حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي

الثورة – ناديا سعود:

يشكّل غياب التمثيل النسائي الكافي في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة محور نقاش واسع بين مختلف الفعاليات الاجتماعية والثقافية، خاصة في دمشق وريفها، ويرى العديد من المهتمين بالشأن العام أن ضعف مشاركة المرأة في الترشح والانتخاب لا يعكس واقعها الحقيقي في المجتمع السوري، بقدر ما يعكس ظروفاً موضوعية وهيكلية تحتاج إلى مراجعة دقيقة.
الناشط الاجتماعي وعضو المبادرة الوطنية للكرد السوريين فراس نعمو، بين في حديثه لـ”الثورة” أن ما يُنظر إليه على أنه نقص في العنصر النسائي، هو في الحقيقة تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي، نتيجة مجموعة من العوامل المتراكمة.

ويقول: في الواقع، نسبة ترشح النساء كانت ضئيلة جداً، فعلى سبيل المثال من بين أربعين مرشحاً في إحدى الدوائر كان هناك خمس نساء فقط، وهذه النسبة المحدودة بطبيعتها تقلل من فرص النجاح، فكلما قلّ عدد المترشحات، انخفض احتمال وصولهن إلى عضوية مجلس الشعب، وهذا تناسب طردي واضح.

ويضيف نعمو: عملت وكيلاً لإحدى المرشحات في مدينة دمشق، ولاحظنا أن التحالفات الانتخابية كانت في معظمها بين المرشحين الرجال، في حين جاءت تحالفات النساء متأخرة وضعيفة التأثير، وعندما ينزل الناخب ليختار قائمة تضم خمسة رجال وامرأة واحدة، فإن حظوظ الرجل تتضاعف تلقائياً، لأن التصويت يميل تلقائياً إلى الكثرة العددية.
ويرى أن طبيعة تشكيل القوائم الانتخابية وآلية الترشيح ساهمت في تراجع فرص النساء، مؤكداً أن البيئة الانتخابية لم تكن معادية للنساء، لكنها لم تكن مساعدة أيضاً.
ويتابع: نحن لا نريد العودة إلى العمل كما كان متبعاً أيام النظام البائد، الذي كان يقسم المرشحين بين فلاحين وعمال وباقي الفئات، لكنه كان يضمن شكلاً من التوازن، من الممكن مثلاً أن تُخصّص بعض المقاعد للنساء في كل محافظة، لنحافظ على الحد الأدنى من التمثيل، كما فعلت بعض الدول التي وضعت “كوتا” نسائية لضمان المشاركة الفاعلة.
ويشير نعمو إلى أن نسبة الرجال في الهيئات الناخبة كانت مرتفعة جداً، وهو ما أثر بدوره على النتائج النهائية، فمن بين كل مئة ناخب تقريباً، هناك ثمانون رجلاً مقابل عشرين امرأة، وإذا افترضنا أن النساء صوتن جميعاً لمرشحة، فإنها ستبقى بنسبة 20 بالمئة أمام 80 بالمئة من الأصوات للرجال، وهذا خلل بنيوي في التوازن الانتخابي.
ويؤكد أنه من الضروري إعادة النظر في الآليات الانتخابية لتأمين تمثيل عادل للنساء، حتى لا يُقال إن وجه الدولة ذكوري، الحقيقة أن الباب مفتوح للجميع، لكن الأدوات بحاجة إلى تطوير حتى تتيح فرصاً متكافئة.
من جانبه، يرى مدير التنظيم والإدارة في مؤسسة صلاح الدين الأيوبي الحقوقي بشار برازي، أن المرحلة المقبلة يجب أن تحمل تصحيحاً في بنية التمثيل النسائي، ويقول في حديثه لـ”الثورة”: نحن نتمنى أن يكون للنساء حضور أكبر، حتى لو كان عدد المقاعد المخصصة لهن نصف مقاعد الرجال، فالمهم أن يكون لهن دور حقيقي، لأن المرأة نصف المجتمع ويجب أن تكون شريكة في القرار.
ويضيف: الانتخابات الأخيرة كانت نزيهة ونظيفة بكل المقاييس، لكننا لاحظنا ضعفاً في الصوت النسائي بمدينة دمشق وريفها، ونأمل أن تكون التجربة القادمة أكثر نضجاً وعدلاً، كما نتمنى نحن ككرد من أبناء دمشق أن يكون لنا تمثيل حقيقي، سواء من العنصر النسائي أم الذكوري، لأننا جزء أصيل من النسيج السوري.
ويشير برازي إلى أن الثقافة والمعرفة هما المدخل الحقيقي لبناء الوطن، قائلاً: في المراحل السابقة، كان الاهتمام موجهاً للنخب الحزبية أكثر من الاهتمام بالمواطن العادي، اليوم نريد أن نعيد الاعتبار للثقافة كأداة وعي ومواطنة، بعيداً عن الانغلاق أو الإقصاء.

ويختم حديثه، بالتأكيد على أهمية الهوية الوطنية الجامعة، خاصة في ظل التعدد القومي والديني في سوريا، قائلاً: نحن نحلم بدولة تُحترم فيها كل المكونات، ويكون الجميع تحت سقف القانون، فالوطن يسع الجميع، والتمثيل العادل لكل المكونات هو الضمانة الوحيدة لاستمرار وحدتنا الوطنية.

آخر الأخبار
حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً ليست مجرد أداة مالية.. القروض المصرفيّة رافعةٌ تنمويّةٌ بعد غياب أربعة أيام.. التغذية الكهربائية تعود لمدينة جبلة وريفها حدائق حمص خارج الخدمة.. والمديرية تؤكد على العمل الشعبي سوريا في صلب الاهتمام والدعم الخليجي - الأوروبي كوينتانا: معرفة مصير المفقودين في سوريا "مسعى جماعي" العمل عن بعد.. خطوة نحو إدارة عصريّة أكثر مرونة