الثورة – لينا شلهوب
أعلنت وزارة التربية والتعليم استمرار إيقاف العمل بالاختبار الترشيحي للطلاب الأحرار الراغبين بالتقدّم لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي للعام الدراسي 2025 – 2026.
وجاء هذا القرار امتداداً لقرار سابق يهدف إلى تبسيط الإجراءات وتخفيف الأعباء التنظيمية عن الطلاب والإدارات الامتحانية.
وحول خلفية هذا القرار ودوافعه، أوضح مدير الامتحانات في وزارة التربية، محمود حبوب، أن الاختبار الترشيحي كان يهدف إلى تحديد أهلية الطلاب الأحرار للجلوس للامتحان النهائي وضمان امتلاكهم الحدّ الأدنى من التحصيل العلمي.
وأضاف حبوب في تصريح لـ”الثورة” أن شريحة واسعة من الطلاب اعتبرت هذا الاختبار عبئاً إضافياً، خصوصاً لمن يعتمدون على الدراسة الذاتية أو ممن لا تسمح ظروفهم بالالتحاق بدورات تدريبية.
الطلاب بين الارتياح والحذر
حظي القرار بترحيب واسع من الطلاب الأحرار، حيث تقول جويل السلمان، المتقدّمة للفرع الأدبي: إن إلغاء الاختبار الترشيحي “يخفف ضغطاً كبيراً” عليهم، لأن الطالب الحر يبذل جهداً ذاتياً كبيراً، والاختبار كان يمثّل “عقبة تحدد مساره قبل الامتحان الحقيقي”.
في المقابل، يرى الطالب تيم زيدان من الفرع العلمي أن الخطوة إيجابية لكنّها تحتاج إلى إجراءات مكمّلة، فبرأيه، الاختبار الترشيحي كان يسهم في فرز الطلاب غير الجاهزين، ما يفرض الآن تركيزاً أكبر على ضبط الامتحان النهائي من حيث المراقبة ومستوى الأسئلة.
وتظهر وجهة نظر أخرى لدى الطالبة مها قاسم، التي ترى أن غياب الاختبار يحرم الطلاب من فرصة تقييم قدراتهم في تجربة مشابهة للامتحان، مؤكدة أن وجود امتحان تدريبي كان يمنح البعض مؤشراً واقعياً على مستوى جاهزيتهم.
فوائد مباشرة ومخاوف تنظيمية
عبّر عدد من المدرسين عن رؤية أكثر حذراً تجاه القرار، إذ يعتقد مدرّس الكيمياء سامي مراد، أن إلغاء الاختبار يساعد الطلاب على التركيز على المنهاج، لكنّه كان أيضاً يشجع على الدراسة المبكرة، ويحدّ من تأجيل التحضير.
أما مدرسة اللغة العربية ريم شحادة، فتشير إلى أن غياب الاختبار سيزيد من عدد المتقدمين للامتحانات العامة بشكل قد يشكّل ضغطاً تنظيمياً، ما يستدعي إصدار خطوات مرافقة تتعلق بتوزيع المراكز، وتوفير الكوادر، وتعزيز إجراءات ضبط الامتحانات.
مرونة أكبر ولكن بشروط
ترى الخبيرة التربوية ثناء أبو فخر أن القرار ينسجم مع توجهات التعليم الحديث التي تدعم المرونة وتخفيف الخطوات البيروقراطية أمام الطلاب الأحرار، مضيفة أن الاختبار الترشيحي كان مناسباً لمرحلة معينة، لكنّه لم يعد يحقق الغاية المرجوة، طالما أن الامتحان النهائي يبقى المعيار الفاصل لقياس التحصيل.
من جهته، يؤكد الباحث في شؤون التعليم إياد نعمان أن الإشكالية ليست في وجود الاختبار أو غيابه، بل في توفير بيئة تعلم داعمة، تشمل مصادر حديثة ومنصّات تدريبية تساعد الطلاب الأحرار على تقييم تقدّمهم بشكل ذاتي.
وبخصوص انعكاسات القرار على العملية الامتحانية، يتوقع المدرس غياث عزام، أن يرتفع عدد المتقدمين الأحرار خلال العام القادم، ما يفرض على الوزارة مسؤوليات إضافية في إدارة اللجان وتوفير الكوادر البشرية المناسبة، كما قد يشجع القرار على اعتماد أكبر على التعلم الذاتي والمنصات الإلكترونية، الأمر الذي يستدعي تحديث الموارد التعليمية المتاحة للطلاب.
ويرى عزام أن القرار يسعى إلى تعزيز وصول الطلاب للامتحان النهائي وتخفيف العبء التنظيمي، لكنّه يبقى بحاجة إلى إجراءات مكمّلة تضمن جودة الامتحانات وعدالتها، خصوصاً مع تباين مستويات الطلاب الأحرار واعتمادهم على مسارات تعلم غير موحدة.
خلاصة القول :إن استمرار إلغاء الاختبار الترشيحي يمثّل خطوة تنظيمية تهدف إلى تبسيط مسار الطلاب الأحرار نحو الامتحان النهائي، لكنّها في الوقت ذاته تفتح نقاشاً واسعاً حول جاهزية الطلاب، ومستوى ضبط الامتحانات، وقدرة المنظومة التعليمية على استيعاب أعداد أكبر من المتقدّمين.
وبين الارتياح الطلابي والتحفظ التربوي، يبقى نجاح القرار مرهوناً بمدى قدرة الجهات المعنية على توفير بيئة امتحانية عادلة وفعّالة تستجيب لمتطلبات المرحلة التعليمية.