في وداع الزميلة العزيزة غصون سليمان، التي تقاعدت قبل يومين، تقف الكلمات حائرة أمام مسيرة تفيض بالصدق والمهنية، وتاريخ طويل من العطاء الهادئ الذي يترك أثره العميق دون ضجيج.
ثلاثون عاماً أمضتها غصون في “مهنة المتاعب” في جريدة الثورة، كانت خلالها مثالاً للصحفيّة التي تحمل قلباً كبيراً وقلماً لا يساوم، ووجهاً بشوشاً لا يعرف إلا المحبة لكل من حوله.
كانت غصون، على الدوام، أول من يحضر وآخر من يغادر، تحمل همّ الحقيقة أينما ذهبت، وتمنح عملها من روحها ما يجعل كل مهمة صحفيّة جزءاً من رسالتها الإنسانية قبل المهنية. عرفناها دقيقة، صبورة، حريصة على الكلمة التي تكتبها، وعلى الزميل الذي يعمل معها، وعلى المؤسسة التي أحبّتها بصدق نادر.
في وداعها، لا نقول سوى أن غصون لم تكن مجرد زميلة، بل كانت ركناً هادئاً نلجأ إليه، ووجهاً يوزّع الطمأنينة، وصوتاً يذكّرنا بأن الصحافة ليست مهنة فقط، بل التزام وشغف وضمير. ستبقى غصون سليمان في ذاكرة زملائها صفحة مشرقة، وفي تاريخ الصحافة مثالاً يحتذى. لا تستطيع وأنت تتذكر هذه الشخصية النقية والنبيلة والودودة، إلا أن تعترف بأنك تأثرتَ بها وتعلمتَ منها القيمَ النبيلة، إضافة إلى الشغف الكبير بالصحافة، الشغف الذي لم ينخفض منسوبه طوال ثلاثين عاماً.