها، لها الحق في إجبار إسرائيل على العودة إلى الركب الأمريكي، الشرق الأوسط منطقة مهمة وحيوية، ولا يمكن تركه في أيدي جنرالات إسرائيل وقادة الفصائل، لم يكن أمام نتنياهو خيار سوى الانصياع لإرادة حليفه ترامب، مع إدراكه أن ذلك سيؤدي إلى مفاجآت في الداخل وتصدعات في حكومته.
كما لم ترغب قيادة حماس في الموافقة على خطة تدعو إلى نزع سلاحها وخروجها من الساحة الفلسطينية، لم يكن لديها حليف تلجأ إليه، على الأرجح، استذكر قادتها ما حدث في بيروت عندما غزاها الجيش الإسرائيلي عام ١٩٨٢، حينها، طلب ياسر عرفات الدعم من السفير السوفييتي ألكسندر سولداتوف، الذي طلب منه مغادرة بيروت، حتى لو اضطر إلى ذلك على متن مدمرات أميركية، لذا، وافقت حماس على الخطة على مضض، مع إبداء بعض التحفظات.
تجد حماس نفسها أمام خيارات صعبة للغاية بعد عامين من طوفان الأقصى، جنرال البيت الأبيض جادٌّ للغاية، وكلماته واضحةٌ جلية: اقبلوا الخطة أو واجهوا “جحيماً لا يُطاق”، الخطة مُحكمة، في مرحلتها الأولى، ستفقد حماس أهم سلاح لديها: الرهائن. ستحتاج بعد ذلك إلى ضمانات- بأن الاحتلال الإسرائيلي للقطاع لن يطول- حتى لا تواصل إسرائيل شنّ هجمات يومية على غزة كما تفعل في لبنان.
طرف واحد فقط قادر على ضمان ذلك، الولايات المتحدة، لكن ترامب ليس من هواة تقديم الصدقات أو الهبات، سيطالب بثمن باهظ لكل ضمان يُقدّمه.
قبل عامين، أطلق يحيى السنوار سيلاً من القصف، فردّ نتنياهو بإشعال غزة، تجاوزت النيران حدودها، وقصفت إسرائيل عدة خرائط، رحل لاعبون كثر، وتغيرت الوقائع على الأرض.
مرّ عامان على هجوم الأقصى، وما زالت التغييرات في الطريق، سيُحدث “الجنرال” ترامب تغييراً جذرياً في ملامح الشرق الأوسط إذا نجح في كبح جماح المقاتلين في غزة وتمهيد الطريق لقيام دولة فلسطينية مستقلة، ستكون المفاوضات بعد إطلاق سراح الرهائن والأسرى صعبة ومريرة، فمن يضمن ألا ينحرف قطار ترامب عن مساره أو يتعب وييأس؟.
المصدر _ ArabNews