الثورة:
منذ توليه حقيبة الخارجية السورية عقب سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، استطاع الوزير “أسعد الشيباني” أن يرسم ملامح جديدة للسياسة الخارجية السورية، مقدماً أداءً غير مسبوق في تاريخ الدبلوماسية السورية المعاصرة.
فعلى مدى ثمانية أشهر فقط، انتقل الشيباني من قيادة مؤسسة كانت منهكة ومعزولة إلى جعلها إحدى ركائز الانفتاح السوري على العالم، في وقت ما زالت فيه البلاد تتلمس طريقها نحو الاستقرار السياسي والأمني.
إعادة بناء الحضور الدولي
مع بداية عام 2025، قاد الشيباني وفداً سورياً إلى مؤتمر ميونيخ للأمن، ليكون ذلك أول حضور رسمي لسوريا الجديدة في محفل دولي بعد عقود من التجميد والعزلة، وقدّم خلال المؤتمر رؤية واضحة للسياسة الخارجية السورية، تقوم على المصالحة الوطنية والانفتاح على العالم، ما فتح الباب أمام عودة سوريا إلى طاولة النقاش الدولي.
وفي الشهر التالي، مثّل سوريا في قمة الحكومات العالمية في دبي، إذ شدد على أن إعادة الإعمار لا يمكن أن تتحقق من دون رفع العقوبات ودمج سوريا مجدداً في النظام الاقتصادي العالمي.
اختراقات دبلوماسية نوعية
حققت الخارجية خلال فترة قصيرة اختراقات دبلوماسية لافتة، أبرزها إعادة عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي في آذار/مارس 2025، بعد تعليق دام أكثر من عقد بسبب جرائم النظام السابق، كذلك توقيع اتفاق إعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوريا الجنوبية في نيسان/أبريل 2025، لتكون أول دولة آسيوية تعيد علاقاتها رسمياً مع دمشق بعد مرحلة الانقطاع، والقيام بجولة واسعة في موسكو، التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، مؤكداً على شراكة جديدة مع روسيا بعيداً عن إرث الأسد.
رفع العقوبات وعودة العلم السوري للأمم المتحدة
تُعد واحدة من أبرز إنجازاته المساهمة في رفع العقوبات الأميركية والأوروبية الأساسية عن سوريا في أيار/مايو 2025، وهو قرار تاريخي وصفه الشيباني بأنه “بداية جديدة لإعادة إعمار سوريا”.
كما كان لهذه الجهود الفضل في أن يعود العلم السوري ليرتفع مجدداً في الأمم المتحدة بعد سنوات من التجميد، في خطوة رمزية عكست استعادة الشرعية الدولية.
دبلوماسية الجاليات والانفتاح على الداخل
لم تقتصر إنجازات الشيباني على الساحة الدولية فحسب، بل شملت الداخل السوري والشتات، فقد عقد أكثر من 40 اجتماعاً مع الجاليات السورية في أوروبا والخليج وأميركا، ما ساعد على إعادة ربط هذه الجاليات بالدولة السورية الجديدة.
كما أعلن عن إنشاء “المجلس الاستشاري للجاليات السورية” ليكون منصة تشاركية تسهم في صنع القرار الدبلوماسي.
وفي حزيران/يونيو، أكد على إشراك الكفاءات السورية الشابة في العمل الدبلوماسي، بعدما كانت هذه المواقع حكراً على تيار سياسي واحد في عهد النظام السابق، الأمر الذي اعتُبر تحولاً جذرياً في ثقافة وزارة الخارجية.
حضور اقتصادي وسياسي في المنتديات العالمية
في تموز/يوليو 2025، شارك الشيباني في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس الصيفي، حيث عرض رؤية سوريا الجديدة في إعادة الإعمار، مركّزاً على جذب الاستثمارات الدولية، وتحقيق شراكات إقليمية.
كما أشرف على افتتاح أول بعثة دبلوماسية سورية جديدة في أوروبا منذ سقوط النظام، خطوة رمزية أكدت أن سوريا تسير باتجاه استعادة مكانتها الدبلوماسية.
مواجهة الحملات الإعلامية
ورغم تعرضه في آب/أغسطس لحملة عنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي عقب الإعلان عن لقائه مع وفد إسرائيلي في واشنطن، فإن الإنجازات التي حققها خلال الأشهر الماضية جعلت كثيراً من الأصوات السورية والعربية والدولية تدافع عنه، مؤكدة أن ما قام به من خطوات عملية أعاد لسوريا مكانتها الإقليمية والدولية.
في غضون ثمانية أشهر فقط، نجح الوزير الشيباني في أن يحوّل وزارة الخارجية السورية من مؤسسة مثقلة بتركة الاستبداد والعزلة إلى واجهة حيوية وفاعلة للدولة السورية الجديدة، فقد أعاد لسوريا مقاعدها في المنظمات الدولية، وساهم في رفع العقوبات عنها، وأعاد علاقاتها مع دول كبرى وإقليمية، وفتح المجال أمام الكفاءات الشابة لتمثيل البلاد.