كيف نحدد بوصلة الأولويات..؟ التعليم حق مشروع لا يؤجل ولا يؤطر

الثورة – مريم إبراهيم:

تثير مشكلات بدء الدراسة كثيراً من الأخذ والرد، مع أسئلة باتت متداولة وحتى مستهلكة للغاية، حول الأسباب التي تفاقم من مشكلات بدء العملية التربوية والتعليمية لجميع المراحل في الكثير من المدارس، مع تباين واضح في ظهور مشاكل ما في مدارس، وتجاوز بعض المعوقات في مدارس أخرى. إذ بدا ملفتاً تصريح وزير المالية محمد يسر برنيه أن الأولوية في إنفاق موازنة سوريا القادمة للتربية والتعليم، وهذا القطاع سيكون في صدارة أولويات الإنفاق، في الوقت الذي أحدثت فيه الأرقام و الإحصائيات الصادرة عن التربية ذهولاً وقلقاً حول العملية التعليمية، وعدم توفير البيئة التعليمية المناسبة، فهناك أكثر من 2.9 مليون طالب بلا مقعد دراسي، نتيجة التدمير الكلي أو الجزئي لما يزيد عن 7250 مدرسة في مختلف المناطق، أبرزها ريف دمشق. في بعض الشعب الصفية، ليتجاوز عدد الطلاب الـثمانين طالباً في الغرفة الواحدة، مع مشكلة الدوام النصفي وعدم كفاية المعايير التربوية بالشكل اللازم.

وفي منشور عبر منصة لينكد قال الوزير برنيه: يوجد أكثر من 7200 مدرسة بحاجة إلى ترميم وإصلاح، ونحو 2.4 مليون طفل بلا مدرسة، والدولة السورية تولي أهمية كبيرة لقطاعي الصحة والتعليم، والنظام الضريبي الجديد يشمل إعفاءات لقطاع الأعمال تستخدم للمسؤولية المجتمعية، الذي يعتبر قطاع التربية والتعليم من أهم مطارحها، وهناك مبادرات أخرى سيتم إطلاقها قريباً لتحسين جودة التعليم، وخاصة التعليم التقني والمدارس الذكية، ومستقبل سوريا مرتبط بالتعليم والارتقاء بالتعليم التكنولوجي، وتحسين كامل منظومة التربية والتعليم من بيئة وبنية تحتية ومناهج وتقنيات تعليمية حديثة.

لغة الأرقام

لا شك أن قراءة هذه الأرقام يعطي كماً كبيراً من المؤشرات، فوجود أكثر من 2.9 مليون طالب بلا مقعد دراسي هذا بحد ذاته أزمة وكارثة وطنية تدق ناقوس الخطر وتطلق الإنذارات بضرورة التحليل والبحث والتقصي، ووضح حلول مناسبة لتجاوز المشكلة، والتخفيف من السلبيات قدر الإمكان بالعمل الجدي للمعالجة تدريجياً وصولاً إلى الحلول اللازمة، حتى مع ما يواجهه هذا القطاع من مشكلات وتحديات مع كل عام، وعدم توفر البنى التحتية المناسبة للمدارس، وتفاقم الكثافة الصفية، والتي طالما كانت من الأسباب الرئيسية التي تواجه مدارس عدة في مناطق سكنية مختلفة تشهد ازدياداً في الكثافة السكانية، مع قلة في عدد المدارس التي تخدم هذه المناطق، وعدم القدرة لافتتاح شعب صفية إضافية، ووجود مدارس مدمرة جراء الحرب، ذلك كله يعكس أثراً سلبياً على الطالب وتدني نوعية ونتائج العملية التعليمية، حيث زيادة الأعداد يسبب ضغطاً، وتدنياً في استيعاب المادة العلمية والمتابعة الضرورية للطالب لاسيما الصفوف الأساسية، ليبدو المعلم تائهاً بين الكثافة والطالب.

خاص وعام

الخبيرة الاقتصادية عضو مجلس النهضة السوري راما الحسين بينت لصحيفة الثورة أهمية ملفي الصحة والتعليم في ظل الواقع الراهن وطرح أولويات من ناحيه الاهتمام بهما وكون حديثنا عن التعليم فيمكن ربط الصحه بالتعليم، ويمكن تحويل المدارس إلى مراكز تدعم الصحة النفسية والجسدية بتوفير وحدات صحية ومراكز استشارية نفسية، ويجب تدريب المعلمين على التعامل مع المشكلات الصحية والنفسية للطلاب، وتوعية الأهالي بأهمية الدعم النفسي. إضافة إلى ذلك، يمكن توفير مرافق رياضية وأنشطة ترفيهية لتعزيز رفاهية الطلاب، مع تضمين موضوعات صحية في المناهج الدراسية وخلق بيئة مدرسية آمنة تشجع على التعبير والابتكار.

