أول باخرة سورية نحو أميركا الجنوبية.. تدشين ممر تصديري إلى أسواق 450 مليون مستهلك

الثورة – رولا عيسى:

انطلقت من ميناء طرطوس أول باخرة سورية نحو البرازيل في أميركا الجنوبية، بعد استكمال تحويلها محلياً لتكون ناقلة مواشٍ مطابقة للمعايير الفنية، في خطوة تعزز القدرات التشغيلية للمرافئ السورية، وتعكس جاهزية قطاع النقل البحري للقيام بدور أكبر في دعم الاقتصاد الوطني، وتوسيع آفاق التصدير نحو أسواق جديدة، وتعزيز حضور سوريا على خريطة النقل البحري الإقليمي والدولي.

يقول الخبير الاقتصادي فاخر قربي، لـ “الثورة”، إن الانطلاق المباشر من طرطوس نحو أحد أبعد المسارات البحرية “يمثل خطوة تُعيد وصل سوريا بشبكات نقل كانت تعتمد سابقاً على محطات وسيطة”.

ويضيف قربي: “الرحلة، مهما كان حجمها، هي إعلان عن قدرة مرفأ طرطوس على تشغيل خط طويل، والأهم أنها تعكس استعداداً لوجستياً وصناعياً داخل سوريا”.

كوادر محلية

مصادر ملاحية في طرطوس أكدت أن ورشات الصيانة البحرية أنهت تحويل السفينة خلال فترة قياسية، بما شمل تجهيز وحدات تهوية وأرضيات فرعية وممرات خاصة بالمواشي.

ويرى الخبير قربي أن “قدرة الكوادر على تنفيذ تحويل من هذا النوع تعني استعادة جزء من الصناعة البحرية التي كانت متقدمة قبل 2011”.

ويلفت إلى أن “وجود هذه الخبرات يفتح الباب أمام تحويل سفن إضافية أو إعادة تشغيل ورشات بناء السفن الصغيرة، وهو قطاع يمكن أن يخلق قيمة مضافة عالية”.

لا يمكن فصل الحدث عن سياق الانفتاح الاقتصادي النسبي الذي تشهده بعض القطاعات، خصوصاً بعد تحسّن وصول شحنات الحبوب من أميركا الجنوبية إلى الموانئ السورية خلال الأشهر الأخيرة.

الخبير الاقتصادي قربي يربط بين هذا التطور وما يسميه “محاولة إعادة تموضع في الجغرافيا التجارية”، موضحاً أن فتح خط إلى أميركا الجنوبية يمنح سوريا خيارات أكبر في الاستيراد والتصدير، ويقلل من الخطر المرتبط بالاعتماد على مسارات إقليمية مضطربة.

طريق طويل

وترى الخبيرة الاقتصادية والتنموية الدكتورة زبيدة القبلان، في حديثها لـ “الثورة”، أن الخطوة تتضمن بالتأكيد فوائد محتملة، لكن الطريق لا يزال طويلاً.

ورغم التفاؤل المرتبط بانطلاق الباخرة، إلا أن التوقعات الواقعية تشير إلى ضرورة تأمين متطلبات تشغيل مستدام، منها: اتفاقيات تصدير واضحة مع شركات في البرازيل والأرجنتين، وحلول للتأمين والشحن تتجاوز تعقيدات العقوبات، واستثمار في مرفأ طرطوس لتجهيز بنى تحتية خاصة بنقل المواشي أو السلع الزراعية المبردة.

مغادرة أول سفينة باتجاه القارة الأميركية الجنوبية تُعيد فتح ملف كان مغلقاً منذ سنوات، وتطرح سؤالاً جوهرياً: هل يمكن لسوريا إعادة عقود تصدير تقليدية مع أسواق بعيدة؟

تجيب الدكتورة القبلان: نعم، لكن بشرط واحد: الانتظام، فرحلة واحدة لا تصنع تجارة، لكن خمس رحلات متتالية تغير قواعد اللعبة.

وتفتح هذه الرحلة باباً واسعاً أمام استعادة الدور التصديري لسوريا نحو أسواق بعيدة، بعد سنوات من انكماش الصادرات واقتصارها على الوجهات الإقليمية، فالوصول إلى أميركا الجنوبية، وتحديداً البرازيل التي تعد واحدة من كبرى أسواق اللحوم والمنتجات الزراعية، يمثل فرصة لإعادة إدراج المنتجات السورية ضمن سلاسل القيمة العالمية، لا سيما في سلع تمتلك سوريا فيها ميزة نسبية مثل المواشي والحمضيات والزيوت والنباتات العطرية.

