قطع غيار السيارات المستعملة ” مصيبة ” جديدة تستنزف الناس و القطع الأجنبي

معد عيسى:

قد يختلف البعض حول الرقم المتداول لقيمة السيارات المستوردة والذي يتراوح حسب التقديرات ما بين 4 – 5 مليارات دولار إلا أن الجميع يتفق على أن قيمة قطع الغيار التي تحتاجها السيارت المستوردة المستعملة تزيد على قيمة هذه السيارات، وقد يتجاوز الرقم 6 مليارات دولار، وذلك لأن السيارات المستوردة يعود قسم كبير منها لأجيال قديمة يزيد على عشر سنوات وأن الكثير منها تعرض لظروف جوية وكوارث طبيعية كالغرق والتعرض لدرجات حرارة عالية.

الأسعار انخفضت ولكن الأجور مرتفعة

خلال جولتي إلى منطقة السبينة الصناعية بدمشق والتي تعتبر أكبر تجمع لصيانة السيارات التقيت عدداً من أصحاب محلات قطع الغيار، وكان هناك حديث طويل مع “أبو أحمد” صاحب مستودع كبير لقطع السيارات حول نشاط السوق والطلب الكبير على القطع حيث قال: يبدو أن الطبيعة دائماً تجعل طرفاً يعمل ويحلق على مصيبة طرف آخر، فالطبيب يشتغل عندما يزداد عدد المرضى، وهذا حالنا بظل توريد عدد كبير من السيارات وللأسف نقولها المقصوصة أو المتعرضة للغمر أو الحرارة أو المتهالكة والمجددة نوعاً ما بسبب عمرها أو المصممة لدول تختلف ظروفها الجوية عن ظروفنا، لكل ما ذكرت من أسباب فإن الطلب على قطع الغيار تضاعف عدة مرات.

أثناء الحديث مع “أبو احمد” دخل عدد كبير من الزبائن، و كان لافتاً سؤال البعض عن قطع غيار لموديلات حديثة، ولكن كان الجواب أن هناك بعض الموديلات ليس لها قطع غيار حالياً لأنها لم تستورد من قبل شركات محلية، وبالتالي لا يوجد لها قطع غيار بانتظار وصول ” قصات ” لهذه الموديلات، أو الطلب من شركات في الدول المستوردة ولاسيما في دبي.

وحول أسعار قطع الغيار، وعدم انخفاض الصيانات بالشكل الموازي للأسواق أوضح “أبو أحمد” أن أسعار قطع الغيار انخفضت بشكل كبير بسبب تبسيط الإجراءات ورفع العقوبات ورفع القيود المالية على الدولار، ولكن أجور ” الميكانيكية” هي المرتفعة وليس قطع الغيار.

السيارات المستعملة عبء على الصيانة

ما سمعته في سوق السيارات وقطع الغيار يخص كل تاجر لقطع السيارات وكل مَن يملك سيارة، ولكن أثر ذلك ينعكس على المشهد الاقتصادي للبلد بشكل كامل بظل الأرقام الكبيرة المتداولة لحجم سوق السيارات وقطع الغيار، ويرى المستشار الاقتصادي عامر ديب أن تأثير سوق السيارات على الاقتصاد كبير.

وقال ديب في تصريح ل ” الثورة “: عند الحديث عن تأثير استيراد السيارات على الاقتصاد المحلي يجب أولاً تصنيف هذا الاستيراد إلى فئات واضحة، لأن كل فئة تترك أثراً مختلفاً على السوق وعلى البنية التحتية وحتى على السلامة العامة، وهنا يجب التمييز بين السيارات الجديدة والسيارات المستعملة (الوارد الأوروبي والكوري تحديداً) والشاحنات الخفيفة (البيك أب الصغير والمتوسط والكبير حتى 3.5 طن).

ويتابع ديب: فالسيارات المستعملة – عبء الصيانة الخفية إذ تشير التقديرات إلى أن ما يقارب 60% من السيارات المستعملة الواردة من أوروبا أو كوريا هي مجددة تجارياً، أي إنها ليست بحالة فنية جيدة رغم مظهرها الخارجي، هذه السيارات تُباع بعد عمليات تجميل محدودة، لكن أعطالها الجوهرية تظهر خلال الأشهر الأولى من الاستخدام، مما يرفع الطلب على قطع الغيار بنسبة كبيرة، ويؤدي إلى أولاً: ارتفاع كلفة الصيانة بشكل متكرر، ثانياً: زيادة الطلب على القطع المقلدة والرخيصة، و ثالثا: توسع السوق السوداء لقطع الغيار غير النظامية، و في المحصلة هذا كله يشكل نزيفاً مالياً مستمراً للاقتصاد، لأن معظم هذه القطع تُستورد بالعملة الصعبة، ما يعني أن ما يُوفّر عند شراء سيارة رخيصة يُستنزف لاحقاً في صيانتها.

غياب خدمات ما بعد البيع

أما بالنسبة للسيارات الجديدة يقول المستشار ديب: العديد من السيارات الجديدة المستوردة، وخصوصاً الكورية المجمّعة في الصين تُطرح في السوق دون وجود وكيل رسمي يوفر قطع الغيار وخدمات الصيانة وهو ما يخلق فجوة خطيرة في السوق، لأن المالك يضطر لاستخدام قطع غير أصلية أو معدّلة، ما يؤثر على الأداء والسلامة معاً.. هذه الفئة من السيارات تزيد الضغط على قطاع الصيانة المحلي، وتخلق طلباً عشوائياً على القطع، وهو ما يُضعف قدرة الحكومة على ضبط الجودة أو تتبع مصدر المكونات.

البيك أب المجددة أكثر استهلاكا لقطع الغيار

وفيما يخص شاحنات النقل الصغيرة والمتوسطة (حتى 3.5 طن) المستعملة والمجددة فأكد المستشار ديب أنها تُعد من أكثر المركبات استهلاكاً لقطع الغيار بسبب طبيعة الاستخدام القاسي ونوعية الطرق، وهذه الفئة تؤثر مباشرة على الدورة الإنتاجية لأنها تستخدم في نقل المواد والبضائع داخل المدن وبين المحافظات، ومع تراجع جودة الطرق، تتضاعف الأعطال في أنظمة التعليق والدوزان والمكابح.

وتطرق ديب الى أثر تراجع البنية التحتية للطرق وزيادة الحفر والمطبات، إضافة إلى انتشار الزيوت غير المطابقة للمواصفات على تضاعف الأعطال الميكانيكية وتقصر عمر المحركات.

الواجب الحكومي

ورداً على سؤال حول حل هذه المشكلة والتقليل من تأثيرها على الاقتصاد قال ديب: الحل بالتأكيد ليس بمنع استيراد السيارات المستعملة وإنما بالضبط والتنظيم الذكي للاستيراد إذ يجب على الحكومة أن تتدخل في 3 مسارات رئيسية:

1. وضع شروط فنية لاستيراد السيارات المستعملة (منشأ، عمر، حالة فنية مثبتة بشهادات دولية).

2. تنظيم سوق قطع الغيار عبر ترخيص الموردين المعتمدين وتشجيع الوكلاء الرسميين.

3. فرض مطابقة مواصفات إلزامية لكل قطع الأمان (الفرامل، الإطارات، المقود، الأنظمة الكهربائية).

كما يمكن للحكومة تشجيع التصنيع المحلي للقطع الاستهلاكية البسيطة لتقليل الضغط على الدولار، وتقديم حوافز للورش النظامية التي تلتزم بمعايير السلامة والفحص الفني.

وختم ديب كلامه بالإشارة الى أن استيراد السيارات المستعملة دون ضوابط فنية صارمة يخلق عبئاً خفياً على الاقتصاد الوطني من خلال تضخم الطلب على القطع والصيانة، ويؤدي في النهاية إلى رفع كلفة النقل والتأمين وانخفاض مستوى الأمان على الطرق ، المطلوب ليس فقط مراقبة الأسعار، بل بناء منظومة جودة تبدأ من بوابة الاستيراد وتنتهي عند إصلاح السيارة في الورشة.

المشكلة في سوق السيارات تسبب بها غياب الضوابط الحكومية واستثمار تجار الأزمات ويكمل المشهد ورش الصيانة التي تفتقد للضبط والمراقبة والمنطق في تقاضي أجور صيانة مرتفعة دون حسيب أو رقيب.

آخر الأخبار
إدارة منطقة "الباب" تواصل لقاءاتها .. وتؤكد حرصها على تحسين الخدمات  عودة الحياة إلى مدرسة الطيبة الرابعة في درعا  نقيب معلمي سوريا يزور ثانوية مزيريب بعد حادثة الاعتداء   القبض على خلية إرهابية بعملية محكمة في اللاذقية  الشرع يبحث مع وزير الدفاع وقادة الفرق المستجدات على الساحة الوطنية  تحذيرات من "خطر "تناقص المياه  "نبض سامز": تدريب مكثف لرفع كفاءة الأطباء في إنقاذ الأرواح  النيرب معقل الوردة الشامية في حلب.. تعاون زراعي لتطوير الإنتاج  محافظة حلب تخصص رقماً هاتفياً لتلقّي الشكاوى على المتسوّلين   الاستجابة الطارئة لمهجري السويداء تصل إلى 84 ألف مهجر في مراكز إيواء درعا   صدور النتائج الأولية لانتخابات مجلس الشعب عن دائرتي رأس العين وتل أبيض  عودة 400 لاجئ من لبنان ضمن العودة الطوعية من الغياب الى الاستعادة.. إدلب تسترجع أراضيها لتبني مستقبلاً من النماء  "التربية": كرامة المعلم خط أحمر والحادثة في درعا لن تمر دون عقاب البيانات الدقيقة.. مسارات جديدة في سوق العمل خطّة التربية والتعليم".. نحو تعليم نوعي ومستدام يواكب التطلعات سرقات السيارات في دمشق... بين تهاون الحماية وانتعاش السوق السوداء فرنسا تصدر مذكرة توقيف ثالثة بحق المخلوع "بشار الأسد" إعادة تأهيل معبر الرمثا..رافعة للتنمية والاستقرار في الجنوب افتتاح مسجد "أبو بكر الصديق" بعد إعادة تأهيله في بلدة التح