وثيقة الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي… منصة للسياسة المكانية السورية خلال الأعوام الـ 15 المقبلة… التلي: التوجهات الأساسية للوثيقة ترتبط بمرحلة الانتقال نحو التعافي والانتعاش… ثم الاستدامة
بجهود استثنائية وخلال فترة زمنية قياسية استطاعت هيئة التخطيط الإقليمي إعداد وثيقة خاصة بالتوجهات والمنطلقات الأساسية للإطار الوطني للتخطيط الإقليمي في المجالات العمرانية والسياحية والزراعية والصناعية والخدمية والتنموية..الخ، والوصول إلى إعداد البرنامج التنفيذي لهذه الوثيقة، الذي تضمن أربعة مشاريع مهمة، تسهم مخرجاتها في إعادة الإعمار، والعودة الآمنة للسكان، واستعادة الدورة الاقتصادية ورؤوس الأموال التي هجرت خارج البلاد إضافة إلى تطوير ودعم بنية التخطيط الإقليمي.
توجهات أساسية
تقول رئيسة هيئة التخطيط الإقليمي ماري التلي «للثورة» إن هذه الوثيقة تعد الإطار التوجيهي لعمل المؤسسات ريثما يصدر الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي، فهي تقوم بوضع التوجهات الأساسية للعملية التنموية المكانية استجابة للمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية، لضمان تحقيق أهداف التعافي والتطوير استناداً إلى الرؤية الوطنية للتنمية المستدامة في سورية، كما تشكل منصة تساعد أصحاب القرار في ضبط مسارات التنمية المكانية وانعكاساتها في ظل الموارد المتاحة، إضافة إلى أنها نقطة الانطلاق الأساسية لتطوير مشروع الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي.
15 سنة مقبلة
هذه الوثيقة كما أوضحت التلي تعد مقدمة لرسم معالم السياسة المكانية السورية خلال الأعوام الـ 15 المقبلة، مع وضع آلية للمراجعة والتقييم تواكب التغيرات التقنية والبيئية والتحولات الاقتصادية في السوق المعولم.
التعافي والانتعاش ثم الاستدامة
وتضيف التلي بأن التوجهات الأساسية للوثيقة ترتبط زمنيا بمرحلة انتقالية تتجه فيها سورية نحو التعافي والانتعاش، وترسي هذه المرحلة قواعد وركائز مكانية تنموية تنطلق من خلالها نحو مرحلة أكثر تطورا واستدامة، حيث تعد المرحلة الأولى (الانتقالية) وهي التعافي والانتعاش والمرحلة الثانية (الاستدامة) متداخلتين ومتكاملتين زمانياً ومكانياً بما يعزز تلازم مسارات التنمية المحلية والإقليمية والوطنية.
الاستقرار التنموي المستدام
ولفتت إلى أن الوثيقة كموجّه للعملية التنموية انطلقت من رؤية متمثلة في اعتماد نَهج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتوازنة والمستدامة، وذلك بناء على أسس مكانية مدروسة تتجاوز الأضرار والآثار الناجمة عن الحرب في سورية، وفق آليات تخطيطية باتجاهين وطني وإقليمي.
وأكدت أن هذه الرؤية ترتكز على المنطلقات الوطنية الرئيسية التي تكفل الاستقرار التنموي الوطني المستدام من خلال وحدة الأراضي السورية والاستقرار والتماسك الاجتماعي الآمن، والتنمية الاقتصادية الاجتماعية، والحماية البيئية للموارد الطبيعية وخاصة المائية منها، والتنمية الزراعية بما يحقق الأمن الغذائي وحماية التراث الوطني التاريخي والثقافي والطبيعي.
الاستخدام الفعال للأراضي
استطاعت الهيئة تعيين المحددات المكانية الرئيسية للتنمية لمواجهة التنمية المكانية المتوازنة وتحدياتها وذلك في المرحلتين الانتقالية والمستدامة، فتحدّد الهدف الاستراتيجي بالاستخدام الفعال للأراضي السورية وإمكاناتها المتنوعة في سبيل تحقيق أهداف إنمائية شاملة والقدرة التنافسية، وزيادة العمالة وكفاءة الإدارات والتماسك الاجتماعي والاقتصادي والإقليمي على المدى الطويل، والأهداف الوطنية التي تتلخص في تحسين القدرة التنافسية، وروابط السياق الإقليمي الأعلى، من خلال تحديد الأوضاع التنموية والتوجيهية مع البلدان الأخرى، وخاصة في مجالات السياحة والاستثمار والقطاعات الإنتاجية، إضافة إلى تعزيز التماسك الداخلي وتحقيق التوازن في التنمية الإقليمية من خلال تعزيز التكامل الوظيفي وتنظيم الأراضي، إضافة إلى تحسين وتطوير البنية للنقل والاتصالات السلكية واللاسلكية، وتطوير الهيكليات المكانية التي تدعم الحفاظ على البيئة الطبيعية والمناظر، ومناطق التراث الطبيعي والثقافي، وإرساء منظومات الإدارة المكانية التي تدعم القدرات المحلية، ومن ثم التنمية على جميع مستويات التخطيط الوطني والإقليمي والمحلي والوظيفي أو القطاعي.
