الجولان السوري أرض محتلة.. الولاية فيه للقانون الدولي والشرعية حصرية لسوريا   

الثورة – راغب العطيه: 

أكد مجلس الأمن الدولي في جلسته الأربعاء، على أولوية حماية وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، ودعا إلى وقف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة والالتزام باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، وذلك بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، برفقة عدد من وزرائه ومسؤوليه العسكريين والأمنيين إلى المنطقة العازلة.

وأكد مندوبو الدول الأعضاء في المجلس على أولوية حماية وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، داعين إلى وقف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة والالتزام باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.

وشددت نائبة المبعوث الأممي إلى سوريا، نجاة رشدي، على احترام سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها، محذرةً من استمرار التوغلات الإسرائيلية وضرورة تحرك مجلس الأمن لوقف هذه الانتهاكات.

بدورها، أكدت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، مورغان أورتاغوس، أن زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر شكّلت محطة تاريخية، وقالت: “إن هذه الخطوة تعكس رغبة الإدارة الأميركية في فتح صفحة جديدة وإتاحة فرصة أمام الشعب السوري للسلام والازدهار”، مشددةً على وحدة سوريا واندماج جميع مواطنيها، واستعداد الولايات المتحدة للشراكة الطويلة الأمد مع دمشق.

دعوة لوقف الانتهاكات

بينما قال مندوب روسيا، فاسيلي نيبينزيا: “إن سوريا تعيش مرحلة انتقالية دقيقة وحاسمة”، مؤكداً حل القضايا الداخلية بين السوريين ورفض أي تدخل خارجي، وعبّر عن قلقه من الأعمال غير المشروعة لإسرائيل في الجولان المحتل، داعياً مجلس الأمن إلى التحرك لوقف الانتهاكات.

وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان صحفي الأربعاء: إن هذه الزيارة تمثل محاولة جديدة لفرض أمر واقع يتعارض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتندرج ضمن سياسات الاحتلال الرامية إلى تكريس عدوانه واستمراره في انتهاك الأراضي السورية.

وذكرت الوزارة: أن “سوريا تجدد مطالبتها الحازمة بخروج الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية، وتؤكد أن جميع الإجراءات التي يتخذها الاحتلال في الجنوب السوري باطلة ولاغية ولا تُرتب أي أثر قانوني وفقًا للقانون الدولي”، مشددة على أن سوريا ستواصل الدفاع عن سيادتها وحقوقها غير القابلة للتصرف حتى استعادة كامل أرضها.

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من جهته وصف زيارة نتنياهو وعدد من مسؤولي حكومته إلى جنوب سوريا بأنها مقلقة. ونقل المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، قوله أمس الأربعاء: إن “هذه الزيارة التي جرت علناً وبصورة صريحة تُعد مقلقة على أقل تقدير، وندعو إسرائيل إلى احترام اتفاق فض الاشتباك في الجولان السوري لعام 1974”.

وفي تصريحات له مع قناة “الإخبارية ” بعد الجلسة، أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، أن الصبر الاستراتيجي لسوريا بعد التحرير وضع إسرائيل أمام تحديات سياسية وإقليمية، وأن النهج السوري القائم على الحلول الدبلوماسية، وتجنب الرد على الاستفزازات يعزز موقف دمشق ويثبت قوة الحكومة السورية أمام المجتمع الدولي، مشدداً على أن التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية غير شرعية وغير قانونية وتقوض جهود الحكومة السورية في حماية الاستقرار والأمن الإقليمي.

لا رغبة لإسرائيل بأي تفاهمات أمنية

وقال علبي: إن النهج السوري يقوم على عدم الرد على الاستفزازات وتبني الحلول الدبلوماسية، بما يعزز مكاسب سوريا في المحافل الدولية، ويزيد من عزلة إسرائيل سياسيًا.

