الثورة – منهل إبراهيم:
المتابعون للحرب الروسية – الأوكرانية فقدوا الأمل في حدوث تغيير في روسيا يجعلها تقبل بمفاوضات سلام تنطلق من الحقائق على جبهات الحرب، والغرب يخشى تقديم أي تنازل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويواصل تقديم المساعدات لأوكرانيا من دون أن يستخدمها للضغط عليها لقبول الحل الكوري، فهو يتذكر تجربته مع هتلر في ثلاثينات القرن الماضي، ويعرف بأن أي تنازل سيكون بمثابة ميونيخ جديدة، وسيجعل بوتين يطالب بالمزيد.
الوضع على طرفي جبهة الحرب في أوكرانيا جعل البعض يقول بلا نهائيتها، فقد خرجت الأسبوعية الألمانية ” دير شبيغل” في 2 كانون الأول 2024 وغلافها يحمل عنوان “حرب لا نهاية لها، أوكرانياـ بلد بين الشجاعة واليأس”، كما نقل عنها في اليوم نفسه موقع” أوكر نت” الأوكراني، وقالت الأسبوعية: إن الحرب أصبحت حرب مواقع، والخسائر الفادحة لدى أي من الطرفين كفيل بنقل الوضع من النقطة الميتة.
واليوم تطل صحيفة واشنطن بوست الأميركية بنفس المقاربة، في مقال افتتاحي بعنوان “ماذا تتوقع روسيا وأوكرانيا أن يحدث لاحقاً في الحرب؟”، وترى الصحيفة الأميركية أن “مبادرة الرئيس دونالد ترامب للسلام في أوكرانيا- بتهديداتها الفارغة ومواعيدها النهائية المبهمة- تكاد أن تنهار”، وأن ما تبقى هو ساحة المعركة، حيث تواصل كييف وموسكو خوض حرب استنزاف دموية، ومن ثم تحاول واشنطن بوست استشراف ما قد تؤول إليه تلك الحرب، مستندة إلى إجابات من كبار الاستراتيجيين العسكريين من كلا الجانبين.
وتقول الصحيفة الأميركية: “الملخص البسيط هو أننا من المرجح أن نشهد المزيد من الموت والدمار دون تحقيق اختراق حاسم من أي من الجانبين، وللتعايش مع هذا الواقع، تتبنى أوكرانيا بهدوء عقيدة جديدة تنقلها الصحيفة عن أندريه زاغورودنيوك، وزير الدفاع الأوكراني السابق، الذي وصفها بـ”التحييد الاستراتيجي”.
الفكرة، كما شرحها القائد العسكري الأوكراني السابق، هي شل حركة القوات الروسية براً وجواً، تماماً كما فعلت أوكرانيا في البحر الأسود، وفي هذه الحالة قد تواصل روسيا القتال، لكن إذا استمر هذا النموذج، فلن تنتصر.
أما رؤية روسيا للحرب فتنقلها واشنطن بوست عن الجنرال فاليري غيراسيموف، رئيس الأركان الروسي، من حديثه خلال اجتماع عقده مع كبار قادته في 30 آب الماضي “لتلخيص نتائج الأعمال العدائية لفترة الربيع والصيف، وتوضيح المهام المستقبلية”.
وتلفت واشنطن بوست إلى أن غيراسيموف قال لقادته: “اليوم، المبادرة الاستراتيجية بيد القوات الروسية بالكامل”، وهنأهم على إنشاء مناطق عازلة في خاركيف وسومي في الشمال الشرقي، والتقدم غرباً في دنيبرو وبيتروفسك، وحثهم على مواصلة “العمليات الهجومية” في جميع المناطق.
ومع ذلك ترى الصحيفة أنه حتى بحسب رواية غيراسيموف، لم يُحرز الهجوم الروسي هذا سوى تقدم طفيف، إذ لم ينجح الروس في السيطرة حتى على المناطق الأوكرانية الأربع، التي طالبت بها موسكو عام 2022، عندما بدأت الحرب.
وتشير واشنطن بوست إلى أن وزير الدفاع الأوكراني السابق، أندريه زاغورودنيوك، يقر بأن “أوكرانيا قد لا تنتصر في هذه الحرب، لكن روسيا لن تنتصر أيضاً، وبالنسبة للمدافعين، يعد هذا نوعاً من النصر”.
ويربط كثيرون الحرب ب اسم بوتين، ويرون أنها لن تنتهي إلا برحيله، فقد نقل موقع قناة التلفزة الأوكرانية 24tv في وقت سابق عن المحللة الروسية المعارضة أولغا كورنوسوفا قولها: إن “بوتين هو الحرب التي لا تنتهي”، واستهل الموقع نصه بالإشارة إلى تصريح لوزير الخارجية البولوني رادو سلوي سيكو رسكي رأى فيه أن الحرب ضد أوكرانيا لن تنتهي على يد بوتين، بل على يد ممثلين آخرين للسلطة الروسية.
ورأت المحللة الروسية المعارضة كورنوسوفا أنه لن يكون هناك منتصر في هذه الحرب، فروسيا خسرتها ما إن أعلنتها، وفرضت عليها العقوبات وفقدت مئات آلاف القتلى، وأوكرانيا بدورها خسرت الحرب، حيث فقدت مساحات شاسعة من أراضيها، وخسرت عدداً كبيراً من مواطنيها الذين كانوا يدافعون عن بلدهم.