الثورة – ميساء العجي:
يحتفل العالم في 20 تشرين الثاني من كل عام باليوم العالمي للطفل، مناسبة لتذكير المجتمع الدولي والمحلي بحقوق الأطفال وضرورة حمايتهم في سوريا، وأشار تقرير اليونسيف للعام 2025 أنه بلغ عدد الأطفال في سوريا حوالي 10.5 مليون طفل، ويُقدّر أن أكثر من 75% منهم وُلدوا خلال الثورة السورية التي استمرت 14 عاماً.
ويمثل اليوم العالمي للطفل فرصة للتركيز على حماية الطفولة وضمان وصول الأطفال إلى التعليم والرعاية الصحية والبيئة الآمنة.
حجر الأساس في حياة الطفل
أوضحت السيدة كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف في تقرير صدر ٢٠٢٥، قائلة لقد دمرت سنوات الحرب والعنف حياة أطفال سوريا، وعانى الكثيرون من شظف العيش طوال حياتهم، ونحتاج إلى العمل بشكل عاجل لضمان أن يتمكن كل طفل في سوريا من استعادة طفولته والوصول إلى التعليم وعيش حياة خالية من العنف والخوف.
وبحسب تقرير اليونسيف، أكثر من 40 % من أصل حوالي 20,000 مدرسة لا تزال مغلقة، ما يترك أكثر من 2.4 مليون طفل خارج الفصول الدراسية وأكثر من مليون طفل في خطر ترك التعليم.
بدورهم يشدد خبراء التربية على أن التعليم أداة لتمكين الطفل نفسياً اجتماعياً، ويجب أن يشمل التعليم تطوير المهارات الحياتية والاجتماعية، إلى جانب الأكاديمية، ليصبح الأطفال قادرين على التكيف مع تحديات المستقبل والمشاركة الفاعلة في المجتمع.
الصحة النفسية أولوية عاجلة
أشار الاختصاصي النفسي أيمن الخالد في حديثه لـ”الثورة”، إلى أن الأطفال في مناطق النزاع أو الفقر يعانون من ضغوط نفسية تتطلب تدخلاً متخصصاً، كثير منهم يظهر علامات القلق والاكتئاب، أو اضطرابات النوم بسبب التوتر المستمر، فقدان أفراد الأسرة، أو بيئة غير مستقرة.
كما أكد تقرير اليونسيف الصادر لعام 2025، إلى أن 5 ملايين طفل معرضون لخطر بقايا الحرب غير المنفجرة، حيث توجد حوالي 300,000 قطعة متفجرة في أنحاء البلاد، ما يزيد من الحاجة للدعم النفسي والمجتمعي العاجل للأطفال.
حق أساسي وحماية للنمو
يقول الخالد أن “اللعب لا يعد ترفيهاً فحسب، بل وسيلة لتعزيز النمو العقلي والجسدي والاجتماعي للأطفال، واللعب يساعد الأطفال على تطوير مهارات حل المشكلات، التفاعل الاجتماعي، والابتكار، ويخفف من التوتر النفسي ويعزز الشعور بالأمان والانتماء”.
ويضيف الخالد أن “المدارس ومراكز النشاطات المجتمعية في دمشق نظمت عدة فعاليات متنوعة مثل ورش الرسم، المسرحيات القصيرة، الألعاب الجماعية والمسابقات الثقافية، بهدف تمكين الأطفال من التعبير عن أنفسهم وتشجيع المشاركة الفاعلة في المجتمع”.
الوضع الصحي والغذائي للأطفال
يعاني أكثر من 500,000 طفل دون الخامسة من سوء التغذية المهدد للحياة، وهناك مليون آخرون على حافة سوء التغذية، وفقاً لتقرير اليونسيف.
المجتمع المدني وحماية الطفولة
يؤكد الخالد أنه لا بد من مشاركة المنظمات غير الحكومية والجمعيات المحلية في توفير بيئة آمنة للأطفال، من خلال برامج التوعية والدعم النفسي والتعليم غير الرسمي.
وإشراك الأطفال في صنع القرارات المتعلقة بحياتهم يعزز من شعورهم بالمسؤولية وتطوير مهارات القيادة، وهو ما يتوافق مع أهداف اليوم العالمي للطفل، الذي يشدد على حق الأطفال في التعبير عن آرائهم والمشاركة الفاعلة في المجتمع.
دعوة للاستثمار في المستقبل
تدعو اليونيسف والمختصين إلى حماية الأطفال بشكل فوري وتوفير الخدمات الأساسية، بما فيها المدارس والمستشفيات والبنى التحتية، وضمان حصول كل طفل على تعليم آمن وشامل، بالإضافة إلى توسيع الدعم الإنساني للأطفال المحتاجين، ومتابعة الجهود الدولية نحو إعادة بناء الأنظمة الأساسية لتحقيق الاستقرار في الوضع الهش.
كاثرين راسل تقول: الآن هو وقت العمل بحزم لإعادة البناء، ولحماية كل طفل والاستثمار في مستقبله في كل مجتمع محلي من مجتمعات البلاد.
وأخيراً اليوم العالمي للطفل هو دعوة للعمل المشترك لضمان نشأة جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل بثقة وكفاءة، في ظل حماية حقوقه، وتعزيز صحته النفسية، وتمكينه من التعليم واللعب والترفيه في بيئة آمنة.