اعتبارات
الوثيقة التي تم إنجازها من خلال تشكيل مجموعة عمل من هيئة التخطيط والتعاون الدولي، وهيئة التخطيط الإقليمي، والمعهد العالي للتخطيط الإقليمي وبعض الخبراء قامت بأخذ عدة اعتبارات عند رسم موجهات خطط التنمية الإقليمية تنوعت بين الطبيعية والبيئية والاعتبارات البشرية والاجتماعية والحضرية والعمرانية والقانونية والإدارية، ليتم لاحقاً إسقاطها على الأقاليم التخطيطية، وذلك وفقاً لاعتبارات أساسية للتنمية الإقليمية المقترحة وحجمها.
تفعيل المجلس الأعلى للتخطيط
الوصول إلى تحقيق ما تقدم يتطلب تحديد أهم الإجراءات اللازم اعتمادها لتكون موجهات الوثيقة الأساسية كموجه لخطة عمل تنفيذية وآلية تنسيق تربط بين الجهات المعنية بها بنفس الوقت، والتي يمكن تلخيصها بـتفعيل المجلس الأعلى للتخطيط، واعتماد وتفعيل الخطة الوطنية اللامركزية كأساس عمل للوحدات الإدارية ولاسيما على مستوى المحافظات التي تعد الشريك التنفيذي الرئيسي لهذه التوجهات، والتأكيد على دور مديريات دعم القرار والتخطيط الإقليمي في المحافظات (المراصد المحافظاتية) كعقدة وصل بين المستويين المحلي والإقليمي وبالاتجاهين (أسفل أعلى، أعلى أسفل).
وأيضا تفعيل المراصد الحضرية في الوحدات الإدارية المعنية بإعداد الخطط المحلية والتأكيد على دور الوحدات الإدارية على المستوى المحلي «مدينة، بلدة وبلدية» كشريك تنفيذي وفاعل على أرض الواقع، ودعم تطوير بيئة العمل في مديرية المرصد الإقليمي في هيئة التخطيط الإقليمي كقاعدة بيانات تخطيطية وطنية لتأمين ربط فعال ومرن مع المستوى المحافظاتي.
البرنامج التنفيذي للمرحلة الانتقالية للوثيقة
بناء على توجيهات رئيس الحكومة المهندس عماد خميس قامت الهيئة بوضع البرنامج التنفيذي للمرحلة الانتقالية للوثيقة، وتم إقراره خلال اجتماع المجلس الأعلى للتخطيط الإقليمي متضمنا أربعة مشاريع أولها إعداد دراسات التخطيط المكاني «الوطني والإقليمي والهيكلي» الذي يحوي الأسس والمعايير والمؤشرات للدراسات التخطيطية فهذا المشروع يتضمن وضع واعتماد الأسس والمعايير والمواصفات الفنية والمؤشرات لوثيقة الإطار، والخطط الإقليمية ومخططات استعمالات الأراضي والمخططات الهيكلية التي تُعَد أساسية لتحقيق الربط المنطقي والقانوني بين الخطط الإقليمية والمخططات التنظيمية للتجمعات العمرانية، فيما تضمّن المشروع الثاني تحديث وتطوير مسودة الوثيقة.
مضامين متكاملة
وفي ذلك تبين التلي أنها ستحمل عدة مضامين متكاملة بما يحقق الأهداف المرجوة منها، فهي ستتعدى عملية إعداد الإطار في إصدار التقرير المتضمن فقط الأقاليم التخطيطية الملائمة، والأقاليم ذات الطابع الخاص، ومراكز التنمية ومناطق التجمعات العمرانية الكبرى ومحاور التنمية ومناطق الحماية البيئية والمناطق السياحية ومناطق حماية التراث الحضاري ومحاور الثروات المعدنية، وإنما سيقوم أيضاً بدعم وتطوير بنية التخطيط الإقليمي.
على رأس الأولويات
أما المشروع الثالث الذي تناول تنفيذ الخارطة الوطنية للسكن والإسكان فهو على رأس الأولويات في هذه المرحلة، كون القطاع السكني من أكبر القطاعات المتضررة نتيجة الحرب على سورية، وتأتي أهميته بما يمكن تأمينه من مخرجات تسهم في إعادة الإعمار وفق أسس تخطيطية تنموية صحيحة، مما يسهل العودة الآمنة للسكان.
استعادة الدورة الاقتصادية ورؤوس الأموال
والمشروع الرابع في البرنامج التنفيذي هو تحديث الرؤية المكانية للنشاط الصناعي، وذلك باعتبار أن الفعالية الاقتصادية تعد المحور المركزي لإعادة الإعمار، حيث يتم تركيز الإنفاق خلال مسار عملية إعادة الإعمار على القطاعات الأكثر تأثيراً في استعادة الدورة الاقتصادية ورؤوس الأموال التي هجرت البلاد، وذلك على البنية التحتية المؤثرة والمؤسسة للنهضة العمرانية، وعلى قطاع الطاقة، وفي تأمين البنية التحتية للنشاط الصناعي تحديداً.
دمشق – فارس تكروني
التاريخ: الأحد 11-8-2019
رقم العدد : 17047