إيجارات المنازل في حلب تواصل ارتفاعها.. هل من حلول بالأفق؟

الثورة – راما نسريني :

يشهد سوق العقارات في مدينة حلب ارتفاعاً متصاعداً في الإيجارات منذ أشهر، ولا سيما مع عودة آلاف العائلات من خارج البلاد، الأمر الذي أعاد تشكيل الخريطة السكانية للمدينة وفرض ضغوطاً واسعة على ملف السكن.

وتزامن ذلك مع ازدياد الطلب وتراجع المعروض من المنازل الصالحة للسكن، ما جعل إيجاد منزل للإيجار معضلة حقيقية تواجه شريحة واسعة من السكان.
وترافقت هذه التحولات مع قفزات كبيرة في أسعار الإيجار، وصلت في بعض الأحياء إلى مستويات غير مسبوقة، ما انعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين وقدرتهم على تأمين مسكن يتناسب مع دخلهم المتواضع.

ويشيربعض السكان إلى أن الإيجار بات يمثل العبء الأكبر على ميزانية الأسر، في وقت لا تتجاوز فيه بعض الرواتب الشهرية سقفاً لا يغطي جزءاً بسيطاً من التكلفة المطلوبة.
في المقابل، يرى عدد من أصحاب المكاتب العقارية أن الارتفاع الحاصل في الإيجارات يعود إلى عوامل متداخلة، من بينها محدودية المساكن القابلة للسكن بعد الدمار الواسع الذي طال المدينة، إضافة إلى ارتفاع الطلب من العائدين الجدد، وهو ما أسهم في خلق فجوة واضحة بين العرض والطلب انعكست مباشرة على الأسعار.

مبالغ خيالية

يختلف إيجار المنازل بطبيعة الحال من حي لآخر، ففي الأحياء الأكثر شعبية كصلاح الدين وسيف الدولة، بلغ متوسط الإيجارات بين 1200 و2000 دولار سنوياً تبعاً لموقع المنزل وعدد غرفه، رغم أن هذه الأحياء لاتزال تعاني دماراً واسعاً خلّفه قصف النظام المخلوع.

ورغم كونها مناطق شعبية، فإن الإيجارات فيها تفوق قدرة غالبية السكان.
أما في أحياء أخرى مثل الحمدانية والخالدية، التي تُعد من المناطق الأكثر تنظيماً، فقد تراوحت الإيجارات بين 3000 و4000 دولار سنوياً.

وفي الأحياء المصنّفة راقية كالموغامبو وحلب الجديدة، تتراوح الأسعار بين 3500 و5000 دولار، وقد تتجاوز ذلك تبعاً لجودة المنزل وإطلالته ومستوى الإكساء.
ويبقى السؤال: كيف يمكن لموظف لا يتجاوز دخله الشهري 200 دولار أن يؤمّن هذه المبالغ سنوياً؟ وهل يُفترض به الامتناع عن الإنفاق طوال عام كامل ليتمكن فقط من دفع إيجار منزل متوسط في أحد الأحياء العشوائية؟

الرواتب لا تكفي

يقول فريد الشايب، أحد سكان حي الفردوس، في حديثه لصحيفة “الثورة”: إنه اضطر إلى ترك منزله في الحمدانية والانتقال إلى الفردوس بعدما طلب المالك مضاعفة الإيجار السنوي، وهو مبلغ لا يستطيع تحمّله، خاصة أنه يعمل في مطعم براتب لا يتجاوز مليوناً ونصف ليرة سورية، ويقود سيارة أجرة بعد انتهاء دوامه لتأمين احتياجات أسرته.
ويضيف الشايب: “عندما طلب مني صاحب المنزل ضعف الإيجار حاولت إقناعه بالعدول عن قراره، لكنّه رفض بشدة وقال: إذا ما عجبك السعر، في غيرك كتير”.

ويرى أن أزمة السكن دفعت بعض المالكين إلى رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، في ظلّ غياب رقابة تحدّ من هذا الاستغلال.

أما طارق سليمان، الذي عاد مع عائلته من تركيا بعد تحرير البلاد، فيُعرب لصحيفة “الثورة” عن استغرابه من ارتفاع الإيجارات في حلب رغم أن عدداً كبيراً من المنازل متصدع بفعل القصف، أو الزلزال الذي تأثرت به أجزاء من المدينة قبل نحو ثلاثة أعوام.

ويقول: “كنت أحتاج لاستئجار منزل لمدة عام ريثما أنتهي من ترميم منزلي، لكنني اكتشفت أن إيجار سنة واحدة يساوي أكثر من نصف تكلفة الترميم، ما أجبرني على السكن في الريف”.
ويشير سليمان إلى أن الإيجارات في ريف حلب لا تتجاوز 75 إلى 100 دولار شهرياً لمنازل ذات إكساء ممتاز، بينما لا يكفي هذا المبلغ في المدينة سوى لاستئجار منزل متواضع في أحد الأحياء العشوائية.

أضعاف السعر القديم

بدوره، أكد علي قضيماتي، صاحب أحد المكاتب العقارية في حي الحمدانية، لصحيفة “الثورة” أن الإيجارات شهدت ارتفاعاً كبيراً وصل إلى حدّ مضاعفة الأسعار خلال العام الماضي، موضحاً أن المنزل الذي كان يُطلب لإيجاره 250 ألف ليرة سورية شهرياً، لا يقبل صاحبه اليوم بأقل من مليون ليرة شهرياً.

وبيّن أن هذا الارتفاع جاء نتيجة عودة عدد كبير من المغتربين إلى البلاد وازدياد الطلب على الإيجارات، في مقابل نقص واضح في المنازل الصالحة للسكن، نتيجة الدمار الواسع الذي تعرضت له المدينة بفعل قصف النظام المخلوع.

وأضاف قضيماتي أن السوق يشهد حالياً تراجعاً نسبياً في الأسعار مع دخول فصل الشتاء وبدء العام الدراسي، حيث تنخفض حركة الانتقال بين المنازل، إضافة إلى تراجع التدفق البشري الكبير الذي شهدته البلاد بعد التحرير مباشرة، وهو ما أسهم مجتمعاً في تسجيل انخفاض طفيف في الأسعار.

ولفت إلى أنه، وعلى الرغم من هذا التراجع، فإن الأسعار لا تزال مرتفعة مقارنة بمواصفات المنازل المعروضة ودخل المواطنين من ذوي الدخل المحدود.

لا بوادر لتدخل رسمي

انتشرت في الآونة الأخيرة روايات متعددة حول نية محافظة حلب إصدار قرارات جديدة لتنظيم عملية الإيجار وتحديد قيمته بما يتناسب مع مساحة العقار وموقعه.

وللتحقق من صحة هذه المعلومات، تواصلت صحيفة “الثورة” مع محافظة حلب التي نفت صدور أي من تلك القرارات، مؤكدة عدم وجود أي تعميم جديد في هذا الشأن، وأن تسجيل العقود الرسمية ما يزال يتم بالآلية المتّبعة سابقاً عبر البلدية.

كما لم تُشر المحافظة إلى وجود أي إجراءات مرتقبة قد تغيّر من واقع سوق الإيجارات، ليبقى الملف مفتوحاً بين المالك والمستأجر ضمن معادلة العرض والطلب، دون أي تدخل رسمي حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.

آخر الأخبار
بعد انقطاع لأعوام.. عبور أول قافلة ترانزيت من سوريا إلى الخليج عبر باب الهوى مع تراجع حضور الكتاب.. الملخصات تفرض نفسها وتعمّق أزمة الدراسة الجامعية إيجارات المنازل في حلب تواصل ارتفاعها.. هل من حلول بالأفق؟ المنتخب الوطني للكيك بوكسينغ يشارك في بطولة العالم بأبوظبي مدونة السلوك الجديدة... خطوة لإعادة بناء الثقة بين المواطن ورجل الأمن تحركات حكومية تمهد لإصلاح مصرفي شامل قاتل في سوريا.. من هو "طبطبائي" الذي قتلته إسرائيل بـ"الضاحية الجنوبية"؟ وصفات صندوق النقد الدولي بين الفرص والمخاطر قوى الأمن الداخلي في حمص تمدد حظر التجوال إثر تصاعد التوترات الطائفية حمص.. اختبار الخوف ومسؤولية النجاة أعطال السيارات في إدلب.. جدل حول جودة المازوت وشركة البترول ترد تحضيرات لإطلاق ملتقى يدعم إبداعات سيدات الأعمال الصناعيات في دمشق وريفها سوريا تشارك في "القمة العالمية للصناعة" بالرياض  حفرة غامضة في درعا تشعل شائعات الذهب.. مديرية الآثار تحسم الجدل وتوضّح الحقيقة داء السكر .. في محاضرة توعوية  استراتيجية المركزي 2026–2030.. بناء قطاع مالي أكثر توازناً وفاعلية سوريا ولبنان.. من الوصاية والهيمنة إلى التنسيق والندية انتشار أمني واجتماع طارئ.. إجراءات في حمص لاحتواء التوترات بعد جريمة زيدل سوريا الجديدة في مرآة الهواجس الأمنية الإسرائيلية من أماكن مغلقة إلى مؤسسات إصلاحية.. معاهد الأحداث تعود إلى الخدمة برؤية جديدة