وتقول الخبيرة القبلان: إن أهمية الخط الجديد تكمن في “تحويل طرطوس إلى منشأٍ تصديري لا مجرد مرفأ عبور”، موضحة أن “الدخول إلى أسواق أميركا الجنوبية يمنح المنتج السوري مساحة أوسع للمنافسة، ويتيح تسويق سلع ذات جودة عالية وبأسعار أقل، مستفيداً من انخفاض تكاليف الشحن المباشر مقارنة بالاعتماد على موانئ وسيطة”.

450 مليون مستهلك

جغرافياً، يعتقد الخبير الاقتصادي قربي أن هذا المسار البحري له قدرة على الوصول إلى سوق يتجاوز 450 مليون مستهلك، ويتيح تنويع الوجهات التصديرية بعيداً عن التشابكات السياسية والجمركية في المنطقة، كما أن دولاً مثل البرازيل وفنزويلا وبوليفيا تمتلك احتياجات كبيرة للثروة الحيوانية والمواد الأولية، ويمكن لسوريا أن تعيد بناء عقود تصدير مستقرة معها، خاصة في المواشي والمنتجات الزراعية غير المصنعة.

أما على مستوى سلاسل القيمة، فإن التشغيل المنتظم للخط يعني فرصاً للصناعات المرتبطة بمرحلة ما بعد الإنتاج: الفرز، التعبئة، التبريد، وتطوير معامل صغيرة تخدم السوق الخارجية.

ويقدر قربي أن “عودة التصدير عبر خطوط بحرية طويلة قد تُعيد رفع قيمة الصادرات الزراعية السورية بنسبة تتراوح بين 20 و30 بالمئة خلال السنوات الثلاث المقبلة، في حال استمر التشغيل وتوسعت الاتفاقيات الثنائية”.

ورغم أن الشحنة الحالية تتعلق بالمواشي، إلا أنها تفتح الطريق أمام سلة أوسع من الصادرات، ما يجعل للحدث بعداً استراتيجياً، ليس فقط لجهة استعادة الحركة البحرية، بل لجهة إعادة سوريا كدولة مصدرة بعد فترة طويلة من الاعتماد على الاستيراد.

وكانت سوريا ترتبط بعلاقات تجارية جيدة مع بلدان أميركا اللاتينية خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ثم تراجعت الحركة تدريجياً لصالح الموانئ التركية والقبرصية، قبل أن تتوقف تقريباً بعد عام 2011، نتيجة غياب خطوط شحن مباشرة، وارتفاع تكاليف التأمين على السفن المتجهة إلى سوريا، وخروج معظم أسطول النقل البحري السوري من الخدمة.

آخر الأخبار
دمشق ...نظافة تتجمل في المركز وتتراكم في الأطراف معلمو ومعلمات الشمال بين مطرقة الغلاء وسندان نظام تعليمي منهك إلغاء الاختبار الترشيحي للطلاب الأحرار.. خطوة تربك البعض وتطمئن آخرين فوضى خطوط النقل بدمشق: المواطن والسائق يدفعان الثمن "مدوّنة السلوك".. اختبار الثقة بين رجل الأمن والمواطن الوزير الشيباني في عُمان لأول مرة لمناقشة التطورات الإقليمية والدولية سوريا تستعرض دورها الأمني والدبلوماسي في ورشة عمل بسويسرا سوريا تطالب باستعادة حقوقها داخل منظمة حظر الأسلحة سوريا محور ربط كهربائي ثلاثي.. مشروع عربي يعود إلى الواجهة رغم التحديات أول باخرة سورية نحو أميركا الجنوبية.. تدشين ممر تصديري إلى أسواق 450 مليون مستهلك منتخبنا يطمح للعبور من بوابة جنوب السودان لكأس العرب عودة ميمونة لبرشلونة للكامب نو برباعية قنوات رياضية عالمية على البث الأرضي في سوريا بايرن يبتعد في صدارة البوندسليغا سان جيرمان يستعيد صدارة الليغ آن فوز الجيش وأهلي حلب في دوري اليد جبلة يشكل الفريق الرديف للرجال صعود أربعة أندية لدوري الأولى لكرة الطائرة من شمالها إلى جنوبها.. "فداء لحماة" بارقة أمل لريف أنهكته سنوات الحرب والدمار حملة "فداء لحماة"... أكبر مبادرة إنسانية وتنموية منذ سنوات