الاستثمار في سوريا قراءة في تجارب معرض دمشق الدولي

الثورة –  سعاد زاهر:

مع عودة معرض دمشق الدولي، بدا أن هناك شعاعاً من الأمل في قلب الأزمة الاقتصادية التي شهدتها سوريا على مدار السنوات الماضية، هذا المعرض الذي يعد بمثابة جسر اقتصادي بين سوريا والعالم.
أثبت في دورته الأخيرة أن الاقتصاد السوري لا يزال يحتفظ بقوة دفع كبيرة في مساره نحو التعافي، فالمشاركة الواسعة للشركات العربية والأجنبية تحمل في طياتها إشارات إيجابية حول استعادة السوق السوري لدوره كوجهة رئيسية للاستثمار في المنطقة.

سوريا بيئة استثمارية واعدة

تعتبر الاستثمارات الخارجية في سوريا أحد العناصر الأساسية لتعافي الاقتصاد الوطني، فعلى الرغم من الآثار السلبية التي تركتها سنوات الحرب والعقوبات، إلا أن التواجد المكثف للمستثمرين في معرض دمشق الدولي يعكس حجم الثقة في مستقبل سوريا الاقتصادي.
فقد شهد المعرض حضور العديد من الشركات من مختلف القطاعات، على رأسها القطاع الغذائي الذي يمثل شرياناً حيوياً في حياة المواطن السوري.

تجربة المستثمرين

من رومانيا، جاء المستثمر السوري ثائر عصفور، مدير المبيعات في أحد الشركات الغذائية، إلى دمشق وهو يحمل طموحاً جدياً للمساهمة في تطوير الاقتصاد السوري، يقول عصفور: “هدفنا من المشاركة في المعرض هو أن نكون شركاء في بناء سوريا، لدينا عملاء في السوق السوري قبل التحرير، ولكن الآن مع تحرير العديد من المناطق، أصبحت الاتفاقيات أكثر وضوحاً وقوة.”
من جهته، أشار المستثمر الأردني رائد العموري، مدير أحد المحامص في الأردن، إلى الفرص الكبيرة التي يقدمها السوق السوري، خاصة في قطاع الأغذية قائلاً: “سوريا بعد التحرير مختلفة تماماً، البداية مشجعة جداً، وهي بيئة خصبة للاستثمار.”.
القطاع الغذائي كمجال خصب للاستثمار
القطاع الغذائي شكل نقطة جذب رئيسية في المعرض، وذلك بسبب الحاجة الكبيرة للسوق السوري للسلع الأساسية، يعتبر هذا القطاع من أكثر القطاعات القادرة على جذب الاستثمارات، خاصة مع تزايد عدد السكان الذي يتجاوز 18 مليون نسمة.
تؤكد سهر الطويل، مديرة التسويق في أحد الشركات الغذائية المحلية، أن مشاركة الشركة في المعرض انطلقت من التزامها بالجودة والتميز، ورغبتها في أن تكون جزءاً من هذا الحدث الاقتصادي والثقافي والاجتماعي البارز.
وتوضح أن منتجات الشركة طبيعية ومتنوعة، وقد تزامنت المشاركة مع إطلاق منتج جديد. وإلى جانب العروض التجارية، اعتمدت الشركة وسائل تسويقية مبتكرة كالرسم على وجوه الأطفال، وتنظيم مسابقات، وتقديم هدايا وبالونات لزوار الجناح، بهدف خلق تفاعل مباشر وإيجابي مع الجمهور.
تضيف الطويل أن التواجد في المعرض هو دعم للصناعات الوطنية، وتعزيز للعلاقات الاقتصادية مع دول أخرى، مشيرة إلى أن الشركة تصدّر منتجاتها لعدد من الدول منها ليبيا، الإمارات، السويد، هولندا، ألمانيا، بلجيكا، إضافة إلى مصنعها في مصر، وحضورها في كل المحافظات السورية.
في هذا السياق، أكدت جلنار إبراهيم، مديرة التسويق في إحدى شركات الأغذية أيضاً المحلية، أن المشاركة في المعرض جاءت لتسليط الضوء على جودة المنتجات السورية والتوسع في أسواق جديدة. وأضافت: “المعرض هذا العام يعكس انفتاح سوريا على العالم، وقد أبرمنا صفقات تصدير مع العديد من الدول مثل لبنان والسويد وقطر.”

التحديات التي تواجه المستثمرين

على الرغم من الأجواء الإيجابية، فإن المعرض لم يخلُ من بعض التحديات التي أشار إليها العديد من المستثمرين، ففي تعليق على كثافة الحضور الشعبي، أشار علي حسن، مدير العلاقات العامة في شركة للغذائيات، إلى أن كثافة الزوار أحياناً تحول دون إتمام الصفقات التجارية، وقال: “المعرض يُفترض أن يكون منصة لتوقيع الصفقات، لكن كثافة الزوار تخلق تحديات في التركيز على الجانب الاستثماري.”

أفكار لتطوير المعرض

دعا المستثمرون إلى تخصيص أيام معينة من المعرض للمستثمرين ورجال الأعمال، بعيداً عن الزوار العامين، لضمان فرصة أكبر لإجراء الصفقات والتعاملات التجارية. كما اقترحوا استخدام التقنيات الإلكترونية في إدارة المعرض لجعل العمليات أكثر سلاسة وفعالية، مما يتماشى مع المعايير العالمية.

