مقاولو ترامب هل يدخلون سورية «بمناقصات» الحرب ؟

 

في خضم ما يثار حول شركة بلاك ووتر ودورها في تنفيذ مآرب الإدارة الأميركية ذكرت صحيفة الاندبندنت أن رئيس شركة بلاك ووتر السابق إريك برنس عرض تقديم متعهدين عسكريين يعملون في شركات خاصة لحماية حلفاء الولايات المتحدة ومصالحها في سورية بعد الانسحاب الأميركي. وفي هذا السياق، قال لمجلة فوربس برنس: «إن الولايات المتحدة ليست مضطرة للبقاء في سورية على المدى الطويل. لكن من غير اللائق أن تتخلى عن حلفائها»
بدا بشكل جلي أن الحلفاء الذين نوه عنهم برنس ليسوا في واقع الأمر سوى مرتزقة محليين في سورية، تشكل ما تسمى الميليشيا الكردية معظمهم ويعتبرون الحليف الرئيس للولايات المتحدة في سورية.
في اليوم التاسع عشر من الشهر الماضي أعلن الرئيس دونالد ترامب على نحو مفاجئ عزم الولايات المتحدة على سحب قواتها من سورية، ذلك الإعلان الذي جوبه باعتراض من قبل العديد من المسؤولين في إدارته الذين أعربوا عن قلقهم خشية أن يتسبب الخروج السريع بإلحاق الأذى بأولئك الحلفاء ومصالح واشنطن ، الامر الذي أثار امتعاض وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ودفع به إلى تقديم استقالته.
قال برنس بأن الاعتماد على مقاولين سيمكن ترامب من ادعاء الوفاء بوعوده التي قطعها إبان حملته الانتخابية عندما قال آنذاك بأنه سيعمد إلى «إنهاء الحروب» ويترك خلفه الحماية لأصدقائه. وقد أضاف برنس: «إن التاريخ الأميركي يغص بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإن ثمة مواقع يمكن للقطاع الخاص ملء الفراغ فيها، حيث يجب ألا تزج القوات العسكرية بها». وأضاف: «إن لم تتوفر قدرات كبيرة لمجابهة الهجمات البرية فلا ريب بأن الهزيمة ستلحق بحلفائنا».
أفصحت أقوال برنس عن الارتباك الحاصل حول تغير الحلفاء على أرض المعركة في سورية نتيجة استعداد الولايات المتحدة للخروج، إذ يخشى المرتزقة المحليون من التهديدات التركية.
أسس برنس شركة بلاك ووتر عام 1997، وتلقت الشركة مئات الملايين من الدولارات جراء عقود أبرمتها مع الحكومة الأميركية خلال حرب أفغانستان والعراق حيث عهد إليها تقديم الدعم للقوات الأميركية وحماية المسؤولين والمعدات. لكن بعد عدة سنوات جرى تغيير اسم الشركة وعمد برنس إلى بيع أصولها لمجموعة خاصة من المستثمرين.
وقد جاء اقتراح برنس بتقديم قوة مرتزقة في سورية عقب تقديمه عرضا مماثلا لخصخصة القتال ضد طالبان في أفغانستان.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز عام 2017 أن برنس جرى تكليفه من قبل مستشار ترامب ستيف بانون بإيجاد بديل عن إرسال المزيد من القوات إلى البلاد. ويشار في هذا السياق إلى أن برنس قد تبرع بمبلغ 250,000 لحملة ترامب الرئاسية.
تقوم خطة برنس على تشكيل قوة من 6000 مقاتل سبق وأن كانوا من ضمن القوات الأوروبية والأميركية بحيث يتولون تدريب القوات الأفغانية وذلك مقابل مبلغ 5 بلايين دولار سنويا. ويبدو بأن هذه الخطة قد لاقت استحسانا لدى مؤيدي ترامب، الذي انتابه الإحباط واليأس نتيجة التكاليف الباهظة والمتزايدة للنزاع الذي دام 17 عاما.
كما ورد في جريدة نيويورك تايمز في الشهر الفائت بأن هيئة المحلفين الفيدرالية وجهت اتهاما للمقاتل الأمني السابق في بلاك ووتر نيكولاس سلاتن بإطلاق النار على عشرات المواطنين العراقيين العزل الموجودين في ساحة النسور ببغداد الأمر الذي يعتبر لطخة سوداء في جبين أميركا جراء حربها على العراق ورمزا للمشاركة الأميركية المستمرة في حرب غير مرغوب الخوض بها.
