على الرغم من كل المؤشرات على الانفتاح الاقتصادي على سوريا من استثمارات، يظل رأس المال البشري أثمن ما تملكه سوريا اليوم.
يُقال في الاقتصاد: “إن التنمية التي لا تُبنى على مقومات علمية تدعمها وتطورها ستبقى هشة خالية من الأبعاد الاستراتيجية”، لذلك نرى أن كل دول العالم تراهن على أهمية الاستثمار بالعقول من خلال دعم البحث العلمي.
ففي بلد أنهكته الحرب ودمرته السياسة الاقتصادية الخاطئة للنظام المخلوع، يمكن لنا أن نُعيد بناء المباني والبنى التحتية، لكن العقول إذا هاجرت أو تراجعت قدراتها يصعب تعويضها بسهولة.
الاستثمار في العقول يعني قبل كل شيء الاستثمار في التعليم النوعي، في بيئة جامعية قادرة على مواكبة التطورات العالمية، وفي مناهج تُحفّز التفكير النقدي والإبداع بدل الحفظ والتلقين، ويعني أيضاً فتح المجال أمام الشباب لاقتحام عالم البحث العلمي والريادة التكنولوجية، وربطهم بالاقتصاد المنتج لا بالبطالة المقنّعة.
سوريا اليوم بحاجة إلى رؤية واضحة تضع الإنسان في صلب عملية التنمية من خلال برامج لدعم المبدعين، احتضان الشركات الناشئة، تعزيز الشراكات بين الجامعات وقطاع الأعمال، وتقديم حوافز تجعل الكفاءات تفكر في البقاء بدلاً من الهجرة.
الاستثمار في العقول ليس ترفاً، بل هو الضمانة الوحيدة كي تنهض البلاد من جديد، فالأمم التي سبقت لم تُبنَ على الحجر وحده، بل على الإنسان الذي فكّر، واجتهد، وحوّل المعرفة إلى قوة.