وأضاف: إن العالم كله شاهد صلابة وقوة الشعب السوري في حماية حقوقه وأرضه، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تقوم بدور الوسيط والضاغط لتوضيح خطورة الأفعال الإسرائيلية بعد زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى البيت الأبيض.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة على المستويين الأوروبي والإقليمي- قد زار برفقة عدد من وزرائه ومسؤوليه العسكريين والأمنيين الأربعاء المنطقة العازلة في سوريا.

وتأتي هذه الزيارة المعادية في وقت تسعى فيه دمشق إلى التوصل لاتفاق أمني مع إسرائيل يضع حداً لاعتداءاتها المتكررة على الأراضي السورية، ويُبدد مزاعمها بالتعرض للتهديد، الأمر الذي ينم عن عدم وجود رغبة إسرائيلية للوصول إلى أي تفاهمات أمنية مع الحكومة السورية.

وفي 3 نيسان/أبريل 2025، أدان الأمين العام للأمم المتحدة على لسان مبعوثه الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، “التصعيد العسكري الإسرائيلي المتكرر والمتزايد في سوريا”، بما في ذلك الضربات الجوية التي تسببت في مقتل مدنيين.

وقال بيدرسون في بيان صحفي بدمشق: “إن هذه الأعمال تقوض الجهود المبذولة لبناء سوريا جديدة تنعم بالسلام الداخلي ومع محيطها في المنطقة، كما تتسبب في زعزعة استقرار سوريا في توقيت حساس”، داعياً إسرائيل إلى وقف هذه الهجمات التي ترقى إلى انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، وإلى احترام سيادة سوريا والاتفاقيات القائمة، وكذلك وقف الإجراءات أحادية الجانب على الأرض.

وأكدت الأمم المتحدة أن الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل تشكل انتهاكًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

“إسرائيل” تمارس سياسة التفاوض بالنار

وتؤكد الدول العربية، فرادى وجماعات، دائماً وقوفها إلى جانب حق سوريا في الجولان المحتل.

وتعد مقررات مجلس جامعة الدول العربية في 5 أيلول/سبتمبر 2025، التي جددت التأكيد على دعم وحدة سوريا وسيادتها، وحقها الثابت في استعادة الجولان السوري المحتل حتى حدود الرابع من حزيران/يونيو لعام 1967، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها القرار رقم 497 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 1981، من أحدث المواقف العربية الرسمية الرافضة للتوغلات الإسرائيلية المتكررة في الأراضي السورية، لا سيما في الجنوب السوري، والتي تمثل انتهاكاً واضحاً لاتفاق فض الاشتباك الموقع بتاريخ 31 أيار/مايو 1974، وخرقاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي.

وقال المحلل السياسي، أحمد مظهر سعدو، في حديث خاص لصحيفة الثورة: “هناك واقع الآن يقول إن إسرائيل تعيش مرحلة فائض القوة، بل وفرطها، بعد سنتين متواصلتين من العدوان على قطاع غزة.

في هذا السياق، وضمن هذه الأحداث الدراماتيكية، تعمل إسرائيل على استمرار إنفاذ مشروعها الشرق أوسطي والتطاول على الجميع والاشتغال يومياً على مسألة تفتيت البلدان العربية”.

وأشار سعدو إلى أن إسرائيل تلعب على ورقة الأقليات، وتغذي من خلالها ما يدور من سياسات تفتيتية، فراحت تدخل إلى الأراضي السورية وتستفز السوريين والعرب والمسلمين كافة، وسط عجز عربي إسلامي رسمي غير مسبوق. وهي تريد أن تقول: “نحن قادرون على إنفاذ كل ما نريده بالقوة”، وبالتالي، فإن كان هناك ورقة تفاهم أمني جديدة مع سوريا، فلن نقبل إلا أن تكون كما نريد وحسب شروطنا.

ولكنها عندما وجدت أن هناك رفضاً وعدم قبول للشروط الإسرائيلية من قبل الحكومة السورية التي باتت معروفة، فإنها تمارس سياسة التفاوض بالنار.

وقال المحلل السياسي: ” صحيح أن الولايات المتحدة الأميركية تقف اليوم، وبعد زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع لواشنطن، إلى جانب السوريين وتدعم وحدة سوريا وفق مصالحها بكل تأكيد”.