وكانت هذه المرة الثانية التي توجه بها هيئة المحلفين الاتهام لسلاتن الذي عمل قناصا وثبت ذنبه في حادثة أثارت غضب الرأي العام الأميركي الذي نظر لتلك المهمة العسكرية باعتبارها تفتقر للاستراتيجية الواضحة، وعلى مدى عقد من الزمن، فإن القضية ضد سلاتن ومقاتلين مأجورين آخرين تمت مداولتها في نظام العدالة الفيدرالي، الذي أقرته ثلاث إدارات.
بعد عمليات القتل المرتكبة، طلبت الولايات المتحدة من حلفائها العراقيين أن يثقوا بنظام العدالة الأميركي، حيث صدرت الإدانة بتصرفات سلاتن وثلاثة مقاتلين آخرين في بلاك ووتر ثبت انخراطهم في أعمال قتل عام 2014 وواجهوا حكما بالسجن. إلا أنه في العام الماضي، عرض الأمر على المحكمة الفيدرالية التي أصدرت حكمها ببراءة الثلاثة وأمرت بإعادة محاكمة سلاتن. وبعد فترة وجيزة وجهت هيئة المحلفين لسلاتن البالغ 35 عاما تهمة ارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى وسجنه مدى الحياة نظرا لدوره في عملية قتل 14 مدنيا عراقيا أعزل في شهر أيلول عام 2007، منهم 10 نساء ورجلان وطفلان وجرح 18 آخرون. وأكد ممثلو الادعاء بأن سلاتن كان الأول في إطلاق النار دون داع في ساحة مكتظة حيث كان واحدا من 19 مقاتلا ممن يمتطون مركبات مدرعة.
وكان السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي أحد الذي تابعوا هذه القضية عن كثب ووجه الانتقاد للتبريرات التي تقدمت بها إدارة بوش بشأن عملية القتل وناشد وزارة العدل لمتابعة القضية، حيث قال: «من الضرورة بمكان مساءلة الأميركيين العاملين في إمرة الحكومة الأميركية في محاكمنا جراء الجرائم التي ارتكبوها في الخارج» مضيفا: «يبدو بأنه من الصعوبة بمكان ملاحقة هذه الحالات نظرا لعيوب في قوانيننا القضائية فضلا عن صعوبة الوصول إلى موقع الجريمة والوقوف على أقوال الشهود».
في المحاكمة الأولى اتهم سلاتن بالقتل وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، أما الثلاثة الآخرون فقد اتهموا بالقتل دون سبق الإصرار واستخدام الرشاشات لتنفيذ الجريمة. وقال محامو الدفاع بأن المقاتلين كانوا جزءا من قافلة تعرضت لنيران مسلحين، ذلك الادعاء الذي دحضه المدعون العامون والشهود.
إن إطلاق النار في ساحة النسور في بغداد دفع بالحكومة الأميركية لإعادة النظر في فكرة الاعتماد على هذا النوع من الشركات في مناطق الحروب، لكنه في الحين الذي كانت تجري به عملية اطلاق النار، وكانت به بلاك ووتر من كبريات الشركات الأمنية الأميركية الأقوى في مناطق الحرب في العراق وافغانستان، نجد أنها عمدت إلى تغيير اسمها عام 2009 إلى «اكس إي للخدمات» حيث تمكنت في تلك الآونة من إبرام عقود بمبالغ تفوق بليون دولار وقدمت خدمات أمنية لدبلوماسيين أميركيين في الخارج، الأمر الذي يعطي الدليل على أن الحكومة الأميركية لا تزال تعتمد بشكل كبير على هذا النوع من الشركات الخاصة في تنفيذ مهمات لها فيما وراء البحار.
أقدم مؤسس شركة بلاك ووتر إريك برنس على بيع الشركة عام 2010 وبقي مستمرا في أعمال المقاولات الأمنية الخاصة. وفي هذا السياق، تقدم باقتراح إلى إدارة ترامب بضرورة الاعتماد على شركات أمنية خاصة في أفغانستان.
عرض برنس الضابط السابق في البحرية الأميركية خطة على المسؤولين الأميركيين والأفغان بالاعتماد على مقاولين عسكريين خاصين للتمكن من تحقيق الانسحاب العسكري من افغانستان. ويبدو بأن هذا الاقتراح يتناغم وتوجهات ترامب والأميركيين الذين يرغبون بإنهاء المشاركة الأميركية في هذه الحرب المستمرة منذ عام 2001.
ليندا سكوتي

 

التاريخ: الأربعاء 23-1-2019
رقم العدد : 16892

آخر الأخبار
واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ... بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال