الثورة – هنادة سمير:
وقعت الشركة السورية للاتصالات وشركة ميدوسا الإسبانية اليوم اتفاقية لإنزال أول كابل بحري دولي يربط سوريا بالعالم، وذلك بحضور وزير الاتصالات والتقانة عبد السلام هيكل.
و تفقد الوزير موقع الإنزال في شاطئ الأحلام في طرطوس، وأكد أن المشروع يأتي ضمن خطة الوزارة لتعزيز الربط الدولي، وتأمين اتصالات مستقرة وسريعة، موضحا أن الكابل البحري الجديد سيشكل منفذاً استراتيجياً مباشراً لسوريا إلى شبكة الإنترنت العالمية، وأنه يمثل خطوة في إطار برنامج التحول الرقمي الوطني الذي تنفذه الحكومة لتطوير الخدمات الإلكترونية وتحسين جودة الاتصالات.

مزايا استراتيجية
وأشار هيكل إلى أن مشروع ميدوسا يتكامل مع مشروع silk link الذي دخل مراحله الأخيرة، وسيتم إنجازه قبل نهاية شهر تشرين الثاني المقبل، مبيناً أن المشروع يعمل على توريد إنترنت أفضل بأفضل سعة وسرعة اتصال إلى سوريا ليصل إلى كل السوريين، سواء إلى الشركات الثابتة أو الخلوية، إضافة إلى أن المشروع يتيح تمرير حركة الإنترنت عبر سوريا والربط بين أوروبا وآسيا، ويحقق مزايا استراتيجية كبيرة لعالم الإنترنت في سوريا، من خلال توفير حوالي 30 إلى 35 مل في الثانية في زمن الاستجابة
سعات اتصال عالية
وبين هيكل أن مشروع Silk Link يشكل جزءاً من رؤية الوزارة لبناء منظومة متكاملة لتزويد المشغلين السوريين بسعات اتصال عالية، وتفعيل الموقع الجغرافي لسوريا كمركز عبور رقمي عالمي يرتبط بمراكز البيانات العالمية، موضحاً أن الكابل سيصل إلى مدينة طرطوس، ويُوزّع إلى مختلف المحافظات السورية، ضمن خطة شاملة لإعادة بناء البنية التحتية لشبكة الإنترنت، تشمل تنفيذ شبكة داخلية في المدن الكبرى بما يسمى (المترو) تهدف الى إيصال الكابل الضوئي إلى كل منزل.
ولفت هيكل إلى أن الوزارة تعمل على تحسين جودة الإنترنت، بالإضافة إلى المشروعات الكبرى، مؤكداً أن المواطن سيشعر قريباً بالتحسن والفرق الجذري بسرعة الإنترنت.
و أشار الرئيس التنفيذي لشركة ميدوسا، نورمان ألبي من جانبه إلى أن مشروع كابل ميدوسا البحري للاتصال، يهدف إلى توفير اتصال إنترنت عالي السرعة لجميع الدول المرتبطة بشبكة ميدوسا، لافتاً إلى أنه بتوسيع نظام الشركة لربط جنوب أوروبا بشمال إفريقيا، ومع إضافة مدينة طرطوس، ستصبح سوريا متصلة الآن بكابل إنترنت دولي عالي السرعة.
تفاصيل المشروع
شركة ميدوسا الإسبانية، وهي الجهة المنفذة للمشروع، تعد من أبرز الشركات الأوروبية المتخصصة في مدّ الكابلات البحرية في البحر الأبيض المتوسط، وتعمل على إنشاء منظومة تمتد من إسبانيا إلى قبرص مروراً بعدة دول في جنوب أوروبا وشمال إفريقيا.
ووفق بيانات الشركة، فإن الشبكة البحرية لميدوسا ستربط 12 دولة على ضفتي المتوسط، وتُعتبر جزءاً من خطة لتقوية الاتصال بين أوروبا والمشرق العربي.
ويعد المشروع الأول من نوعه في سوريا منذ اندلاع الحرب عام 2011، ويُنتظر أن يسهم في رفع جودة الإنترنت وتقليل الأعطال الناتجة عن الاعتماد على المسارات البرية القديمة، التي كانت تمر عبر دول مجاورة.
الأهمية التقنية والاستراتيجية
يُشكل الكابل البحري العمود الفقري للاتصالات الحديثة، إذ تمر عبر الكابلات البحرية أكثر من 95% من البيانات العالمية.
ويرى خبراء في قطاع الاتصالات أن إدخال سوريا ضمن منظومة ميدوسا سيمنحها اتصالاً أكثر استقراراً وأماناً، ويقلل من تكاليف المرور عبر مزودين خارجيين، ما يعزز استقلالية البنية التحتية للاتصالات الوطنية.
الخبير في نظم الاتصالات المهندس سعيد محمد أحمد أوضح”للثورة” أن الخطوة تفتح المجال أمام تحديث المنظومات التقنية في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، وتمهد لإطلاق خدمات رقمية أكثر تطوراً في مجالات التعليم والتجارة الإلكترونية.
وكانت سوريا قبل عام 2011 تعتمد على كابلات بحرية وبرية تمرّ عبر لبنان والأردن وتركيا، إلا أن الحرب والعقوبات الدولية أدت إلى تراجع كبير في جودة الإنترنت وتضرر بعض المسارات.
ورغم محاولات متكررة لترميم الشبكة الوطنية، بقيت البلاد تعتمد على ربط محدود بقدرات نقل بيانات منخفضة نسبياً مقارنة بدول الجوار.
و يعد هذا المشروع أول تعاون معلن بين دمشق وشركة أوروبية كبرى في مجال الاتصالات البحرية منذ أكثر من 15 عاماً، ما يعكس بوادر انفتاح تدريجي في مجال التعاون التقني الدولي.