وشدد سعدو على أن زيارة نتنياهو إلى الجنوب السوري تمثل حالة من حالات الفجور الإسرائيلي غير المقبولة والمدانة وفق القوانين والشرائع الدولية، ويجب على الدول العربية والإسلامية أن تتصدى للاستفزازات الإسرائيلية، وأن تمارس الضغط على الإدارة الأميركية كي تعمل على لجم نتنياهو وإيقافه عند حده، ومنعه من أي تدخل في المسائل الداخلية السورية، وترك السوريين يقررون مصيرهم بأنفسهم، وليس وفق ما يريده الاحتلال أو أي طرف خارجي آخر.

الأوروبيون ثابتون

أما بالنسبة للأوروبيين، فموقفهم ثابت دائماً في دعم حق سوريا بالجولان المحتل.

وقد أصدرت الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (بريطانيا، وفرنسا، وبولندا، وألمانيا، وبلجيكا) في 26 آذار/مارس 2019، بياناً مشتركاً حول الجولان السوري المحتل، رفضت فيه قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالجولان تحت سيادة الاحتلال الإسرائيلي.

وقال مندوب بلجيكا، مارك بيستين دي بويتسويريه، في مؤتمر بهذا الشأن ضم مندوبي الدول الخمس: “أشارت الدول الخمس إلى أن الموقف الأوروبي حول هذه القضية معروف جيداً، وهو لم يتغير، ويؤكد أن مرتفعات الجولان تمثل أرضاً سورية محتلة من قبل الاحتلال وفقاً للقانون الدولي”.

وتجدد هذا الموقف الأوروبي في المؤتمر الوزاري المشترك التاسع والعشرين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي، الذي عُقد في الكويت في 6 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والذي أكد أن أمن سوريا واستقرارها أساسيان لاستقرار المنطقة، مشدداً على أهمية احترام سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها ورفض التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية.

ومنذ احتلال إسرائيل لهضبة الجولان السورية خلال حرب 1967 وضمها بموجب قانون صدر عن الكنيست في 14 كانون الأول/ديسمبر 1981، أصدرت هيئات الأمم المتحدة قرارات عديدة بخصوص المنطقة، إذ أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 35/122 الصادر بتاريخ 11/12/1980 الذي يدين إسرائيل لفرضها تشريعاً ينطوي على إحداث تغييرات في طابع ومركز الجولان، والقرار 35/207 الصادر بتاريخ 16/12/1980 الذي يجدد الرفض الشديد لقرار إسرائيل ضم الجولان والقدس، والقرار 36/147 الصادر بتاريخ 16/12/1980 الذي أدان إسرائيل لمحاولاتها فرض الجنسية الإسرائيلية بصورة قسرية على

المواطنين السوريين في الجولان.

بينما أصدر مجلس الأمن الدولي أهم قرار في هذا الشأن، وهو القرار رقم 497 بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 1981، وجاء في نص القرار: إن “مجلس الأمن، وقد نظر في رسالة الممثل الدائم للجمهورية العربية السورية المؤرخة في 14 كانون الأول/ديسمبر 1981 (الوثيقة S/14790)، وإذ يؤكد مجدداً أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

ويعتبر قرار إسرائيل بفرض قوانينها وسلطانها وإدارتها في مرتفعات الجولان السورية المحتلة ملغياً وباطلاً ومن دون فعالية قانونية على الصعيد الدولي، ويطلب من إسرائيل، القوة المحتلة، أن تلغي قرارها فوراً.

كما يعلن أن جميع أحكام اتفاقية جنيف المعقودة بتاريخ 12 آب/أغسطس 1949 والمتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب ما زالت سارية المفعول على الأراضي السورية المحتلة من قبل إسرائيل منذ حزيران/يونيو 1967.

وكان مجلس الأمن قد أكد في قراره رقم 242 الصادر في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1967 عدم القبول بالاستيلاء على الأرض بواسطة الحرب، والحاجة إلى العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمن.

