الثورة – منذر عيد:
على مدى سنوات عديدة منذ 2012، شهدت أوروبا تدفقاً كبيراً للاجئين السوريين، الذين فروا من ويلات الحرب، إلا أن المشهد تغير برمته مع سقوط النظام السابق، وتسلم الإدارة الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع زمام الأمور في البلاد، إذ تشير البيانات الأخيرة لوكالة الاتحاد الأوروبي للجوء، إلى تراجع ملحوظ في عدد طلبات اللجوء المقدمة من السوريين إلى دول الاتحاد الأوروبي إلى نسبة بلغت 66 بالمئة عن العام الماضي.
لقد شكلت التحولات السياسية في سوريا أبرز العوامل التي أدت إلى تراجع طلبات اللجوء، وذلك بعد سنوات من الحرب، حيث بدأت معظم المناطق في استعادة الاستقرار، الأمر الذي شجع الكثير من النازحين واللاجئين على التفكير في العودة إلى وطنهم، حيث يرون أن لديهم فرصة للمشاركة في إعادة بناء مجتمعاتهم، وفرصة للمساهمة في بناء وطنهم من جديد، الأمر الذي شكل دافعاً قوياً للعودة، خاصة بين الشباب الذين يرغبون في المساهمة في مستقبل بلادهم.
على الرغم من أن بيانات الوكالة تشير إلى أن السياسات الأوروبية لم تتغير بشكل كبير، إلا أن سقوط النظام السابق، وشعور بعض السوريين بأن فرص اللجوء أصبحت أقل بسبب القيود المتزايدة على الهجرة في بعض الدول الأوروبية، إضافة إلى تأثير التحديات التي تواجهها الدول الأوروبية في إدارة تدفق اللاجئين، أثر على قرارات السوريين بشأن طلب اللجوء.
تراجع طلبات اللجوء من السوريين إلى الاتحاد الأوروبي يعكس تحولاً إيجابياً كبيراً في المشهد السوري، ويعطي دلالة على أن الأمل في العودة قد بدأ يتجذر في نفوس الكثيرين، ليتجاوز الأمر كونه مجرد ظاهرة عابرة، بل هو نتيجة لمجموعة معقدة من العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يتطلب فهم هذه الظاهرة تحليلاً دقيقاً للسياقات المحلية والدولية، والتغيرات في السياسات، وتأثيرات النزاع المستمر في المنطقة.
وكان السوريون حتى سقوط النظام البائد في 8 كانون الأول 2024، يشكّلون أغلبية المتقدّمين بطلبات اللجوء، إلى دول الاتحاد الأوروبي، وكانوا ثالث أكبر مجموعة بعد الفنزويليين والأفغانيين.