الثورة – فادية مجد:
الزراعة العضوية من أبرز الاتجاهات الحديثة في مجال الإنتاج الزراعي اليوم، لما تحمله من فوائد صحية وبيئية، واستثمار الموارد الطبيعية المتجددة داخل المزرعة، بعيداً عن الأسمدة والمبيدات الكيميائية، ما يجعلها خياراً استراتيجياً في ظل التحديات الزراعية المعاصرة.
رئيس دائرة الزراعة العضوية في البحوث العلمية الزراعية بطرطوس، المهندسة ريم حسن بينت لصحيفة الثورة، أن الزراعة العضوية هي نظام زراعي إنتاجي آمن بيئياً، يعتمد على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية الزراعية، من خلال استخدام الموارد الداخلية للمزرعة، مثل المخلفات النباتية والحيوانية، بدلاً من الأسمدة والمبيدات الكيميائية المصنعة والمواد المعدلة وراثياً ومنظِّمات النمو والإضافات العلفية المركزة.

من أفضل الأساليب
وأوضحت أن الزراعة العضوية تعتمد على استخدام الدورات الزراعية والأسمدة العضوية، كما تعتمد على المكافحة الوقائية والحيوية، وتعتبر من أفضل الأساليب الزراعية للحفاظ على سلامة المحصول الزراعي، وبالتالي صحة الإنسان.
وتهدف هذه الزراعة بالدرجة الأولى إلى إنتاج الغذاء الصحي الخالي من بقايا الأسمدة والمبيدات الكيميائية، والمحافظة على التوازن البيئي والتنوع الحيوي، وتطوير أساليب إنتاج صديقة للبيئة والتقليل من التلوث، إضافة إلى تحسين خصوبة التربة والحفاظ عليها.
بدائل الأسمدة الكيميائية
وبينت أن هناك بدائل عن الأسمدة الكيمائية، إذ يسمح باستخدام العديد من الأسمدة العضوية، كالأسمدة الحيوانية مثل مخلفات الأبقار والطيور والدواجن، والمخلفات النباتية وبقايا المحاصيل، كمخلفات الشعير والحمص والعدس والذرة وغيرها.
كما يمكن استخدام الأسمدة الخضراء الغنية بالعقد الآزوتية، كالنباتات البقولية التي تُقلب في التربة عندما تصل لحجم معين، مثل الفول والبرسيم. وأيضاً تحضير أسمدة من مخلفات المزرعة والبقايا النباتية وروث الحيوانات وتخميرها ضمن شروط معينة للحصول على الكمبوست، الذي يُعتبر سماداً جيداً وخالياً من الملوثات.
كما يمكن استخدام السائل الحيوي الناتج عن وحدة إنتاج الغاز الحيوي، والسماد الدودي (الفيرمي كمبوست)، إضافة إلى المستخلصات النباتية الطبيعية وغيرها.

موقع للزراعة العضوية
وأشارت إلى أن البحوث العلمية الزراعية تدعم الزراعة العضوية، ففي طرطوس تم إنشاء موقع للزراعة العضوية، وهو “موقع زاهد للزراعة العضوية”، ويشمل وحدة إنتاج الغاز الحيوي لإنتاج السائل الحيوي الذي يستخدم بالتسميد، وحقول الحمضيات العضوية، ومجمعاً للنباتات الطبية والعطرية، إضافة إلى بعض الخضار في الزراعات المحمية.
أبحاث منفذة
ولفتت حسن إلى أنه تم تنفيذ العديد من الأبحاث ضمن خطة عمل الهيئة، شملت استخدام بعض المخصّبات العضوية والأسمدة الخضراء على الزيتون، وتأثير الكمبوست والفيرمي كمبوست في نمو وإنتاجية بعض النباتات، وتأثير بعض المستخلصات الطبيعية في نمو وإنتاجية الليمون الماير، وتأثير السائل الحيوي الناتج عن المخمر في نمو وإنتاجية خضار الزراعات المحمية، وغيرها العديد من الأبحاث.
ولا تزال الأبحاث مستمرة في مجال الزراعة العضوية، وسيتم العمل على بعض المستخلصات النباتية ودراسة تأثيرها في نمو وإنتاجية النبات، إضافة لدورها في الحد من بعض الأمراض لخضار البيوت المحمية.
تحديات
أهم المشكلات التي تعاني منها الزراعة العضوية-حسب حسن- تتمثل في مكافحة الأمراض والآفات، حيث يُعمل على دراسة أثر بعض المواد الطبيعية ودورها في المكافحة.
كما أن هناك صعوبة في إقناع المزارعين بالتوجه نحو الزراعة العضوية، فالتوجه العام لمزارعينا هو الإنتاج الوفير والسريع، ما يدفعهم إلى الإكثار من استخدام الأسمدة الكيميائية والمغذيات والمبيدات، في حين أن الزراعة العضوية تحتاج إلى مراحل للوصول إلى إنتاج عضوي.
إضافة إلى ذلك، هناك قلة في وعي المستهلك بأهمية المنتج العضوي وضرورة تناول المنتجات الصحية في ظل انتشار الأمراض.
ضرورة ملحّة
وختمت حسن بالتأكيد على أن الزراعة العضوية أصبحت ضرورة ملحة، في ظل الانتشار الكبير للأمراض الناتجة عن الاستخدام المفرط للأسمدة والمبيدات الكيميائية والمواد الحافظة، وما لذلك من آثار سلبية على البيئة والتربة، منوهة بضرورة العمل على دعم وتطوير الزراعة العضوية، وتكثيف البرامج الإرشادية للتعريف بأهميتها ودورها في الحفاظ على صحة الإنسان والبيئة، وتحسين خصوبة التربة والتقليل من التلوث من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة، إضافة إلى ضرورة نشر الوعي لدى المستهلك عن أهمية المنتج العضوي ودوره في الحفاظ على صحة الإنسان.