وأوضحت الخبيرة الحسين أن النظام الضريبي الجديد يشجع الشركات على دعم قطاع التعليم عبر إعفاءات ضريبية للمساهمة في تطوير المدارس، تحسين جودة التعليم، وتقديم منح تدريبية، بما يعزز المسؤولية الاجتماعية للشركات، ويساعد في دعم الفئات الضعيفة، ويحفز الابتكار في التعليم، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحقيق تنمية مستدامة في هذا المجال.

وهذا عمل جيد، إذ يجب تفعيل القطاع الخاص ليكون داعماً ورافداً للقطاع العام عبر هكذا قوانين، وقبل التركيز على المناهج، يجب إعادة بناء الإنسان من خلال تنمية قيمه، ودعم صحته النفسية، وتعزيز مهارات التفكير النقدي والتواصل، وهذا يخلق أساساً قوياً لتعليم متوازن ومؤثر، وبرأيي الحديث عن تطوير التعليم يأتي بعد تأهيل المدارس وتأهيل الطلبه نفسياً وصحياً بالشكل الأنسب.

مقترحات عمل

الخبيرة في قطاع التعليم زينة قرموشي بينت لصحيفة الثورة أن قطاع التعليم شهد خلال سنوات الحرب انهياراً كبيرة مخلفاً فجوة بات العمل عليها بالواقع الحالي من أولويات الدولة نظراً لأهمية وحساسية هذا القطاع، ومناقشة الأخطار المتعلقة بجيل الشباب والطفولة المبكرة جراء الخلل الحاصل من تأثير منظومة التعليم من تداعيات الأزمة،

فوفق التقارير المنظمات الدولية يوجد أكثر من 2,4 مليون طفل خارج المدرسة في سوريا ولعدة اسباب منها عمليات النزوح والتهجير، وخروج مدارس عن الخدمة بسبب الدمار أو استخدامها كمراكز إيواء، والفقر وتدهور الوضع الاقتصادي، والجهل وعدم الاهتمام ببعض البيئات.

وأضافت الخبيرة قرموشي أنه في 14 محافظة يوجد حوالي 19427 مدرسة منها 7849 خارجة عن الخدمة عدد الطلاب أربعة ملايين ومئتا الف طالب متسرب وغير ملتحق حوالي 250 الف طالب هذا يعد كارثة ما يستدعي ايجاد الحلول وتضافر الجهود برؤية متكاملة بوزارة التعليم تكمن بمقترحات يمكن تطبيقها مع الاستفادة من تجارب الدول وإمكانية تماشيها بالواقع السوري، والاهتمام بالبنية التحتية للمدارس من حيث الترميم وبناء مدارس في مناطق تكتظ بالسكان أو البعيدة، فمن غير المعقول أن يجمع الصف الواحد 80 طالباً وأكثر، ومن المهم توفير خدمات كاملة وفتح اقسام مسؤولة عن المراقبة والدعم النفسي والسلوكي بأساليب تجعل الطالب يتقبل وليست مجرد شكلية، وإحداث صالات رياضية لأهميتها بالصحة العقلية والجسدية، ومختبرات العلوم العامة ، واقسام للأنشطة الثقافية والفنية والأدبية والفكرية والعلمية، وتحديث المناهج بما يتلائم مع تسارع العلوم والتكنولوجيا والمعارف والابتعاد عن الحشو والرتابة والملل المعرفي، والتركيز على المهارات الحياتية والابتكار والإبداع ومنع التحريض والمعلومات المضللة بالتاريخ والواقع لعدم توجيه الفكر إلا للعملية التعليمية، ودمج التكنولوجيا بالمناهج كمحتوى تعليمي ووسائل الإيضاح مثل التعليم الرقمي والتعليم الالكتروني ومنصات ومحتوى حديث وتعليم افتراضي، مع تدريب الطلاب على استخدام هذه التقنيات للدراسة والبحث العلمي، إضافة إلى تطوير التعليم المهني وربطه بسوق العمل، ولاحقاً تدريبه بمستوى متقدم عبر شركات ومؤسسات، وإشراك المجتمع المحلي والمنظمات الدولية للاستفادة من خبراتهم، وإيجاد طرق دورية لتقييم الطالب وليس فقط عن طريق الامتحانات مع تحديث بنظم الامتحانات والتقييم يعتمد بالقياس وقياس مهارات التفكير الإبداعي والتحليلي والاستدلال والتفكير النقدي والمعرفي، وتخصيص ميزانية ثابتة بعد ميزانية الترميم لجعل منظومة التعليم بتطور مستمر كبنية وتوافر خدمات.

