الثورة – جهاد اصطيف:
أصدر محافظ حلب الأسبوع الفائت تعميماً إدارياً، يلزم أصحاب المناسبات العامة والخاصة بتقديم إشعار خطي للوحدة الشرطية قبل 48 ساعة على الأقل من موعد إقامة المناسبة، على أن يتضمن الإشعار تفاصيل المكان وطبيعة المناسبة وأسماء المشاركين في إحيائها.
كما يشترط التعميم حصول الفنانين المشاركين على موافقة مسبقة من نقابة الفنانين، وذلك في إطار ما وصفته المحافظة بأنه إجراء تنظيمي يهدف إلى الحفاظ على الأمن العام وضمان انضباط الفعاليات ضمن الأطر القانونية.
أهداف وخلفيات
التعميم جاء في ظل تزايد المناسبات الاجتماعية والفنية التي تقام في المدينة خلال الأشهر الأخيرة، سواء في الصالات العامة أو المنازل أو الأماكن المفتوحة، ما دفع الجهات المعنية إلى البحث عن آلية تنظيمية، تتيح مراقبة الأنشطة، وتفادي أي تجاوزات أو مظاهر فوضى قد ترافقها.
وبحسب تأكيد محافظة حلب، لا يهدف التعميم إلى تقييد حرية المواطنين في إقامة مناسباتهم، بل إلى تنظيمها بما يضمن أمن المشاركين والجوار، ومنع أي استغلال لتجمعات المواطنين لأغراض غير مشروعة أو مخالفة للأنظمة العامة.
وعلى ما يبدو، جاء التعميم بناء على توصيات من الجهات الأمنية والنقابية، بعد تسجيل بعض الحالات التي شهدت تجاوزات في عدد من المناسبات الخاصة، مثل استخدام مكبرات الصوت في أوقات متأخرة أو مشاركة فنانين غير مرخصين أو غير منتسبين للنقابة، ما استدعى وضع ضوابط واضحة، تضمن مسؤولية الجهة المنظمة عن مجريات الحدث.وأكد التعميم على أن أي نشاط يقام دون إعلام الجهات المختصة أو من دون استكمال الإجراءات القانونية، سيكون عرضة للمساءلة القانونية، وقد تتخذ بحقه الإجراءات المناسبة وفقا للقوانين النافذة.
انعكاسات القرار
القرار الجديد أثار نقاشاً في الشارع الحلبي، بين مؤيد يرى فيه خطوة إيجابية نحو التنظيم، ومعارض يعتبره زيادة في الأعباء الإدارية على المواطنين.
في جولة ميدانية، رصدت “الثورة” عدداً من الآراء، حيث عبّر صاحب صالة أفراح “فضّل عدم ذكر اسمه”، عن تأييده للتعميم، مؤكداً أن من حق السلطات أن تعرف ما يقام في القاعات، وخاصة مع كثرة الحفلات التي تنظم بشكل عشوائي، فالإجراء بسيط ولا يستغرق وقتاً، وفي النهاية هو لمصلحة الجميع.
في المقابل، يرى عبدو ناصر أحد منظمي المناسبات الخاصة خلال حديثه لصحيفة “الثورة”، أن القرار قد يسبب بعض الصعوبات في حالات المناسبات الطارئة، مشيراً إلى أنه أحياناً تقام مناسبات عائلية بسيطة بشكل مفاجئ، مثل حفلات الخطوبة أو النجاح، ولا يمكن إشعار الشرطة قبل يومين، آملاً أن يكون هناك نوع من المرونة في التطبيق بالنسبة للمناسبات الصغيرة.
أما نوف اصطيفي، وهي ربة منزل من حي بني زيد، فبينت أنها تؤيد التعميم، ما دام الغرض منه الأمن والسلامة، مضيفة: شهدنا في السابق بعض الحفلات التي تسببت بإزعاج للسكان، فلو كانت منظمة ومصرّحاً عنها لما حدثت هذه الفوضى.
موقف النقابة
من جهته، أوضح رئيس نقابة الفنانين بحلب صلاح خالدي أنه، منذ تسلّم مجلس الفرع الجديد مهامه بداية آب الماضي، وتبلغه ضرورة تفعيل عمل المكاتب الفرعية بمختلف اختصاصاتها عموماً، ومكتب الأعراس على وجه الخصوص، كونه الداعم الأكبر لصندوق تقاعد الفنانين، وبدعم وتنسيق من مديرية الشؤون السياسية والمحافظة، تم عقد الاجتماع الأول، وقدمنا مذكرة، تتضمن اقتراحات عدة لتطوير آلية العمل التي تخص مكتب الأعراس للحفلات الاجتماعية والخاصة ومكتبي العقود والموسيقا للبرامج الفنية في المطاعم والأندية والفنادق، وبناء عليه صدر التعميم الخاص بالإجراءات الواجب اتباعها عند إقامة احتفالات الأفراح في المنازل والصالات والأماكن العامة.
وأوضح خالدي أن طريقة العمل بسيطة، حيث يراجع صاحب المناسبة مكتب الأعراس في مقر النقابة، الذي يعمل طيلة أيام الأسبوع من الساعة الحادية عشرة ظهراً وحتى الساعة الرابعة مساء، يبين في طلبه أسماء المشاركين في المناسبة، ويقوم بتسديد الرسوم لقاء عمل الفنانين مع الإشارة إلى أن هذه الرسوم تقع على عاتق ممارس المهنة الفنية، وهذا الأمر موضح بالإيصال وعلى طلب الاستدعاء الخاص بأقسام الشرطة بشكل واضح وصريح.
ويؤكد أن مثل هذا الإجراء لا يستوجب التأخير لأي مواطن عندما يكون الفنان مسجلاً في جدولي الأعضاء أو المتمرنين، عدا ممارسي المهن الفنية من غير النقابيين، فيستوجب عليهم الحصول على إذن بالعمل قبل أي إجراء فيما يخص تسديد رسومه لقاء أي مناسبة، وذلك وفق الإجراءات المتبعة لمثل هذه الحالات والمبينة لكافة الفنانين، بناء على القانون رقم /40/ لعام 2019،ونظامه الداخلي لعام 2021.
وشدد خالدي على أن نقابة الفنانين تنظيم مهني، مهمتها تنظيم العمل وفقاً للقانون، والتعاون مع الجهات المسؤولة، من خلال إعلامها لضمان أمن الحفل والمحتفلين مخافة حدوث أي إشكال طارئ.
ويرى مراقبون أن هذا التعميم قد يسهم في تعزيز الشعور بالأمان لدى المواطنين، وخصوصاً في ظل التغيرات الاجتماعية التي تشهدها المدينة، وعودة الحياة إلى طبيعتها بعد سنوات من الظروف الصعبة التي عاشتها حلب.
وبين مؤيد يراه خطوة ضرورية لحفظ الأمن والنظام، ومعارض يخشى أن يتحول إلى عبء إداري، يبقى تعميم محافظة حلب الجديد إجراء تنظيمياً مهماً في سياق ضبط الحياة العامة والفنية في المدينة.
ومع تطور التجربة وتفاعل المواطنين معها، يتوقع أن تتبلور آليات تنفيذ أكثر مرونة وتعاوناً بين الجهات الرسمية والمواطنين والنقابة، بما يحقق الهدف الأساس للتعميم: تنظيم الحياة الاجتماعية والفنية في حلب ضمن بيئة آمنة ومنضبطة، تحترم القانون وتحافظ على خصوصية المجتمع.