الثورة – ميساء العلي:
في ظل تحركات الأسواق المتقلبة وارتفاع أسعار العديد من السلع رغم انخفاض تكاليف النقل والمحروقات، عاد ملف آلية التسعير إلى دائرة النقاش الاقتصادي.
فالاختلاف بين توقعات المواطنين وانعكاسات الواقع على الأسعار كشف عن اختلالات عميقة في آلية التسعير الحالية، ما يثير التساؤل حول دور الحكومة في إعادة ضبط الأسعار وضمان استقرار الأسواق.

ويرى خبراء الاقتصاد أن هذه الاختلالات تعكس تحديات متعددة، ويربطون تحقيق الاستقرار السعري الدائم بإصلاحات اقتصادية أوسع.
وبحسب تصريحات رسمية، لا تتدخل الحكومة حالياً في تسعير السلع ولا تحدد هوامش الأرباح، بل تترك ذلك للتجار والمنتجين بناء على مبدأ المنافسة، شريطة الإعلان الواضح عن السعر النهائي للمستهلك.
ويأتي ذلك في ظل توجه الحكومة نحو اعتماد اقتصاد السوق الحر، الذي يقوم بشكل أساسي على آليات العرض والطلب لتحديد أسعار السلع والخدمات، دون تدخل حكومي.
التسعير الإداري
ويرى المحلل الاقتصادي سامر مصطفى، أن ضبط الأسعار في السوق يتطلب إعادة النظر في آلية التسعير الإداري، خاصة وسط التجاذبات القائمة مع تذبذب سعر الصرف. لكنه يطرح تساؤلاً حول مدى قدرة التسعير الإداري على ضبط الأسواق في هذه الظروف ومع الانفتاح الكبير على آليات السوق.
ويقول مصطفى لصحيفة “الثورة”، إن العودة إلى التسعير الإداري ممكنة في أوقات الأزمات الاقتصادية، بوصفه حلاً يفرض نفسه للتخفيف من التشوّه السعري. ويضيف أن الهدف الأساسي من التسعير الإداري هو استقرار الأسعار وشفافيتها، إلا أن التطبيق يظل معقداً نتيجة عدم استقرار سعر الصرف، ما يجعل تكلفة السلع متذبذبة ومتحركة بشكل شبه يومي يصعب تحديدها بدقة.
ويُعرف التسعير الإداري بأنه آلية تحدد الدولة من خلالها أسعار بعض السلع والمواد والخدمات، خاصة الأساسية، بدلاً من تركها لقوى السوق الحرة، بهدف ضبط الأسعار والحد من تقلباتها، لا سيما في أوقات الأزمات الاقتصادية.
تحديات وحلول
ويشير مصطفى إلى تحديات تواجه التسعير الإداري، منها تذبذب سعر الصرف الذي يبقى عاملاً أساسياً في تحديد تكلفة الاستيراد، إضافة إلى ضعف القدرة الإنتاجية المحلية نتيجة سنوات الحرب وفقدان العديد من الموارد، فضلاً عن الفجوة بين الأجور والأسعار رغم انخفاض بعض التكاليف.
ويقترح المحلل الاقتصادي، تعزيز استقرار الأسعار عبر تطوير سياسات تسعير مرنة تعتمد على تكلفة الإنتاج الحقيقية، مع تعزيز الرقابة على سلسلة التوريد لمنع الاحتكار والبيع بأسعار زائدة، إضافة إلى دعم الإنتاج المحلي لزيادة العرض وتخفيف الاعتماد على الاستيراد.
وأشار إلى أن تحقيق الاستقرار السعري الدائم مرتبط بإصلاحات اقتصادية أوسع تشمل دعم الإنتاج المحلي، وضبط الأسواق، وتحسين القدرة الشرائية للمواطن.