الثورة – نيفين أحمد:
في مشهد يُجسّد كارثة بيئية غير مسبوقة، تواصل فرق الإطفاء والدفاع المدني منذ أيام عملياتها المكثفة لإخماد الحرائق الحراجية التي اندلعت في ريف اللاذقية، والتي وصلت الى نحو 10 آلاف هكتار من الغابات الكثيفة في أكثر من 28 موقعاً، متسببة في خسائر بيئية وزراعية فادحة.
وأكد وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح على منصة X، خلال وجودي الميداني مع الفرق العاملة منذ يوم أمس، أن الوضع على الأرض “مأساوي بكل المقاييس”، مشيراً إلى أن مئات آلاف الأشجار الحراجية، معظمها من الصنوبر والسنديان، تحولت إلى رماد، في واحدة من أوسع موجات الحرائق التي تضرب المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
جهود مكثفة واستجابة إقليمية
تتضافر جهود أكثر من 80 فريقاً ميدانياً من الدفاع المدني السوري ووزارة الطوارئ وفوج الإطفاء الحراجي التابع لوزارة الزراعة، بدعم من مؤسسات حكومية متعددة، في محاولة للسيطرة على النيران المتسارعة، والتي يُفاقمها اشتداد الرياح وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى مخلفات الحرب التي تعيق وصول الآليات في بعض المناطق.
وشاركت في عمليات الإخماد 160 آلية إطفاء و12 آلية هندسية ثقيلة، ساهمت في تقسيم الغابات إلى قطاعات وعزل البؤر النشطة، بما يمكّن الفرق من التحرك بشكل أكثر فاعلية، في حين قام مئات المتطوعين والأهالي بتقديم الدعم اللوجستي وتأمين المياه للفرق العاملة.
وأشار في تطور لافت، إلى أن الاستجابة الإقليمية سجلت حضوراً بارزاً من الجانب الأردني والتركي، حيث شاركت 20 آلية إطفاء و71 عنصراً أردنياً، إضافة إلى ملاحق مياه وطائرات مروحية ساعدت في عمليات الإخماد من الجو، كما قدمت تركيا دعماً جوياً ومعدات ميدانية لفرق الطوارئ.
خسارة بيئية مؤلمة
وأوضح الوزير أن حرائق ريف اللاذقية تمثل ضربة موجعة للغابات الطبيعية في الساحل السوري، والتي تُعد من أبرز الأنظمة البيئية في البلاد، وتضم تنوعاً حيوياً نادراً، وتشكل حزاماً أخضر مهماً في التوازن المناخي الإقليمي.
وقد خسرت المنطقة خلال الحرائق الأخيرة غابات معمرة يعود عمرها إلى مئات السنين، إلى جانب أضرار لحقت بالبنية التحتية الريفية، وبساتين الزيتون والتين، وقطاع النحل الذي تضرر بشكل خاص جراء فقدان الغطاء النباتي.
ثمّن وزير الطوارئ الجهود البطولية التي تبذلها جميع الفرق، قائلاً: “نأسف ونحزن على كل شجرة احترقت كانت توفر لنا هواءً نقياً وتُشكّل إرثاً للأجيال القادمة، لكننا نعتز بما تقدمه الفرق من تضحيات استثنائية في وجه واحدة من أصعب الكوارث البيئية التي شهدناها”.
وأكد أن الحكومة ستواصل دعمها الكامل حتى إخماد الحرائق بشكل نهائي، داعياً المواطنين والمنظمات الأهلية إلى مواصلة التعاون وتوخي الحذر، والتبليغ الفوري عن أي بؤر اشتعال.