وأضافت الخبيرة قرموشي اقتراح تبادل ثقافي مناطقي لمنع التأطير الفكري، ودعم واقع المعلمين من حيث الأجور والرواتب والتدريب المستمر وإيجاد الكفاءات والابتعاد عن الروتين التعليمي، وتخفيض رسوم التعليم الخاص والتنافس العالي بنماذج لا تليق إلا بطبقة معينة، وتقريب التعليم العام من هذه النماذج منعاً للانقسام الفكري والطبقي بالمجتمعات، وتشجيع الشباب والطفولة للمبادرات، والعمل على دمج فئات ذوي الاحتياجات الخاصة بقاعات ضمن الأصحاء مع توافر خدماتهم وتقارب الأصحاء ببرامج لمساعدتهم ودعمهم لإنتاج مجتمع خالي من التنمر والخصوصية، والاستفادة من هذه الفئة التي تمثل حوالي 35% من المجتمع، حيث إن التعليم حق مشروع لا يؤجل ولا يؤطر والتعليم حجر الأساس لمشروع مجتمع خالي من الفوضى وداعي للتقدم والإنتاجية، فالدول تقاس انتاجيتها اقتصادياً واجتماعياً بالتعليم.

معاناة الميدان

وللمعلمين معاناتهم الكبيرة التي تضاف للتحديات الأخرى حسب ما يوضحه عدد من العاملين في التربية، فهناك مشكلات جسيمة تشمل نقص الاستقرار المالي والوظيفي للمعلمين، وكثافة الصف وتدمير المرافق المدرسية، بالإضافة إلى التسرب المدرسي الواسع وفقدان الكثير من الأطفال حقهم في التعليم بسبب الأزمة الاقتصادية والحرب، كما أن هناك تحديات تتعلق بضعف المناهج الدراسية ونقص الموارد اللازمة للتعليم الجيد، ما يؤدي إلى تدني جودة التعليم بشكل عام، ويؤدي عدم استقرار الدخل وغياب الدعم المالي إلى فقدان المعلمين للإحساس بالأمان الوظيفي، ما يؤثر بدوره على أدائهم وعلى العملية التعليمية ككل.

دعم التعليم بالعموم

يبقى دعم التعليم في الظروف الراهنة، وفي ضوء الأرقام والإحصائيات الصادمة ضرورة وحاجة ماسة في واقع يتأكد فيه دور التعليم واهميته في بناء الأجيال التي تعلق عليها الآمال في بناء الوطن، مع ضرورة أن يكون ملف هذا الدعم في سلم الأولويات وخطط العمل، وعدم هدر الوقت، والاستفادة من قراءة الأرقام التي بدت أكبر حديث ودليل عن واقع يتطلب بدء العمل والسباق مع الزمن، واستثمار كل الطاقات والقدرات، والتشاركية مع مختلف الجهات للوصول لحل المشكلات والمعوقات، ولتلافي سلبيات المشكلة لاحقاً، ففي ضوء الأرقام يكون تحديد الخطط أنجح، وتحديد اتجاهات البوصلة يؤكد الأولويات في ملف محوري يعد البناء فيه هو البناء الحقيقي للمستقبل وللأوطان.

آخر الأخبار
السيطرة على حريق شاحنة في  حسياء  الصناعية تفاصيل مراسيم المنقطعين والمستنفدين وتعليماتها بدورة تدريبية في جامعة اللاذقية الكيماوي… حين صارت الثقافة ذاكرة الدم  واشنطن في مجلس الأمن: لا استقرار في سوريا من دون عدالة ومشاركة سياسية واسعة  " التلغراف ": الهيئة الدولية المسؤولة عن مراقبة الجوع بالعالم ستعلن للمرة الأولى "المجاعة" في غزة ضبط لحوم فاسدة في حلب وتشديد الرقابة على الأسواق تنظيم سوق السكن في حلب والعمل على تخفيض الإيجارات "المجموعة العربية في الأمم المتحدة": وحدة سوريا ضمانة حقيقية لمنع زعزعة الاستقرار الإقليمي بين الهجوم والدفاع.. إنجازات "الشيباني" تتحدى حملات التشويه الإعلامي منظمة يابانية: مجزرة الغوطتين وصمة لا تزول والمحاسبة حق للضحايا مندوب تركيا في الأمم المتحدة: الاستقرار في سوريا مرهون بالحكومة المركزية والجيش الوطني الموحد بيدرسون يؤكد ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها ورفض الانتهاكات الإسرائيلية الشيباني يبحث مع الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين تعزيز التعاون صحيفة عكاظ :"الإدارة الذاتية" فشلت كنموذج للحكم و تشكل تهديداً لوحدة واستقرار سوريا قرى جوبة برغال بالقرداحة تعاني من أزمة مياه حادة "نقل وتوزيع الكهرباء" تبحث في درعا مشروع "الكهرباء الطارئ" في سوريا في ذكرى مجزرة الكيماوي .. المحامي أحمد عبد الرحمن : المحاسبة ضرورية لتحقيق العدالة تأمين الدعم اللازم في درعا للمهجرين من السويداء عندما تكون الـحوكمة خياراً.. خبير اقتصادي لـ"الثورة": ضرورة لتعزيز التنافسية والاستقرار الاقتصادي "الأشغال العامة": خطة شاملة للإعمار والتنمية في إدلب