غلاء الكهرباء.. بين الضرورة الاقتصادية والضغوط الاجتماعية

الثورة – وفاء فرج:

يتواصل الجدل في الشارع حول رفع أسعار الكهرباء، بين من يرى فيه خطوة اقتصادية ضرورية تدعم التوازن المالي، وبين من يعتبره “صدمة للمواطن” يفاقم الأعباء المعيشية في ظل ظروف اقتصادية صعبة. تتداخل هنا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لتطرح تساؤلات حول مدى مراعاة قدرة السوريين على تحمل الكلفة، وأهمية وجود آليات دعم حقيقية للفئات الهشة، في بلد يرزح 90 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر.

آراء الشارع

استطلعت صحيفة “الثورة” آراء بعض المواطنين حول قرار زيادة أسعار الكهرباء، الذي توقع الموظف يوسف العلي، أن يؤثر سلبياً على جميع الفئات الاجتماعية، خاصة العائلات ذات الدخل المحدود، وذلك لأنها تواجه بالفعل صعوبات اقتصادية كبيرة، ولا تستطيع تحمل هذه الزيادة، متأملاً من الحكومة أن تبحث عن حلول أخرى لتخفيف الأعباء عن المواطنين.
وتقول هالة سليمان، ربة منزل وأم لثلاثة أطفال: “نحن نستخدم الكهرباء بشكل مستمر للتدفئة والطهي، وهذه الزيادة ستجعل من الصعب علينا دفع الفواتير، مما يجعل من الضروري أن يكون هناك دعم حكومي للمواطنين ممن لا يستطيعون تحمل هذه التكاليف”.


بينما رأى زياد محمد، صاحب عمل خاص، أن “زيادة أسعار الكهرباء ستؤثر على الأعمال الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير”، وأضاف: “نحن نستخدم الكهرباء بشكل مستمر في أعمالنا، وهذه الزيادة ستزيد من تكاليف الإنتاج، مما قد يؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات والخدمات”. وتشير سهى عيسى، إلى أنها تعاني من مرض مزمن يتطلب استخدام الأجهزة الطبية التي تعمل بالتيار الكهربائي، وهذه الزيادة ستجعل من الصعب عليها دفع الفواتير، خاصة أنها لا تملك دخلاً ثابتاً، مشددة على ضرورة توفير دعم، خاصة للمرضى الذين يعتمدون على الكهرباء.
ويوضح المهندس غازي حسن، أنه يتعامل مع شركة صغيرة في مجال التكنولوجيا، ويستخدم الكهرباء بشكل مستمر، محذراً من أن هذه الزيادة ستزيد من تكاليف التشغيل، مما قد يؤدي إلى تقليل فرص العمل، وتابع: “يجب على الحكومة أن تبحث عن حلول أخرى لتخفيف الأعباء عن الشركات الصغيرة”.

تجاهل الضغوط

الباحث الاقتصادي و النائب السابق لغرفة تجارة دمشق محمد الحلاق، يرى أن رفع أسعار الكهرباء، جاء نتيجة “ظروف وشروط وخصوصية معينة”، لكنه انتقد بشدة طريقة تعامل الحكومة مع هذا الملف.

واعتبر الحلاق أن الحكومة “لم تتصرف بناء على دراسة القاعدة الشعبية”، بل بناء على “الكلفة المترتبة عليها”، متجاهلة الظروف الاجتماعية والضغوط التي يعيشها المستهلك السوري اليوم. وأوضح الحلاق أن “المفارقة الصعبة” تتمثل في تحديد الحكومة لأسعار البنزين بنسبة أعلى من دول الجوار تصل إلى 30 بالمئة، ثم تخفيضه ليقارب قيمته في دول الجوار، بينما “رفعت تعرفة الطاقة الكهربائية 60 ضعفاً”. وبحسب الحلاق، لم يراعِ هذا القرار الجانب الاجتماعي، معتبراً أن حدّ الاستهلاك المدعوم بنسبة 60 بالمئة (300 كيلوواط) تبلغ تكلفته 180 ألف ليرة، ويشكل إنهاكاً كبيراً للمواطن، خاصة أن هذه الكمية لا يمكن أن تكفي أسرة عادية في الدورة الواحدة التي تبلغ مدتها شهرين.
وحذر الحلاق من أن ارتفاع فاتورة الكهرباء سيؤدي حتماً إلى موجة تضخم جديدة، إذ ستضطر الشركات لرفع رواتب موظفيها لمواجهة ارتفاع نفقاتهم المعيشية، مما يرفع بدوره هوامش الربح أو ما أسماه “تسكير النفقات”، لتنتقل الكلفة النهائية إلى المستهلك في شكل منتجات أغلى. ويرى الحلاق أن “اقتصاد السوق الحر” المطبق حالياً “ما زال يشوبه إشكاليات كبيرة”، لأنه لا يأخذ الوضع الاجتماعي الضاغط على المفهوم بشكل كامل.