فرص الاستثمار المستقبلية

من خلال التجارب المعروضة في المعرض، يتضح أن هناك فرصاً استثمارية ضخمة في العديد من القطاعات الحيوية في سوريا.
• القطاع الغذائي: يمثل حوالي 35% من حجم الإنفاق الاستهلاكي في سوريا، مما يجعله أحد أهم القطاعات لجذب الاستثمارات.
• التجارة والتوزيع: يمتلك القدرة على خلق آلاف فرص العمل إذا تم تحسين سلاسل الإمداد.
• الصناعات التحويلية: يمكن أن تسهم في استبدال جزء من الواردات، مما يساعد على تقليل الضغط على العملة الصعبة.

نحو اقتصاد جديد

مع معرض دمشق الدولي، لم يكن الحدث مجرد عرض للمنتجات أو الاحتفال بإنجازات، بل كان بمثابة محطة استراتيجية لإعادة التفكير في الاقتصاد السوري، فقد كشف المعرض عن رغبة حقيقية في الانفتاح على العالم واستعادة مكانة سوريا كوجهة استثمارية مهمة في المنطقة.
التعاون بين الشركات المحلية والدولية، يمثل خطوة نحو خلق شراكات حقيقية تُسهم في إعادة إعمار سوريا وبناء مستقبل اقتصادي مستدام.
وفي حال تم البناء على هذه الجهود ودمجها بشكل استراتيجي مع الإصلاحات الاقتصادية، فإن سوريا ستخطو نحو مرحلة جديدة من النمو والانفتاح.

من المنصة الشعبية إلى بيئة الاستثمار

ككل عام، يجمع المعرض بين بعدين متناقضين؛ حيث يكون في بعض الأحيان نقطة لقاء جماهيري يشهد إقبالاً كبيراً من الزوار، وفي أحيان أخرى يصبح مكاناً لتوسيع نطاق التجارة والاستثمار بين الشركات المحلية والعالمية.
هذه الثنائية بين الطابع الاحتفالي والجاذبية الشعبية، من جهة، وبين الحاجة إلى تنظيم بيئة مناسبة للصفقات التجارية، من جهة أخرى، تظل إشكالية تتطلب إعادة النظر في تنظيم المعارض المستقبلية. ومن المؤكد أن تحسين البنية التنظيمية واستخدام الأساليب الحديثة سيكون خطوة ضرورية نحو تعزيز فعالية المعرض كمنصة دولية للتجارة والاستثمار.
أخيراً.. يقول عبد الله حلاق، رئيس دائرة العلاقات العامة والإعلام في وزارة السياحة، إن المشاركة في الدورة 62 من معرض دمشق الدولي لم تكن مجرد فعالية اقتصادية أو سياحية، بل شكلت مؤشراً واضحاً على تعافي سوريا ودخولها مرحلة جديدة من الانفتاح.
ويشير حلاق إلى أن المعرض، بصفته الأول بعد التحرير، أوجد بيئة خصبة للقاء المستثمرين السوريين والعرب والأجانب، وفتح الباب أمام تبادل الخبرات وبحث فرص التعاون في مختلف القطاعات.
ويرى أن هذا الحدث لم يقتصر على الترويج للمنتجات، بل حمل بعداً استثمارياً استراتيجياً، من خلال تعزيز ثقة المستثمرين بالسوق السورية، بما يتيح إطلاق مشاريع قادرة على دعم عملية التعافي الاقتصادي والسياحي.

آخر الأخبار
تعاون متجدد بين وزارة الطوارئ واليونيسف لتعزيز الاستجابة تبادل الخبرات والاستثمارات السياحية مع الإمارات اجتماعات وزارية مشتركة في الرياض.. فرص استثمارية واعدة وتعاون زراعي استكمال مشروع دار المحافظة بدرعا ينطلق من جديد حماة تستعد لانطلاق مهرجان ربيع النصر إدخال بطاطا وخضار مستوردة يلحق خسائر  بمزارعي درعا طرطوس تبحث رؤيتها الاستثمارية والتنموية أبناء عشائر السويداء يؤكدون حقهم في العودة لمنازلهم وأراضيهم منصة صحية ومركز تدريب سعودي- سوري مستشفى دمر التخصصي بالأمراض الجلدية يفتح أبوابه لخدمة المرضى الاستثمار في سوريا قراءة في تجارب معرض دمشق الدولي الليرة تتراجع والذهب يتقدم "تجارة حلب".. إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية مع وفد تركي "إدمان الموبايل".. خطر صامت يهدد أطفالنا د. هلا البقاعي: انعكاسات خطيرة على العقول السباق النووي يعود إلى الواجهة.. وتحذيرات من دخول 25 قوة نووية جديدة ترامب: اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة.. و"حماس" مستعدة للتفاوض الحرب الروسية - الأوكرانية.. بين "التحييد الاستراتيجي" والتركيز على "العمليات الهجومية" أسماء أطفال غزة تتردد في شوارع مدريد العراق يعيد تأهيل طريق استراتيجي لتنشيط التجارة مع سوريا التحولات السياسية وانعكاسها على رغبة الشباب السوري المغترب بالعودة