الثورة -فؤاد الوادي:
أعلنت قطر أمس الأول تعيين خليفة عبدالله سعد آل محمود الشريف سفيراً فوق العادة مفوضاً لدى سوريا، وهو أول سفير قطري لدى سوريا منذ 14 عاماً، ويأتي إعلان السفير القطري كامتداد للمساعي والجهود المتواصلة التي تقوم بها الكثير من الدول العربية والأجنبية لإعادة تعزيز توطيد علاقاتها مع الدول السورية الجديدة التي تحاول النهوض من تحت ركام الماضي الثقيل الذي خلفه النظام المخلوع عبر عقود.
ولصفة السفير ” فوق العادة”، دلالات سياسية واعتبارية ورمزية، تتجاوز الأبعاد الدبلوماسية، لتصل إلى ما بعد حدود العلاقات الاستراتيجية والوثيقة بين البلدين “البلد المرسل والبلد المرسل إليه السفير”، كما أنها تحمل في أحد جوانبها حجم الثقة المتبادلة والمسؤوليات الكبيرة الملقاة على السفير فوق العادة، كما في الحالة السورية – القطرية، حيث العلاقة برمزيتها الثورية باتت أكبر من كل الانطباعات الدبلوماسية والسياسية، لاسيما وأن دولة قطر أعلنت عن دعمها الكبير للدولة السورية الجديدة في كل المجالات والأصعدة، ولعل المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا تفرض جهوداً ودعماً استثنائياً وصلاحيات واسعة “وفوق العادة” من سفراء الدول لدى سوريا.
و”سفير فوق العادة “، هو مرتبة دبلوماسية هي الأعلى في مراتب السفراء؛ تـُمنح عادة لشخص مكلف بمهام خاصة لبلده لدى بلدان أخرى أو منظمات دولية، وتعطيه إمكانيات استثنائية وتمنحه صلاحيات كبيرة لأداء مهمته، كما تكون اجتماعاته فوق العادة، أي خارج نطاق الاجتماعات الدورية العادية.
وأطلق مصطلح “سفير فوق العادة” تاريخياً على الأشخاص الذين كانوا يمثلون بلدانهم في الخارج، ففي مؤتمر فيينا عام 1815 اعتمد نظام المراتب الدبلوماسية بمقتضى القانون الدولي، ومن ضمنها التمييز بين السفير Ambassador، و”السفير فوق العادة والمفوض” Ambassador Extraordinary and Plenipotentiary .
ويعتبر السفير دبلوماسياً من مرتبة عالية، وتتحدد مهامه في التمثيل الرسمي لبلده وقيادتها، ويتمتع عادة بصلاحيات “المندوبين المفوضين”، ويتصف معظم السفراء بصفة “رؤساء بعثة”، ويتوفرون على صلاحيات “السفير فوق العادة والمفوض”. ويتحدد الفرق الوحيد بين “السفير فوق العادة” و”السفير العادي” في كون الأخير يؤدي غرضاً محدداً، بينما الأول يتمتع بـ”صلاحيات موسعة”، وهو مصطلح قانوني يعني الترخيص له بإبرام اتفاقيات باسم الدولة أو الهيئة التي يمثلها. وتعين دول بعض موظفيها بمرتبة “سفير مفوض فوق العادة”، وتكلفهم بمهام خارجية محددة دون إقامات طويلة في الخارج، ويعملون مستشارين لحكوماتهم. ودأبت حكومات في الماضي على تعيين دبلوماسيين بمراتب وأسماء أخرى على غرار “وزير مفوض”، وتمنحهم بموجب ذلك صلاحيات “سفير فوق العادة” لتمثيل البلاد لدى حكومات أجنبية، لكن هذا التقليد الدبلوماسي أصبح محدوداً.
وعلى غرار “السفير العادي” يتوجب أن يتصف “السفير فوق العادة” بدرجة عالية من الثقافة والتجربة السياسية والحكمة في التعامل، إضافة إلى إتقان لغات أجنبية، كما يتمتع “السفير فوق العادة” بنفس الامتيازات القانونية للسفير العادي في ما يخص الإقامة بعاصمة الدولة الموفد إليها، وسماح حكومة البلد المُضيف له بالسيادة على قطعة أرضية محددة وبناء مقر للسفارة فوقها، إضافة إلى تمتعه – رفقة الموظفين الذين يشرف عليهم ومبنى السفارة وبريدها والسيارات الخاصة بها – بالحصانة الدبلوماسية.