القطاع المصرفي.. تحديات وآفاق إعادة الإعمار

الثورة – وعد ديب :
مع انطلاق مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، يواجه القطاع المصرفي تحديات غير مسبوقة تعكس هشاشة البنية المالية وتعقيد بيئة العمل المصرفي، سواء في المصارف العامة أو الخاصة.

ووفق خبراء اقتصاديين، فإن ضعف رؤوس الأموال، وتراجع الثقة بين المصارف والعملاء، وغياب أدوات التمويل طويل الأجل، كل ذلك يجعل القطاع اليوم بعيداً عن أداء دوره الطبيعي كممول للنمو الاقتصادي وإعادة الإعمار، ويستدعي تدخلاً عاجلاً لتأهيله وتعزيز قدراته.

وقال أستاذ العلوم المالية والمصرفية في جامعة حلب، الدكتور فراس شعبو، لصحيفة “الثورة”، إن “المشكلة تشمل القطاع المصرفي بشقيه العام والخاص، فكلاهما متهالك ومترهل ويعمل في بيئة استثنائية ومعقدة لا تسمح بممارسة المصرفية بشكل سليم”، معتبراً أن الاجتماعات الأخيرة بين الرئيس أحمد الشرع، وحاكم المصرف المركزي ومديري المصارف العامة والخاصة “خطوة مهمة لفهم المشكلات ورسم ملامح الاقتصاد للمرحلة المقبلة”.

وأضاف أن “رؤوس أموال المصارف منخفضة بسبب تدهور سعر الصرف، ما جعل قدرتها الإقراضية شبه معدومة”.

وأوضح أن القروض لا تُمنح اليوم تقريباً للمستثمرين أو المواطنين، نتيجة ارتفاع المخاطر الائتمانية وغياب الضمانات وشروط الإقراض المشددة.

كما أن جزءاً من الأصول خارج البلاد يصعب استرداده، خاصة في لبنان، إذ أدى تجميد الودائع السورية هناك إلى أزمة سيولة حقيقية.

وأشار شعبو إلى أن “ضعف الثقة بين المصارف والعملاء جعل الناس تتجنب التعامل مع المصارف، ما أدى إلى تقلص حجم الودائع بالليرة والدولار، وانخفاض نسبة القروض إلى الودائع”.

ولفت إلى أن “البنوك اليوم أصبحت أشبه بصناديق نقدية فقط، لا تقدم قروضاً ولا تجذب ودائع، وهذا لا يتماشى مع الدور الطبيعي للبنك الذي يُفترض أن يحوّل الأموال إلى استثمارات”.

كما أفاد شعبو بأن “التطبيقات المصرفية لا تعمل بشكل فعال، والقطاع ما زال يعاني من جاهلية اقتصادية، أي غياب أساسيات الإدارة المالية والأدوات المتقدمة لإدارة المخاطر والرقابة”.

وتابع: “الالتزام بالمعايير الدولية مثل سياسات مكافحة غسل الأموال ومعرفة العميل، محدود، وهذا يعكس واقع القطاع المصرفي الحالي”.

واعتبر أن “المصارف الخاصة كان من المفترض أن تكون الممول الأساسي لإعادة الإعمار، لكنها غير قادرة على مواكبة هذه المرحلة بسبب ضعف رأس المال وغياب أدوات التمويل طويل الأجل، إضافة إلى المخاطر السياسية وتقلبات سعر الصرف”.

الحاجة إلى التطوير

 

ورأى شعبو أن “المصارف بحاجة إلى تعزيز قدراتها المالية وتطوير منتجاتها، خصوصاً لتمويل القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة الغذائية والطاقة المتجددة، ودعم المشاريع الصغيرة التي يعتمد عليها 70-80 بالمئة من السوريين”.

وعن دور مصرف سوريا المركزي في المرحلة الحالية، أكد شعبو أن “المصرف المركزي هو الجهة الناظمة والمراقبة، ويجب أن يمتلك الأدوات اللازمة للتدخل وتثبيت سعر الصرف”، مشيراً إلى وجود فجوة كبيرة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، وهو خلل يحتاج لمعالجة حاسمة.

وأكد شعبو أهمية “بناء احتياطيات أجنبية، واستخدام أدوات الدين والسياسة النقدية، وفرض معايير الملاءة والحوكمة والشفافية ورفع مستوى الرقابة، لأن المصارف تتعامل بأموال المودعين وأي خلل فيها يؤدي إلى أزمة اقتصادية”.

كما شدد على ضرورة “دعم التحول الرقمي ضروري لتقليل الاعتماد على الكاش، وتطوير خدمات الدفع الإلكتروني والمحافظ الرقمية، وبناء الثقة بين المصارف والعملاء، وبين المصارف والدولة”.

ودعا إلى “الشفافية في السياسات النقدية وإصدار تقارير دورية عن وضع المصارف ضروري لإعادة الثقة في القطاع المصرفي”.

وأضاف: “نحن اليوم في مرحلة انتقالية حساسة، وإذا أُعيد تأهيل القطاع المصرفي، يمكن أن يتحول فعلاً إلى قاطرة للتنمية وإعادة الإعمار، ويكون الممول الطبيعي لمشاريع البنى التحتية والإسكان وتمويل الشركات بالتعاون مع مستثمرين خارجيين، ويخلق فرص عمل ويعزز الاقتصاد الوطني”.

آخر الأخبار
أول رسالة عبر "سويفت".. سوريا تعود إلى النظام المالي الدولي    قاضية أميركية توقف قرار إدارة ترمب إنهاء الحماية المؤقتة للسوريين دمشق تستقبل طارق متري لمناقشة قضايا سيادية وزير العدل يعزز التعاون القضائي مع فرنسا  السودان يثمّن دور السعودية وأميركا في دفع مسيرة السلام والتفاوض توليد الكهرباء بين طاقة الرياح والألواح الشمسية القطاع المصرفي.. تحديات وآفاق إعادة الإعمار الخارجية توقع مذكرة تعاون مع الأمم المتحدة لتعزيز قدرات المعهد الدبلوماسي القبائل العربية في سوريا.. حصن الوحدة الوطنية وصمام أمانها  عدرا الصناعية.. قاطرة اقتصادية تنتقل من التعافي إلى التمكين نتنياهو في جنوب سوريا.. سعي لتكريس العدوان وضرب السلم الأهلي هيئة التخطيط والإحصاء لـ"الثورة": تنفيذ أول مسح إلكتروني في سوريا استلام الذرة الصفراء.. خطوة لدعم المزارعين وتعزيز الأمن العلفي تعرفة النقل بين التخفيض المرتقب والواقع المرهق.. قرار يحرّك الشارع بعد عام من الحراك الدبلوماسي.. زخم دولي لافت لدعم سوريا صحيفة الثورة السورية المطبوعة.. الشارع الحلبي ينتظر رائحة الورق حملة "دفا".. ليصبح الشتاء أكثر دفئاً استيراد السيارات المستعملة يتأرجح بين التقييد والتمديد من الماضــــي نستمد العبرة للحاضـــر اضطراب القلق المعمّم يهدّد التوازن النفسي.. وعلاجه ممكن بشروط