توازنات وتشاركية

وحول الحلول الممكنة، أكد الحلاق أن الإصلاح يجب أن يكون “متناسباً بين الجميع” عبر خلق توازنات وتشاركية كاملة بين أفراد المجتمع.


ودعا الحلاق، وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى تحمل دورها في دعم الفئات الهشة والمحتاجة، مشيراً إلى أن هذا هو دور “الجانب الاجتماعي” الذي يجب أن يترافق مع رفع الأسعار.
كما حث على تشبيك المؤسسات الخيرية والجمعيات مع الوزارة لتقديم الدعم اللازم، لضمان أن يتم تقديم الخدمة (الطاقة وغيرها) بالشكل الأنسب دون إثقال كاهل المواطن. ورغم أن رفع أسعار الكهرباء يمثل خطوة اقتصادية تهدف إلى تحقيق توازن في النفقات العامة، إلا أن الرؤية الاجتماعية لا تبدو مواكبة لهذا القرار. وفي غياب خطة دعم واضحة للفئات الهشة، يظل المواطن السوري “الحلقة الأضعف”، معرضاً لمزيد من الأعباء المعيشية، خاصة في حال حدوث موجة تضخمية جديدة قد تقوض أي مكاسب اقتصادية محتملة. وعليه، يبدو أن التحدي الأكبر أمام الحكومة يتمثل في إيجاد آليات حماية اجتماعية فعّالة تضمن التوازن بين الضرورات الاقتصادية والقدرة الشرائية للمواطن.

آخر الأخبار
نتنياهو في جنوب سوريا.. سعي لتكريس العدوان وضرب السلم الأهلي هيئة التخطيط والإحصاء لـ"الثورة": تنفيذ أول مسح إلكتروني في سوريا استلام الذرة الصفراء.. خطوة لدعم المزارعين وتعزيز الأمن العلفي تعرفة النقل بين التخفيض المرتقب والواقع المرهق.. قرار يحرّك الشارع بعد عام من الحراك الدبلوماسي.. زخم دولي لافت لدعم سوريا صحيفة الثورة السورية المطبوعة.. الشارع الحلبي ينتظر رائحة الورق حملة "دفا".. ليصبح الشتاء أكثر دفئاً استيراد السيارات المستعملة يتأرجح بين التقييد والتمديد من الماضــــي نستمد العبرة للحاضـــر اضطراب القلق المعمّم يهدّد التوازن النفسي.. وعلاجه ممكن بشروط اختلال ميزان المجتمع.. هل تلاشت الطبقة المتوسطة ؟ الزيتون.. موسم صعب بين الجفاف وقلة الدعم التلوث البيئي... صمت ينهش رئتي دمشق  رحلتان علميتان لتعزيز مهارات طلاب علوم الأغذية بجامعة حلب غرفة تجارة حلب تبحث مع سفير جنوب إفريقيا تطوير العلاقات الاقتصادية ردود فعل دولية وعربية تندد بزيارة نتنياهو للجنوب السوري شطرنجنا يتألق في بطولة العرب بالكويت سلّة الكرامة وحمص الفداء بنكهة سمراء متابعة مشاريع منظمة "العمل ضدّ الجوع" في "تل الضمان" بحلب غلاء الكهرباء.. بين الضرورة الاقتصادية والضغوط الاجتماعية