الثورة – جهاد اصطيف:
في ظل الارتفاع غير المسبوق في أسعار الإيجارات بمدينة حلب، ومعاناة آلاف الأسر في تأمين مسكن لائق، شهد مبنى المحافظة اجتماعاً موسعاً، ضمّ مسؤولين وخبراء وممثلين عن مختلف القطاعات، بهدف البحث عن حلول عاجلة ومستدامة لإعادة التوازن إلى سوق الإيجارات وضبط العلاقة بين المالكين والمستأجرين.
إيجارات تفوق الدخل
ومع تزايد الطلب على السكن بسبب عودة جزء من الأهالي إلى أحيائهم، والدمار الواسع الذي طال عدداً من المباني، ارتفعت الإيجارات بشكل لافت، ففي بعض الأحياء تجاوزت قيمة الإيجار الشهري نصف دخل الأسرة، وهو ما جعل الكثير من العائلات تعيش في حالة ضغط دائم.
أحمد. ك، موظف حكومي يسكن مع أسرته في حي الميدان، يقول: راتبي الآن وصل إلى عتبة المليون ليرة سورية، فيما الإيجار وصل إلى 800 ألف ليرة سورية، نحن مضطرون للاستدانة شهرياً لتأمين بقية احتياجاتنا.
حضور رسمي ومجتمعي واسع
الاجتماع جاء بتوجيه من محافظ حلب المهندس عزام الغريب، وحضره نوابه فواز هلال وعلي حنورة، إضافة إلى معاون المحافظ لشؤون الخدمات المهندس فراس المصري، كما شارك ممثلون عن نقابة المحامين، تجار البناء، أصحاب شركات الإنشاء والدلالة العقارية، إلى جانب الجمعيات السكنية والبلدية، وعدد من الأهالي المتضررين.
هذا التنوع في الحضور يعكس حجم المشكلة، وارتباطها بعدة قطاعات، من التشريعات القانونية إلى البنية التحتية والخدمات وواقع القطاع المالي.
وناقش المجتمعون محاور عدة، أبرزها: ضبط القيمة الحقيقية للإيجارات، وضرورة اعتماد آلية واضحة لتحديد قيمة الإيجار حسب المناطق السكنية والفئات الاجتماعية، والإشارة إلى غياب تشريع قانوني أو جهة رسمية تحدد الأسعار حتى الآن.
كما تطرق الحضور إلى اقتراح تنظيم عقود الإيجار والتمديد الحكمي، وتحديد عدد سنوات الإيجار وأسباب الإخلاء، لضمان حقوق المستأجرين من جهة، وصون حقوق المالكين من جهة أخرى.
ومن الحلول المطروحة، إصلاح البنية التحتية والخدمات، ودعم الأحياء المتضررة عبر ترحيل الأنقاض وتقديم الخدمات الأساسية، وتسهيل منح رخص الترميم بما يتيح عودة الأهالي إلى منازلهم ويخفف الضغط عن مناطق أخرى، والدعم المالي والقروض السكنية، وتقديم قروض ميسرة من البنوك لترميم المنازل، والبحث في آليات لتسهيل الحصول على القروض السكنية للمواطنين، وتشجيع شركات الاستثمار العقاري، والجمعيات التعاونية السكنية عبر توفير أراضٍ معدة للبناء ومنح تسهيلات وحوافز، والإسراع في إعادة الترميم والبناء عبر التعاون مع المنظمات والجمعيات العاملة .
تحديات عميقة
أزمة الإيجارات في حلب تعكس عمق التحديات المعيشية التي يواجهها السكان، بين محدودية الدخل وارتفاع الطلب على السكن وغياب التشريعات المنظمة، ومن دون شك أن الاجتماع الأخير مثّل خطوة مهمة نحو البحث عن حلول، لكنه يبقى جزءاً من مسار طويل ومعقد يحتاج إلى تعاون بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
فالمطلوب اليوم ليس فقط تخفيض الإيجارات مؤقتاً، بل وضع سياسة إسكانية متكاملة تعالج جذور المشكلة وتضمن حق المواطن في مسكن لائق.