الثورة – مريم إبراهيم:
البيانات الإحصائية أساس تطور أي قطاع اقتصادي أو اجتماعي، وهي أداة مهمة في التحليل الاقتصادي، ومن دون الرقم الإحصائي لا قيمة لأي تحليل اقتصادي ولشدة أهميته شهد تطورات في مناهج الجامعات العالمية وأحدثت النماذج الرياضية الجديدة، فالإحصاء يوصل للرقم الحقيقي والاقتصاديون يحللون الرقم ووضع الخطط وصياغة قرارات تخدم الاقتصاد الوطني بشكل عام وتؤكد أن تحليل البيانات ليس مجرد تخصص تقني بل لغة تحول الرقم إلى إنجاز.
واقع مفروض
وتحليل البيانات بات حاجة ماسة تفرضها وتتطلبها قطاعات العمل المختلفة خدمية وإنتاجية وعامة وخاصة ومشتركة وغير ذلك في الاقتصاد والتعليم والصحة والمجتمع ومختلف المجالات الأخرى، وتتأكد الحاجة أكثر لهذا الموضوع خاصة في مجالات سوق العمل ومواضيع تتعلق بالتدريب والتأهيل والتمكين الذي يعد خطوة أساسية لابد منها للدخول في سوق العمل باختصاصاته المختلفة وتشعباته.
مدير مركز التمكين والريادة الطلابي الدكتور أحمد خضر بين في لقاء لصحيفة الثورة الأهمية الكبيرة التي تعلق على موضوع تحليل البيانات ومحللي البيانات وذلك مع تسارع التطورات التي يشهدها والحاجة للأرقام الإحصائية التي تساعد في تشخيص المشاكل ووضع الحلول والخطط في مجالات التنمية، وهذا الأمر مهم في اختصاص عمل المركز الذي يشارك في مختلف الفعاليات والمؤتمرات استجابةً للحاجة المتزايدة في سوق العمل لمحللي البيانات في جميع القطاعات، سواء أكانت خاصة أم عامة أم مشتركة، بالإضافة إلى المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية.
ولفت الدكتور خضر إلى أن الاستطلاعات والاستبيانات التي أجراها المركز مؤخراً أظهرت وجود طلب كبير من الطلاب على تدريبات متخصصة في تحليل البيانات بمختلف مجالاتها، ومن هذا المنطلق، تأتي ضرورة تبادل الآراء والخبرات بين مجموعة من الشركاء من الجمعيات والمؤسسات، ما يسهم في بناء استراتيجية شاملة تستهدف الطلاب، وخاصة حديثي التخرج، ليكونوا دعامة قوية لهذه المؤسسات في المستقبل، لافتاً إلى أن المركز يركز بشكل أساسي على تأهيل الطلاب، وزجهم في أي ما يضيف إليهم إمكانية تطوير مهاراتهم وتعزيز فرصهم في سوق العمل، كما أن مركز التمكين والريادة الطلابي يقوم بتدريب مئات الشباب سنوياً، وقد نفذ خلال الأشهر الماضية 40 دورة تدريبية استفاد منها حوالي 1100 طالب. ويعمل على تعزيز الشراكات مع مؤسسات مختلفة لتمكين الشباب في مجالات تحليل البيانات.
مسرعة مهنية
الخبير الإحصائي عماد الدين المصري أوضح أنه لا يختلف اثنان على أهمية البيانات والإحصاء ومحوريته ودوره، ولكن رغم أهميته يعاني من التهميش والتعتيم، واليوم هناك أفق مفتوح وطموح للنهوض بهذا الواقع بمشاركة قائم على العلم والمعرفة والدليل المقرون بالرقم الدقيق والمجموع المحلل بطريقة صحيحة، لكن لدينا فجوة واضحة بين المهام المطلوبة في علم البيانات وبين احتياجات سوق العمل، وماذا يتعلم الطالب في الجامعة وماذا يحتاج في سوق العمل، فالتحديات كبيرة ولا يكفي أن نقوم بتوظيفها، بل يجب تطوير الخطوات والتدخلات لتجاوزها، والتدخل المقترح عبارة عن مسارات تدريبية لبناء القدرات بمجموع ساعات عدده 600 ساعة تدريبية تحت عنوان المسرعة المهنية لمختصي البيانات، وهي الأولى من نوعها ليس فقط في سوريا ولكن يبحث بسيط هي الأولى من نوعها في العالم.
وبين المصري أن المسرعة المهنية لعلوم البيانات ومختصيها يدخل فيها الشخص إنساناً عادياً ويخرج محلل بيانات بإحدى ستة اختصاصات تستطيع أن تمكنه من هذه المسرعة، وهذا التدخل بعد إجراء وتحديد الاحتياجات تم التوصل إليه ليطرح في ملتقى محللي البيانات الذي اختتم مؤخراً في دمشق، والهدف خلال المرحلة الأولى تخريج 4500 متدرب بستة اختصاصات في تسع محافظات في ستة مسارات، كما أن الشراكات مع الجهات المعنية هي سر هذا العمل، مؤكداً استمرارية تسليط الضوء على البيانات وردم الفجوة حتى المشاعرية التي يعاني منها طلاب الإحصاء من تهميش وفهم خاطئ للاختصاص وفقر في فرص العمل ليس لأنها غير موجودة لكن لأن طالب الإحصاء لا يعرف اسمها ولا يعرف كيف يعملها، فنجده فقيراً في الوصول للعمل لأنه لا يعرف اسم العمل الذي يخصه ومن المهم محاولة رفع الوعي ونشر ثقافة تسليط الضوء وإعادة الألق للرقم الإحصائي والعام الماضي كان هناك 750 مستفيداً وهذا العام وصلنا حتى 7500 مستفيد.
منصة أداء
معاون مدير هيئة التخطيط والإحصاء رفعت حجازي بين أن الهيئة هي المنتج الرئيسي للبيانات في سوريا، وهناك المشاريع الطموحة والخطط الاستراتيجية التي تسعى الهيئة لتنفيذها، حيث تعمل على إجراء إصلاح شامل للمنظومة الإحصائية، من خلال تحديث منهجيات العمل وإصلاح النظم الإحصائية في الوزارات، كما أن الهيئة وضعت استراتيجية جديدة تهدف إلى تحليل منظومة البيانات والإحصاء في الوزارات، لتحديد الفجوة بين ما يمكن إنتاجه وما هو متاح فعلياً من بيانات وإحصاءات.
مضيفاً: قارب العمل على الانتهاء بشأن إحداث منصة الأداء التنموي، وهي منصة إلكترونية ستتيح نشر كافة البيانات، والحقوق وستكون متاحة لكافة مستخدمي البيانات وللجهات الحكومية والخاصة، بما في ذلك المستثمرين ومراكز الدراسات والجامعات وطلابها، لتلبية احتياجاتهم البحثية المتنوعة والمختلفة. ولفت حجازي إلى أهمية إنشاء نظام وطني للرصد والتقييم، الذي سيوفر كمية أكبر من البيانات المتعلقة بتدخلات التنمية، والهيئة ستقوم بتدريب كوادر الإحصاء والتخطيط في الوزارات والمحافظات، ما سيمكنهم من الاطلاع على استراتيجيات وسياسات وبرامج التنمية، ومتابعة نسب الإنفاق والإنجاز المتعلقة بهذا الأمر لتحقيق أفضل النتائج.