الثورة- نور جوخدار:
منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في شباط 2022، لم تتبن الصين أي موقف من الحرب واكتفت بالحياد بل ودّعت إلى ضرورة وقف إطلاق الناروإجراء محادثات سلام واحترام وحدة أراضي جميع الدول، بما فيها أوكرانيا.
إلا أن تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الصيني وانغ يي، خلال لقائه مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في بروكسل الأسبوع الماضي، أثارت تساؤلات حول احتمال تغييرهذا الموقف، إذ قال وانغ، وفق ” بي بي سي”: إن بلاده “لا تريد أن ترى روسيا تخسرالحرب في أوكرانيا”، في تصريح اعتبره مراقبون خروج الصين عن الحياد.
لكن بكين لم تتبنَّ رسمياً تصريحات وزيرخارجيتها، إذ أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان بعد أيام من تلك التصريحات، أن “الصين لا تتدخل في القضية الأوكرانية، وأن موقفها ثابت وموضوعي يقوم على التفاوض ووقف إطلاق النار وتحقيق السلام”، معتبرة أن استمرار الأزمة الأوكرانية لا يخدم مصالح أي طرف.
ويرى العديد من المحللين السياسيين أن بكين تخشى من أن تؤدي خسارة موسكو إلى تركيز واشنطن بالكامل باتجاهها.
في المقابل، يرى آخرون أن الدعم الصيني لروسيا يثير قلق أوروبا، إذ يدرك الأوروبيون بأنه لولا الدعم الصيني لروسيا لَما استطاعت أن تستمر في حربها على أوكرانيا، لكن الأوروبيين لا يستطيعون التخلي عن الصين بسبب العلاقات الاقتصادية والسياسية التي تجمعهم بها.
وتجلّى هذا الموقف الأوروبي في تصريحات كايا كالاس التي قالت إن :”الصين ليست خصماً لأوروبا، لكن علاقاتنا الأمنية تتعرض لضغوط متزايدة.
الشركات الصينية شريان حياة لموسكو لمواصلة حربها ضد أوكرانيا، إضافة إلى شن هجمات إلكترونية والتدخل في ديمقراطياتنا وتتاجر بشكل غير عادل.
هذه الأفعال تضرّ بالأمن الأوروبي وفرص العمل”. وفق ما ذكرته “رويترز”.
من جهة أخرى، يرى البعض أن روسيا ستدعم الصين في حال شنت هجوماً ضد تايوان حيث تحدث الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته عن تصوره لسيناريو محتمل للتنسيق العسكري بين الصين وروسيا، في حال قررت بكين شن هجوم على تايوان.
وفي تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز قال روته: “إذا قرر شي جين بينغ مهاجمة تايوان فإنه سيحرص أولاً على الاتصال بالرئيس الروسي فلاديميربوتين، ليطلب منه تنفيذ هجوم على أوروبا كجزء من خطّة لتشتيت القوات الغربية.
ومن المرجح أن تسير الأمور بهذا الشكل”، مشيراً إلى أن هذا السيناريو يستدعي تعزيز حضور الناتو في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من أجل ردع أي تصعيد محتمل.
في السياق ذاته، كشف روته عن وجود خطط دفاعية مسبقة لحماية إستونيا في حال تعرضها لهجوم روسي، داعياً إلى زيادة الإنفاق الدفاعي داخل الحلف، محذراً من احتمال تنفيذ موسكو هجوماً على إستونيا خلال خمس إلى سبع سنوات إذا لم تُتخذ تدابير ردع كافية.
وكان حلف الناتو قد أقرّ في قمته الأخيرة في لاهاي خطّة لزيادة تاريخية في إنفاق دول الحلف الدفاعي لمواجهة التهديدات المتصاعدة من روسيا والصين وإيران.
وعلى ضوء ما يشهده العالم من تطورات وتبدلات في خارطة التحالفات الدولية هل ستبقى بكين محافظة على حيادها وتوازنها بين مصالحها مع روسيا من جهة، وضغوط أوروبا وأميركا من جهة أخرى؟.