كما أكد أن جميع الدول الأعضاء، بقبولها ميثاق الأمم المتحدة، قد التزمت بالعمل وفقًا للمادة (2) من الميثاق، وأن تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، ويستوجب سحب القوات المسلحة من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، واحترام واعتراف بسيادة ووحدة أراضي كل دولة في المنطقة.

وبسبب الالتباس الذي شاب نص القرار بين النصين الإنجليزي والعربي، بسبب الترجمة، تحولت “الأراضي” إلى “أراضٍ”، وهو ما أثر بشكل كبير على تداعيات هذا القرار في مسيرة الصراع العربي-الصهيوني.

ومنذ عام 1967، وإسرائيل تحاول عبر أدواتها السياسية والاقتصادية والكنيست، فرض وقائع مادية على الأرض السورية لتغيير وضعها القانوني، إلا أن هذه المساعي تصطدم بجدار صلب من القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، والتي تؤكد جميعها أن الأراضي السورية المحتلة ليست جزءاً من إسرائيل، ولا يملك الكنيست الإسرائيلي أي ولاية تشريعية أو سيادية عليها.

ويعد الجولان العربي السوري أحد أكثر الملفات حساسية في القانون الدولي المعاصر، لما يمثله من مثال واضح على استمرار الاحتلال العسكري الذي يخالف قواعد القانون الدولي، فالجولان، بسيادته السورية المعترف بها دولياً، ما زال يخضع لسلطة الاحتلال الإسرائيلي التي لا يغير وجودها من الطبيعة القانونية للأرض، ولا من حقوق الدولة السورية فيها.

وفي ظل الإجماع الدولي على عدم جواز اكتساب الأرض بالقوة، تبقى الولاية القانونية للجولان محكومة بالقانون الدولي وحده، وتبقى الشرعية السياسية والقانونية لسوريا دون سواها، مهما صدرت من إجراءات أحادية لا تمتلك أي أثر قانوني.

آخر الأخبار
بعد جولته في الجنوب السوري.. نتنياهو يتحدث عن الاتفاق الأمني على منصة "أبو علي إكسبرس"  سوريا تعيد تنشيط بعثتها الدائمة بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتعيّن مندوباً دائماً  تخريج  نحو 500 طالب وطالبة طب أسنان وصيدلة في جامعة حمص  مدير تربية حلب يعد معلمي مناطق الشمال بدعم مطالبهم إدانات سعودية وكويتية لانتهاك سيادة سوريا.. واستفزاز إسرائيلي جديد في جنوب البلاد  الجولان السوري أرض محتلة.. الولاية فيه للقانون الدولي والشرعية حصرية لسوريا    الرئيس الشرع يستقبل طارق متري لمناقشة قضايا سيادية  ذراع "الكبتاغون" بين سوريا ولبنان.. نوح زعيتر في قبضة الجيش اللبناني أول رسالة عبر "سويفت".. سوريا تعود إلى النظام المالي الدولي    قاضية أميركية توقف قرار إدارة ترمب إنهاء الحماية المؤقتة للسوريين دمشق تستقبل طارق متري لمناقشة قضايا سيادية وزير العدل يعزز التعاون القضائي مع فرنسا  السودان يثمّن دور السعودية وأميركا في دفع مسيرة السلام والتفاوض توليد الكهرباء بين طاقة الرياح والألواح الشمسية القطاع المصرفي.. تحديات وآفاق إعادة الإعمار الخارجية توقع مذكرة تعاون مع الأمم المتحدة لتعزيز قدرات المعهد الدبلوماسي القبائل العربية في سوريا.. حصن الوحدة الوطنية وصمام أمانها  عدرا الصناعية.. قاطرة اقتصادية تنتقل من التعافي إلى التمكين نتنياهو في جنوب سوريا.. سعي لتكريس العدوان وضرب السلم الأهلي هيئة التخطيط والإحصاء لـ"الثورة": تنفيذ أول مسح إلكتروني في سوريا