السودان .. مظاهرات تترقبها إسرائيل بعيون التقسيم .. والثروات البكر في مخالب الهيمنة الأميركية

 

«ربيع عربي» في السودان عبارة تضاف الى مخاوف جديدة من دمار في منطقتنا .. فتجربة هذه «الثورات» كفيلة بأن تبقينا على قيد الاستفسار مع كل تظاهرة احتجاجية تخرج في السودان وكل بلدان المنطقة وتحديدا «الجمهوريات» سواء للمناداة الشعبية برغيف الخبز أم «للحرية» والتي باتت ملغومة في هذا التوقيت من عمر المنطقة..خاصة أن معظم هذا الحراك تسربت منه الدبابات الأميركية أو كان الغطاء المستغل أميركياً لقصف جوي على المدنيين في التحالفات العسكرية الغربية منها والعربية بقيادة السعودية والتي امتدت من سورية الى اليمن الى ليبيا الى العراق الى ما شاء ترامب أن يعبث بأمن المنطقة..
لذلك نقول اليوم إننا خائفون على السودان.. فإن كان صوت التظاهرات حقيقياً فحتماً هناك من يحاول سرقة حناجر السودانيين وتمرير سكين تقسيمات أخرى من بين يافطات الاحتجاجات على اسقاط النظام وحكم العسكر والحكومات الانتقالية وكل ما بدأت عملية سياسية.. واللعبة باتت مكشوفة فهو حق السودانيين الذي يراد به باطلاً أميركيا واسرائيلياً..
والأكثر لفتاً أنها في هذا التوقيت فهل هي اكمال للعبة الأميركية في المنطقة خاصة أنها تتزامن مع مظاهرات الجزائر وتفاقم الوضع في ليبيا واستمرار الحرب على سورية واليمن .. كل المؤشرات تقول إن على السودانيين الحذر فجرح التقسيم لازال نازفاً وتفرع عنه الصراعات السابقة في جنوب السودان التي تعوم على النفط .. والخطة الخمسية لتقسيم أغنى دول العالم بالغذاء والطاقة لم تتزحزح قيد أنملة عن طاولات اللعب الأميركي والإسرائيلي في المنطقة..
فإسرائيل تدير الخيوط من جنوب السودان «جوبا» وللكيان باع طويل في التدخل في شؤون الخرطوم وليس هذا بجديد فمؤسس الصهيونية العالمية هرتزل كان يطمح لأن يكون السودان وأوغندا «ارض الميعاد» قبل أن تكون فلسطين المحتلة والأكثر جدية هو إقامة حكم ذاتي يهودي في أوغندا (كينيا حسب الحدود الحالية) وقد أعلنها وزير المستعمرات البريطاني في أبريل 1903، وهاجر عدد كبير من يهود شرقي أوروبا إلى غربي أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط. فأرسل المؤتمر الصهيوني العالمي في جلسته السادسة بعثة إلى أوغندا لبحث الاقتراح، أما في الجلسة السابعة (1907) فقد علقت الفكرة الى أن جاء وعد بلفور وتم التآمر لاغتصاب فلسطين واحتلالها ولكن بقيت العين الصهيونية على القارة السمراء التي يشكل السودان بوابتها فكان لابد من تقسيمه.. وبدأ ذلك يتوضح بعد استقلال السودان مباشرة عام 1955 حيث ظهرت مهمة الموساد بشكل لافت بعد يوم من اعلان الاستقلال من داخل البرلمان حيث بدأ أول تمرد معلن انطلق في مدينة توريت رفعت فيه الحركة المتمردة شعار «الانفصال عن السودان»، وخلال عدة أعوام وفرت إسرائيل التدريب والسلاح لهذه الحركة التي وقعت لاحقا اتفاقا للسلام مع حكومة الرئيس السوداني الراحل جعفر نميري في نيسان 1972.
ولم تخبئ اسرائيل تدخل جهاز استخباراتها والعمليات الخاصة «للموساد»، في تقسيم السودان وبناء القوة العسكرية والاقتصادية للانفصاليين الجنوبيين منذ ستينيات القرن الماضي وحتى انفصال جنوب السودان رسميا في تموز 2011 بل نشرته في كتب احتوت على وثائق.
كما أقر جوزيف لاقو، مستشار رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت للمهمات الخاصة، وزعيم حركة الأنيانيا الجنوبية الانفصالية في خمسينيات القرن الماضي بالدعم الذي قدمته إسرائيل للحركة، أثناء قتالها ضد حكومة الخرطوم.
وتشير الوثائق الى دعم اسرائيلي بحت لمجموعات وحركات تلقت التدريب على العمل الاستخباري وحرب المدن والمهمات الخاصة داخل إسرائيل لدعم الانفصال السوداني، في وقت كانت تقوم فيه مجموعة أخرى من الموساد بتدريب جنود آخرين داخل أراضي جنوب السودان. وهناك الكثير من المحليين والاساتذة الجامعيين والدبلوماسيين اشاروا الى الدور الكبير لاسرائيل في تقسيم السودان منهم أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الكاثولوكية بجوبا جيمس أوكوك الذي قال إن كل الدوائر اللصيقة بصنع القرار في جوبا أو الخرطوم كانت تعلم جيدا أن إسرائيل لعبت دورا محوريا في انفصال جنوب السودان عبر الأنشطة التي كانت تقوم بها جماعات اللوبي اليهودي في أميركا وأوروبا.
وأكد ان توجهات اللوبي اليهودي كانت تدعم فقط المواقف التي تدعو لانفصال جنوب السودان وأن الوجود الإسرائيلي في جنوب السودان ساهم في انفصالها عام 2011
اليوم السودان على صفيح ساخن وهناك من يدعو للتغيير لكن المطامع الدولية لم تتغير فأميركا تريد نفط هذه المنطقة السمراء وثرواتها البكر وللدول الغربية أطماع أخرى وقد تجد هناك في السودان صراع الوهابية والإخوانية أيضا والذي نستطيع أن نلمسه من قراءة المواقف الدولية لما يجري في السودان سواء بالنسبة للسعودية أو لتركيا ..
كل هذا يجعل الوضع أخطر.. نقولها نخشى على السودان كما نخشى على الجزائر فنحن السوريين نعلم أن الديمقراطية هي ثقافة وليس مظاهرة يترقبها الغرب .. والغرب تحديداً.
عزة شتيوي

