“برغل بحمص”.. وجبة شعبية وذاكرة مكان

الثورة – فاديا هاشم :

يمثل “البرغل بحمص” واحداً من أبرز الأطباق الشعبية التي حافظت على حضورها على موائد السوريين بشكل عام و في الساحل السوري بشكل خاص، كوجبة شعبية وجزء من ذاكرة المكان وطقوسه الاجتماعية.

فقد أصبحت هذه الأكلة رمزاً يجمع بين الأهالي في الأعياد والمناسبات ويعكس بساطة المكوّنات المحلية التي اتكأ عليها المطبخ الساحلي عبر الزمن. ويشتهر سكان المنطقة بطهيها على الحطب داخل “مقلي الفخار” المصنوع من التراب الأحمر، وهو ما يضفي عليها نكهة مميزة ارتبطت بالأصالة والبيئة الريفية.

تقول ريم محمد وهي سيدة من ريف جبلة: “البرغل بحمص أكلة شعبية بامتياز وغنية بالقيمة الغذائية. تشعر الشخص بالشبع و تمنحه الطاقة، وتمدّه بالقوة، ولذلك درجت تسمية هذه الأكلة أحياناً “بمسامير الركب”. وتضيف محمد أن عملية الطهي تبدأ بسلق الحمص مع اللحم أو الفروج مع ورق الغار وإكليل الجبل لمنحها نكهة زكية نظيفة وخالية من أي رائحة غير مرغوبة. وبعد نضوج اللحم يُترك ليبرد، ويؤخذ ماؤه ليُضاف البرغل في “مقلي الفخار” فوق الحطب ليأخذ وقته في النضج، وبعد انتهاء طهيه، يُرش زيت الزيتون وخاصة زيت الخريج المعروف في المنطقة ليكتمل طعمه المميز. ويقدم طبق البرغل بحمص عادة مع اللبن والبصل الأخضر أو اليابس أو حسب ذوق كل شخص.

فيما يوضح معاذ عبد الله أن هذه الأكلة كانت ولا تزال جزءاً من موائد الأعراس والمناسبات، إذ يطهى البرغل بكميات كبيرة حسب كل مناسبة، ما يعزز روح “اللمة” العائلية والمجتمعية. ولفت أن هذه الأكلة انتقلت خلال العقود الماضية من البيوت الريفية إلى المدن، ثم إلى المطاعم خارج البيئة المحلية، مكتسبة شعبية واسعة بفضل نكهتها واعتماد كثير من الطهاة في دول عربية على إعدادها بالطريقة الساحلية.

كما يشير إبراهيم العلي وهو في عقده الثامن إلى أن البرغل بحمص ارتبط تاريخياً بالأواني الفخارية التي كان يستخدمها الأهالي ومنها “المقلي” المصنوع من التراب الأحمر، والملاعق الخشبية التي كانت جزءاً من الحياة اليومية وبيئتها الصحية. مؤكدا أن هذه الأدوات التقليدية أسهمت في الحفاظ على الطابع المميز للأكلة وعلى استمراريتها بوصفها جزءاً من الموروث الشعبي الذي تنتقل وصفاته وطقوسه من جيل إلى آخر.

غني بالألياف

ومن جهتها، أكدت أخصائية التغذية سمر النوري أن فوائد البرغل كثيرة، فهو غني بالألياف التي تعزز صحة الجهاز الهضمي، وصحة القلب، ويساعد في خفض مستويات الكوليسترول في الدم، وفقدان الوزن لوجود ألياف فيه تعزز الشعور بالشبع، وتساهم في خسارة الوزن، وتضيف الأخصائية أنه مصدر غذائي متكامل يوفر للجسم الفيتامينات والمعادن الأساسية مثل الحديد ،المغنبزيوم، ويعد أيضاً مصدر للبروتين لبناء خلايا الأنسجة الأساسية في الجسم.

وهكذا يبقى “البرغل بالحمص” أكثر من مجرد وجبة، فهو طقس اجتماعي يعكس علاقة الإنسان الساحلي بأرضه وغذائه وأدواته، ويختزن رواية طويلة من الذاكرة الشعبية التي لا تزال حاضرة رغم تغير الزمن وتعدد الأطباق الحديثة.

آخر الأخبار
تعرفة النقل بين التخفيض المرتقب والواقع المرهق.. قرار يحرّك الشارع بعد عام من الحراك الدبلوماسي.. زخم دولي لافت لدعم سوريا صحيفة الثورة السورية المطبوعة.. الشارع الحلبي ينتظر رائحة الورق حملة "دفا".. ليصبح الشتاء أكثر دفئاً استيراد السيارات المستعملة يتأرجح بين التقييد والتمديد من الماضــــي نستمد العبرة للحاضـــر اضطراب القلق المعمّم يهدّد التوازن النفسي.. وعلاجه ممكن بشروط اختلال ميزان المجتمع.. هل تلاشت الطبقة المتوسطة ؟ الزيتون.. موسم صعب بين الجفاف وقلة الدعم التلوث البيئي... صمت ينهش رئتي دمشق  رحلتان علميتان لتعزيز مهارات طلاب علوم الأغذية بجامعة حلب غرفة تجارة حلب تبحث مع سفير جنوب إفريقيا تطوير العلاقات الاقتصادية ردود فعل دولية وعربية تندد بزيارة نتنياهو للجنوب السوري شطرنجنا يتألق في بطولة العرب بالكويت سلّة الكرامة وحمص الفداء بنكهة سمراء متابعة مشاريع منظمة "العمل ضدّ الجوع" في "تل الضمان" بحلب غلاء الكهرباء.. بين الضرورة الاقتصادية والضغوط الاجتماعية خمس ذهبيات للجودو في غرب آسيا مستقبل مشرق لكرة القدم النسائية في نادي محافظة حمص تشغيل تجريبي متواصل وخارج ساعات برنامج التقنين بالقنيطرة