الثورة – منهل إبراهيم:
تشير مجريات الأحداث إلى أن الاتحاد الأوروبي تنصل من مسؤوليته تجاه ما حصل ويحصل في قطاع غزة، واضعاً رأسه على وسادة ترامب للسلام في القطاع، متقاعساً برغم تعهداته الكثيرة للعب دور حاسم في إنهاء الحرب التي وصفها أكثر من مرة بأنها حرب إبادة وجريمة ضد الإنسانية تجري بصخب أمام صمت عالمي.
صحيفة الغارديان البريطانية، وفي مقال ينتقد “الارتياح الجماعي” لقادة أوروبا بعد خطة ترامب للسلام في غزة، رأت أن أوروبا تستخدم الخطة الأميركية “ذريعةً للاستمرار في التقاعس تجاه غزة”.
وتؤكد مديرة معهد الشؤون الدولية في روما، ناتالي توتشي أن تعاطي الحكومات الأوروبية مع حرب غزة كان “على عكس غزو روسيا لأوكرانيا”، فقد فرض الاتحاد الأوروبي على روسيا تسع عشرة عقوبة، ما يؤكد وقوف أوروبا “بحزم” إلى جانب أوكرانيا دفاعاً عن الديمقراطية والقانون الدولي؛ أما في غزة، “فقد حطمت أوروبا مصداقيتها أمام العالم”.
وتقول توتشي: إن الحكومات الأوروبية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل “يمكن اتهامها بالتواطؤ في جرائم الحرب الإسرائيلية” على حد تعبيرها، فقد امتنعت عن ممارسة أي ضغط على الجناة، بينما واصلت التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري معهم.
وتقارن توتشي في صحيفة الغارديان بين استجابة الاتحاد الأوروبي لحراك الشباب قبل خمس سنوات فيما يتعلق بتغير المناخ، وتجاهل “الغضب الجماهيري” إزاء “انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي”، منتقدة استغراق عامين من الحرب في غزة، كي تعترف دول أوروبية بالدولة الفلسطينية، وتقترح المفوضية أولى التدابير العقابية “الخجولة تجاه إسرائيل، كفرض عقوبات على وزراء متطرفين ومستوطنين عنيفين، وتعليق الامتيازات التجارية للاتحاد الأوروبي”. ومع ذلك، لم تنفذ أي من هاتين الخطوتين في المفوضية، حيث يتطلب فرض العقوبات موافقة بالإجماع بين حكومات الاتحاد الأوروبي “وهو أمر مستبعد”، أما الامتيازات التجارية فتعليقها تحول إلى “حبر على ورق” نظراً لمعارضة ألمانيا وإيطاليا، والآن، أتاحت خطة ترامب لأوروبا “مهرباً” على حد وصف الغارديان، شارحة بأن أوروبا استطاعت “تحويل الانتباه من الإجراءات العقابية تجاه إسرائيل إلى الدعم الأوروبي للخطة الأمريكية”.
وتضيف الغارديان بأن الحكومات الأوروبية باتت تتسابق للمساهمة بالمساعدات الإنسانية، وإعادة الإعمار، ومراقبة الحدود، واختفى الحديث عن الضغط على إسرائيل تقريباً، علاوة على أن “إسرائيل” تصر على أنها لن تسمح للأوروبيين بلعب دور في إعادة إعمار غزة، إلا إذا أُسقطت الإجراءات العقابية التي اقترحها الاتحاد الأوروبي.
وأشارت الغارديان إلى أن “إسرائيل” لم تحترم “وقف إطلاق النار تماماً مع قتل عشرات المدنيين الفلسطينيين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، بينما قتل آخرون برصاص حماس”.
وتحذر الغارديان من أنه ما لم يمارس المجتمع الدولي، وخاصةً الولايات المتحدة وأوروبا، ضغطاً أكبر بكثير على إسرائيل، فسيكون الأرجح أن النقاط المتبقية من خطة ترامب “لن ترى النور”، مشيرة إلى أن دعم خطة ترامب والضغط على إسرائيل لا تناقض بينهما، “فالضغط على إسرائيل هو السبيل الوحيد لتجاوز العقبات السياسية”، وإذا تحقق ذلك، فإن أوروبا بذلك تساهم “مساهمة متواضعة لكن إيجابية” في السلام في المنطقة.
وفي وقت سابق اعتبرت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، تيريزا ريبيرا، أن عمليات “إسرائيل” في غزة تمثل “إبادة جماعية”، الأمر الذي نددت به “إسرائيل” واعتبرت المسؤولة الأممية “ناطقة باسم دعاية لحماس”.
وأشارت ريبيرا حينها إلى أن “الإبادة الجماعية في غزة تكشف تقاعس أوروبا عن التحرك والتحدث بصوت واحد، حتى خلال الوقت الذي تنتشر فيه الاحتجاجات في أنحاء المدن الأوروبية ويدعو فيه 14 عضواً في مجلس الأمن الدولي إلى وقف إطلاق النار على الفور”، لتصبح بذلك أول مسؤول بالمفوضية يوجه لإسرائيل هذا الاتهام.