الثورة – نيفين أحمد:
عندما يقول الرئيس الأميركي دونالد ترامب من داخل “البيت الأبيض” إن “حزب الله يشكل مشكلة كبيرة”، فهو لا يقدم توصيفا أمنيا فقط؛ بل إن ما قاله بدا أقرب إلى وضع خط فاصل جديد في مقاربة واشنطن للملف اللبناني، خصوصا في ظل التطورات التي تهز المنطقة من غزة إلى الجنوب اللبناني.
هذا التصريح يعيد فتح سؤالين مركزيين: إلى أين يأخذ “حزب الله” لبنان؟ وماذا يعني أن يخرج توم باراك، أحد أكثر الأصوات نفوذا في محيط ترامب، ليحث مسؤولين لبنانيين على التفاوض مع إسرائيل؟ الواضح أن الرسائل ليست منفصلة، وأن واشنطن تحاول إدارة لحظة سياسية دقيقة يتحرك فيها لبنان بين الضغط الأميركي وتعنت “حزب الله” وحسابات الداخل التي تزداد تعقيدا.
وفي هذا السياق، أشار الصحافي طوني بولس في تصريح لـ”الثورة” إلى أن “حزب الله هو أصل البلاء في لبنان، وهو الورم الخبيث الذي دمر الدولة من الداخل وأصاب المنطقة بأكملها بالشلل والفوضى”.
وأضاف بولس أن الرئيس الأميركي ترامب كان محقا عندما وصف الحزب بأنه المشكلة المركزية في لبنان؛ “لأن هذه الميليشيات الإرهابية لم تترك بلدا إلا ودمرته، من لبنان إلى سوريا والعراق، وصولا إلى دول عربية دفعت أثمانا باهظة نتيجة مشروع إيران التخريبي”.
إلى أين يأخذ “حزب الله” لبنان؟
ليس جديدا القول إن “حزب الله” هو الفاعل الأكثر تأثيرا في المشهد اللبناني، لكن لحظة اليوم مختلفة، فالحزب حاليا يتحرك على خط داخلي يعيش أزمة هوية سياسية واقتصادية يشارك فيها كل لبنان.
تصريح ترامب يضع الضوء على هذا الاشتباك، فواشنطن ترى أن الحزب يجر لبنان إلى مربع صدام أكبر من قدرة البلاد على احتماله، وأن المشاركة في المواجهات الحدودية ضمن التصعيد الإقليمي تجعل لبنان يدفع أثمانا اقتصادية وأمنية قد تتجاوز السنوات الماضية.
وهذا ما أكد عليه بولس بأن “حزب الله حول لبنان إلى مستودع مخدرات وكبتاغون، وإلى حاضنة لعصابات مسلحة تسيطر على الحدود والمرافئ وتنهش ما تبقى من سلطة الدولة”.
وقال: “أي استقلال يتحدثون عنه اليوم؟ اللبنانيون اليوم يعيشون أسوأ أنواع الاحتلال، احتلال داخلي اسمه حزب الله”.
وأشار بولس إلى أن “لبنان لن ينهض طالما أن الميليشيا تمسك بقراره”، مؤكدا أن “اللبنانيين يوجهون صرخة واضحة إلى الولايات المتحدة والدول العربية: ادعمونا قبل أن يسقط البلد بالكامل”.
ولفت إلى أن “استمرار الحزب في بناء ترسانته العسكرية واستجلاب السلاح سيقود إلى حرب جديدة لا محالة، وأن كل التقارير تشير إلى احتمالية ضربة إسرائيلية وشيكة نتيجة تصعيد الحزب وتمرده على الدولة”.
لبنان بين الضغط أو التفكيك السياسي
لبنان اليوم يقف أمام مسارين واضحين: مسار يفرضه تصاعد دور “حزب الله” ويقوم على استمرار الاشتباك الحدودي وربما انزلاق البلد إلى مواجهة غير محسوبة مع استمرار الانهيار الاقتصادي وتجميد أي مبادرات سياسية داخلية.
ومسار تحاول واشنطن طرحه عبر المبعوث الخاص، توم باراك، ويقوم على تخفيف التوتر عبر بوابة التفاوض، سواء في ملف الحدود أو الضمانات الأمنية، بما يعني عمليا إعادة ضبط علاقة الدولة اللبنانية بإسرائيل بعيدا عن منطق الجبهة المفتوحة.
وفي هذا السياق، كشف بولس أن “دخول نحو مليار دولار إلى لبنان عبر قنوات مرتبطة بإيران وحزب الله يعرض البلاد إلى حصار مالي عالمي، لأن العالم لن يتعامل مع دولة تتحكم ببناها التحتية ميليشيا مصنفة إرهابية”.
وقال: “إذا لم تتحرك الدولة فورا، فالأزمة المقبلة ستكون كارثية: حرب فوق الأرض وحصار اقتصادي تحت الأرض”.
ما وراء كلام ترامب
لم يكن تصريح ترامب معزولا، بل جاء كجزء من استراتيجية تريد رسم حدود واضحة حول دور “حزب الله” في الإقليم، وفتح الباب أمام لبنان ليتحرك خارج هذه الحدود إذا أراد.
وإدخال باراك إلى المشهد يوحي بأن واشنطن تريد تقديم “مخرج سياسي” يترافق مع تصعيد كلامي، في محاولة لخلق دينامية جديدة داخل لبنان عنوانها “الحوار أو المزيد من العزلة”.
تصريح ترامب وما تلاه من كلام توم باراك ليسا مجرد حدثين إعلاميين، بل مؤشر على أن الملف اللبناني عاد إلى الطاولة الأميركية ضمن رؤية تجمع بين الضغط والاحتمالات السياسية.
ويختم بولس: “لقد حان الوقت لكسر الحلقة الجهنمية. لبنان يجب أن يتحرر من مشروع ناصر وعرفات والأسد وخامنئي. وحدة مشروع الدولة تحمي لبنان، وعلى الدولة أن تذهب فورا إلى التفاوض لترتيب الملفات العالقة مع إسرائيل؛ لأن البديل هو الدمار الكامل. انتهى زمن الخوف، وبدأ زمن المواجهة”.
ويبقى السؤال المفتوح: هل يستفيد لبنان من هذه اللحظة لإعادة ترتيب أولوياته، أم أنه سيواصل السير داخل دائرة مغلقة يتحكم بصوتها الأعلى السلاح والاصطفافات الإقليمية؟