 

التاريخ: الخميس 18-4-2019
رقم العدد : 16960

آخر الأخبار
في ختام الزيارة.. سلام: تفتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين لبنان وسوريا  محافظ اللاذقية يلتقي مواطنين ويستمع إلى شكاويهم المصادقة على عدة مشاريع في حمص الأمن العام بالصنمين يضبط سيارة مخالفة ويستلم أسلحة مشاركة سوريا في مؤتمر جنيف محور نقاش مجلس غرفة الصناعة منظومة الإسعاف بالسويداء.. استجابة سريعة وجاهزية عالية صدور نتائج مقررات السنة التحضيرية في ظل غياب الحل السياسي.. إلى أين يتجه السودان؟  الرئيس الشرع يستقبل سلام دمشق وبيروت.. تصحيح مسار العلاقات حاجة ملحة وفد من وزارة الدفاع يتفقد محور سد تشرين بريف حلب الشرقي  لقلة الهطولات المطرية.. برنامج لتزويد دمشق وريفها بالمياه تركيب مضخات لآبار عتيل والثعلة وصلخد تشغيل بئر مياه في عدرا صناعيو حلب يطالبون بزيادة ساعات التغذية الكهربائية إعادة المفصولين بسبب مشاركتهم في الثورة لعملهم خطوة لطي صفحة الظلم وتعزيز الثقة برسم الحكومة.. ملفات اقتصادية " نائمة " في حلب تنتظر إحياءها وزير الدفاع التركي: استقرار سوريا بالغ الأهمية لمستقبل المنطقة رفض قطري ومصري لتهجير الفلسطينيين تميم والسيسي : أهمية الحفاظ على وحدة واستقرار سوريا الضابطة العدلية تصادر ٣٥ طائرة "درون" من أسواق دمشق وفق شروط جديدة.. "الصحة" دمج الأطباء المنقطعين والحاصلين على شهادات البورد ضمن برامجها