تسخين جبهة الشمال يفضح قبح نيات واشنطن وأنقرة المستقبلية…خلاف ترامب وأردوغان فقاعة أكاذيب على سطح الإعلام.. وشراكتهما الإرهابية وطيدة
ما يجري في الشمال والشرق السوريين من تصعيد اقتتالي بلغ ذروته بين الأدوات الإرهابية لواشنطن وأنقرة، وما يشهده المشهد الشمالي بالتحديد من خلط للأوراق الارهابية وفرز واحراق لبعضها وإعطاء الصدارة الارهابية لبعضها الآخر حسب مقتضيات المصلحة الاميركية والتركية وما تتطلبه ضرورة المرحلة الأكثر من مفصلية من عمر الإرهاب الذي يعاني آخر سكراته الآن وخاصة أن النهايات الارهابية على الخارطة السورية لاحت لشريكي الارهاب الابرز أمريكا والنظام التركي في سورية، ولاسيما أن غشاوة الوهم التي كثيراً ما حجبت الرؤية الحقيقية عنهما، لما فرضه الواقع والميدان السوري من إنجازات، ودفعت بهما لمناورات عقيمة أزاحها الميدان وصدحت بالانتصار السوري وسائل إعلام غربية، لتشهد أن مواسم النصر السوري يستكمل قطافها والسلال السورية لن تملأ إلا بإنجازات على مد الخريطة السورية ولو كره أعداء سورية.
وفي التفاصيل ثمة زوبعة تصريحات غوغائية جديدة ومواقف أكثر من هزلية تصدرعن أنقرة وواشنطن يعومانها على سطح الإعلام للإيهام بأن خلافاً حاداً في الأجندات واستراتيجية الاطماع الاستعمارية لكليهما، فتارة تراوغ امريكا بموضوع انسحابها وتتركه مفتوحاً بلا جدول زمني وتشترط على أنقرة عدم المساس بميليشياتها الانفصالية، وتارة أخرى «يحتد» رئيس النظام التركي ولا يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون في إيحاء كاذب أنه يرفض شروط واشنطن، وأن قواته العدوانية ماضية في استكمال خطوات عدوانها الجديد شرق الفرات، وكل ذلك لا يعدو كونه عروضاً مسرحية سخيفة، فالصفقة التركية الأميركية قد أبرمت وتنفذ وفق ما يريده ترامب وأردوغان، فسرعة الاستدارات وفق المصالح نهج ثابت في الايديولوجيا الامريكية كذلك الانقلاب على حلفاء الامس وحتى نسفهم والرمي بهم الى محرقتهم وارد جداً حسب ظرف ومصلحة امريكا الاستعمارية، اما النظام التركي الذي يلتقي مع شريكته الامريكية على جسر من ارهاب معهود به الوصولية والانتهازية واستغلال الفرص لتحقيق اجنداته العدوانية التوسعية في سورية.
وما يلخصه المشهد الشرقي والشمالي السوري من احداث يزيح الستار عن التواطؤ غير الخفي بين واشنطن وانقرة لجهة تسعير الجبهات بما يخدم اطماع شريكي الارهاب، لكن الميدان السوري وحده من يحسم النهايات وإن كانوا هم من رفع ستار البدايات العدوانية واللعب على حبال المخاتلة امريكياً وتركياً، فالجيش العربي السوري يعرف مخططات تآمر أعدائه جيدا ويعرف كيف سيدحر الغزاة المعتديين عن كامل الجغرافيا السورية، فما أنجزه في ميادين المعارك تراكمي وسيستكمل ليشمل تطهير كل التراب السوري.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفي آخر تصريحاته الاحتيالية نفى أن يكون قد غيّر موقفه بشأن سحب قواته المحتلة من سورية زاعما أن ذلك سيجري بكثير من الحذر وليس على وجه السرعة، وأن قواته المحتلة ستنسحب من سورية وستعود الى بلادها.. وذلك بعد يوم فقط من إعلان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون شروطاً جديدة للانسحاب قد تؤجله لعدة أشهر، بما فيها ضرورة موافقة تركيا على حماية الميليشيات الانفصالية المتحالفة مع الولايات المتحدة مضيفا: إن واشنطن لن تتخلى عن استراتيجية قتال تنظيم «داعش» الإرهابي في تناقض واضح في التصريحات ولعب على حبال الخداع لجهة النيات الحقيقية التي تراوغ واشنطن بالتصريحات من اجل التغطية عليها، الامر الذي اشارت اليه ايضا المتحدثة باسم البيت الأبيض، مرسيدس شلاب ان الانسحاب قائم لكن بلا جدول زمني محدد مدعية « لم يغير ترامب موقفه، إذ إنه ذكر أن هدفه الأساسي هو ضمان سلامة قواتنا وسلامة حلفائنا أيضا، ولذلك سوف تقدم وزارة الدفاع خطة عمليات لسحب قواتنا بسلام وذلك سيستغرق وقتاً حسب مزاعمها.
رئيس النظام التركي رجب طيب اردوغان دخل بدوره على خط التلاعب بالتصريحات منوها ان التخطيط للانسحاب الاميركي من سورية يجب ان يتم بعناية تامة متبجحا أن تركيا هي البلد الوحيد الذي يملك القوة والالتزام لأداء هذه المهمة مدعياً التزام نظامه بهزيمة داعش والجماعات الارهابية الاخرى في سورية مشيراً الى أن الانسحاب الأمريكي من سورية لن يتأخر ولن يكون بطيئاً وسيكون من 60 إلى 120 يوماً حسب ترهات اردوغان.
وفي مسرحية الرفض التركي للشروط الاميركية وبعد وصول جون بولتون إلى أنقرة للقاء المسؤولين في النظام التركي، جرى تعويم أكذوبة استياء اردوغان من واشنطن ورفضه لقاء بولتون ما دفعه إلى مغادرة تركيا بعد عقد جلسة مع المتحدث باسم رئاسة النظام التركي ابراهيم قالن بحجة ان بولتون ارتكب خطأً جسيماً في تصريحاته بشأن سورية، وان النظام التركي لن يقدم تنازلات في مجال مكافحة الإرهاب حسب آخر أكاذيبه ومزاعمه ليستكمل اردوغان الانتهازي تبجحاته بأن «التحضيرات الجارية لإطلاق عدوان على شرق الفرات أوشكت على الانتهاء».
الى ذلك وفي ادلب التي صب اردوغان زيت الاشتعال على اقتتال الفصائل الارهابية فيها أصيب عدد من المدنيين في المعارك المستمرة التي بدأتها كل من «جبهة النصرة» و»الجبهة الوطنية للتحرير» امس في ريف إدلب الجنوبي وكشفت مصادر من التنظيمات الارهابية هناك أن المعارك بين النصرة الارهابية والفصائل الارهابية الاخرى صباح امس كانت على محاور «النقير وعابدين وأرينبة وسطوح وسطوح الدير وترملا واشا وسفوهن»، في القطاع الجنوبي من ريف إدلب، إذ سيطرت «النصرة» الارهابية على كل من «النقير وعابدين وأرينبة وسطوح الدير وترملا» وأجزاء من «سفوهن»، وذلك بعيد بدء المعارك بقليل وأضاف المصدر الارهابي أن هذه الجولة الجديدة من المعارك جاءت بعد وصول التعزيزات والتحشيدات التي استقدمها الطرفان الارهابيان في الأيام القليلة الماضية مشيرا إلى أن الفصائل الارهابية رفعت السواتر وحصنت مواقعها ونقاطها في أطراف مدينة معرة النعمان وريفها، ومنطقة أريحا وريفها وأماكن أخرى في الريف الإدلبي، كما جرى قطع الطرقات الواصلة إلى معرة النعمان وأريحا من عدة محاور، بالإضافة لاستقدام تعزيزات عسكرية هناك، لافتاً إلى أنه خلال هذه المعارك اغتيل متزعم ارهابي من جنسية خليجية في «جبهة النصرة» في الريف الإدلبي.
ووفقاً لمصادر من الاهالي في ادلب فإن فصائل الارهاب من «أحرار الشام وصقور الشام» الموالية لتركيا أغلقت كل الطرقات من جهة تلمنس- معرشورين، الواصلة إلى مدينة معرة النعمان تحسباً لهجوم «النصرة»، مع إبقاء طريق واحد فقط هو أريحا المعرة، لكونه خاضعاً لسيطرة «الجبهة الوطنية للتحرير» الارهابية كاملاً وفي إطار ارتفاع حالة الفلتان الأمني الذي تسبب به هذا الاقتتال بين الاطراف الارهابية أعلنت مصادر محلية عن سقوط المزيد من الضحايا المدنيين واختطاف طفل في منطقة كورين بريف إدلب.
في وقت سابق تم الإعلان عن اتفاق سري بين «النصرة» و»الجبهة الوطنية للتحرير» الموالية لتركيا الارهابيتين يقضي بدخول «النصرة» من دون قتال إلى مدينة الأتارب، التي تسيطر عليها «الجبهة» الارهابية.
وفي ظل الهزيمة الأخيرة التي لحقت بالفصائل الارهابية الموالية لتركيا في ريفي حلب الغربي وإدلب الجنوبي، تحدث مراقبون مطلعون عن اجتماع جرى بين متزعمي «حركة نور الدين الزنكي» مع «جبهة النصرة» الارهابيتين قبل اشتعال المعارك بأيام وخلال هذه المعارك كانت «الزنكي» أول الخاسرين، إذ أعلنت بعد يومين من اشتعال المعارك مع «النصرة» عن حل نفسها وتوجه إرهابييها إلى مناطق أخرى في الشمال السوري والأراضي التركية.
يذكر أن «النصرة» الارهابية بعد تمكنها من السيطرة على معظم ريف حلب الغربي وبسرعة كبيرة، توجهت إلى ريف إدلب الجنوبي وبدأت معاركها صباح امس، وسيطرت إثرها على عدة قرى.
وأشارت مصادر إعلامية إلى أن «النصرة» الارهابية باشرت التوغل، وأن انهياراً سريعاً وغير مفهوم وقع على بعض المحاور، ليصل الأمر إلى استسلام مذلّ» منوهة إلى أن الأمر خدعة كبرى رسم معالمها الأتراك ونفّذتها جماعاتهم الارهابية ولاسيما فيلق الشام الإرهابي.
الثورة- رصد وتحليل
التاريخ: الأربعاء 9-1-2019
رقم العدد : 16880