الثورة – رسام محمد :
اكتسب اجتماع عمّان الثلاثي، الذي جمع وزراء الطاقة في سوريا والأردن ولبنان الخميس الماضي، أهمية كبيرة وسط التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة في المنطقة.

ويأتي الاجتماع ضمن جهود إعادة تشغيل مشروع الربط الكهربائي الثلاثي، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل الطاقي العربي، رغم الصعوبات الفنية والمالية والتشغيلية.
وتعود مشاريع الربط الكهربائي بين الأردن وسوريا إلى عام 2001، قبل أن تتوقف عام 2012.
وفي عام 2022، وقعت الدول الثلاث عدة اتفاقيات لتفعيل استجرار الكهرباء والغاز إلى لبنان عبر الأراضي السورية، إلا أن المشروع واجه تحديات مرتبطة بالتمويل والعقوبات.
ويرى الخبير في مجال الطاقة، الدكتور المهندس أحمد عبد الرزاق الضحيك، أن إعادة الربط الكهربائي بين الدول الثلاث تواجه مجموعة من التحديات الفنية، إذ تعرضت شبكة النقل السورية خلال السنوات الماضية لأضرار كبيرة طالت خطوط 400 ك.ف و230 ك.ف.
وقال الضحيك لصحيفة “الثورة”، إن ذلك يستدعي إعادة تأهيل محطات التحويل واستبدال أو صيانة العديد من الأبراج والمقاطع المتضررة، مضيفاً أن الفاقد الفني المرتفع في بعض المناطق، والذي قد يصل إلى أكثر من 25 بالمئة، يتطلب تحسين جودة الشبكة.
متطلبات تشغيلية
وأضاف الضحيك بأن التحديات الأساسية تشمل أيضاً ضرورة ضمان استقرار الجهد والتردد بين الشبكات الثلاث، معتبراً أن أي خلل في الشبكة السورية قد ينعكس مباشرة على استقرار التيار الوارد إلى لبنان.
وأكد أن الربط الكهربائي يحتاج إلى توافق تشغيلي بين الدول الثلاث عبر لجان فنية مشتركة تعمل على توحيد رموز التشغيل، ووضع آليات مشتركة لمعالجة الطوارئ، وتحديد مستويات الحمولات المسموح بها.

ورأى الخبير أن الجانب المالي يمثل أحد أبرز الملفات العالقة في المشروع، إذ يتوجب تحديد آلية لتسعير الطاقة الأردنية المصدّرة إلى لبنان، إضافة إلى تحديد رسوم العبور التي ستحصل عليها سوريا.
ولفت إلى أن تكلفة التأهيل والصيانة تصل إلى مئات ملايين الدولارات، ما يتطلب تأمين تمويل خارجي أو دعماً من المؤسسات الإقليمية، خاصة أن المشروع ذو طابع إقليمي وليس محلياً فقط.
واعتبر أن المشروع فني بالدرجة الأولى، إلا أن نجاحه يرتبط بشكل مباشر بالاستقرار داخل المناطق التي تمرّ خلالها خطوط النقل.
فوائد متوقّعة
وأشار الضحيك إلى أن سوريا تشهد اليوم تطوراً إيجابياً في ملف التعاون الطاقي العربي، خاصة بعد سلسلة مذكرات التفاهم الموقّعة مؤخراً، وهو ما شجّع على إعادة النظر في مشروع الربط الثلاثي.
ولفت إلى أن العوائد المحتملة لسوريا كبيرة، وتشمل تحسين موثوقية الشبكة السورية، وزيادة ساعات التغذية الكهربائية، وتحصيل رسوم عبور ثابتة، بما يعزز موقع سوريا الاستراتيجي كدولة عبور للطاقة بين الجنوب والشمال العربي، ويساهم في إعادة دمجها في المنظومة الاقتصادية الإقليمية.
وخلص إلى أن مشروع الربط الكهربائي بين الأردن ولبنان عبر سوريا ليس مجرد خطوة تقنية، بل جزء من مشروع أكبر لإحياء التكامل الطاقي العربي، واستعادة سوريا دورها الجغرافي الطبيعي كجسر بين دول المنطقة.
اجتماعات عمان
استضافت عمان، الخميس الماضي، اجتماعات التعاون الثلاثي المشترك بين الأردن وسوريا ولبنان لمناقشة مشاريع في مجالات الكهرباء والغاز، بمشاركة وزير الطاقة السوري المهندس محمد البشير، ووزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني صالح الخرابشة، ووزير الطاقة والمياه اللبناني جو الصدي، إلى جانب وفود فنية وهندسية من الدول الثلاث.
وتضمنت الاجتماعات نقاشاً حول ضرورة إجراء تقييم للوضع الفني للبنية التحتية لخطوط الربط الكهربائي وخطوط نقل الغاز لدى الجانبين السوري واللبناني، مع التأكيد على جاهزية الجانب الأردني لتزويد الأشقاء في كلّ من لبنان وسوريا بجزء من احتياجاتهم من الطاقة.
واتفق الوزراء الثلاثة على تشكيل فرق فنية مشتركة لتقييم الخطوط وتحديثها بما يراعي مصالح الجميع، ووضع مصفوفة بالإجراءات المطلوبة لمتابعتها من قبل الأطراف.
وهدفت الاجتماعات إلى تعزيز التعاون العربي والإقليمي في مجالات الطاقة، من خلال إعادة تشغيل مشاريع الربط الكهربائي، واستئناف ضخ الغاز عبر خط الغاز العربي، وتعزيز الجهود المشتركة لرفع كفاءة منظومة الطاقة وتحسين مستوى الاعتمادية في التزويد بين الدول الثلاث.
وقال وزير الطاقة السوري المهندس محمد البشير، إن موقع سوريا الجغرافي المهم كنقطة ربط مشتركة بين الأردن ولبنان لخطوط النقل الكهربائي وخط الغاز العربي يتطلب التنسيق الدائم مع دول الجوار لإعادة تأهيل هذه الخطوط وإعادتها للعمل بعد أن تأثرت بسبب الأوضاع السياسية، وفق المواصفات والمتطلبات الفنية المطلوبة.
وأكد البشير أن الفرق الفنية تعمل على قدم وساق لإعادة تأهيل وتطوير خطوط الربط الكهربائي، والتغلب على بعض التحديات التي يعانيها خط الغاز العربي مع الجانب اللبناني، مشيراً إلى أن ربط الخطوط مع الأردن يتمتع بجاهزية عالية.