الثورة – علا محمد:
انطلقت، اليوم، في المستشفى الوطني الجامعي بدمشق فعاليات “المؤتمر الطبي الأوروبي العربي الأول 2025″، الذي تقيمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتعاون مع اتحاد الأطباء والصيادلة السوريين في فرنسا، واتحاد الأطباء والصيادلة العرب في النمسا، والجمعية الطبية الأوروبية العربية.
وشهد حفل الافتتاح حضوراً رسمياً تمثّل في معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية العربية السورية علي كده، ووزيرا التعليم العالي والبحث العلمي مروان الحلبي، والأوقاف محمد أبو الخير شكري، إلى جانب عدد كبير من الأطباء والباحثين من داخل سوريا وخارجها.
وفي كلمته الافتتاحية، أوضح الوزير مروان الحلبي أن المؤتمر يجسد التلاقي بين العلم والإيمان والعقل والرحمة، مشدداً على أن سوريا التي ننشدها هي سوريا العلم والعمل والإنسان.
وأشار إلى أن القطاع الطبي الجامعي يحظى بمكانة استراتيجية ضمن خطط الوزارة، انطلاقاً من الإيمان بأن الصحة أساس التنمية، والطبيب مهندس الحياة، مؤكداً أن التعاون العربي والأوروبي في المجال الطبي يفتح آفاقاً واسعة لتبادل الخبرات وتطوير المناهج وبناء شراكات بحثية من شأنها الارتقاء بالطب الجامعي في سوريا والمنطقة.
بدوره، تحدث وزير الأوقاف محمد أبو الخير شكري عن أن المؤتمر يمثل وفاء الأطباء السوريين لبلدهم، معتبراً هذا الوفاء أسمى صور العطاء الإنساني، مبيناً أن الوزارة تؤكد أن العلم بكل فروعه عبادة، فكل معرفة تسهم في خدمة الإنسان تعد شكلاً من أشكال التقوى والعمل الصالح.

من الداخل إلى المهجر
وفي تصريح لصحيفة “الثورة”، بيّن رئيس المؤتمر ورئيس اتحاد الأطباء والصيادلة السوريين في فرنسا الأستاذ الدكتور عبد المنعم حميد أن المؤتمر جاء ثمرة تنسيق واسع بين الأطباء السوريين والصيادلة في أوروبا ونظرائهم في الداخل، تحت رعاية وزارة التعليم العالي، بهدف نقل أحدث الابتكارات والمستجدات الطبية وتبادل الخبرات لتحسين الواقع الصحي في سوريا.
وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام لاتحاد الأطباء والصيادلة السوريين في فرنسا الدكتور عبيدة المفتي أن المؤتمر يمثل اللبنة الأولى لتعاون فعلي بين أطباء المهجر وزملائهم في الداخل، مشيراً إلى أن تبادل الخبرات بين الجانبين سيكون ركيزة لتطوير المهارات وتعزيز القدرات الطبية الشابة.
كما أوضح أن المشاركين، الذين تجاوز عددهم ثلاثة آلاف طبيب من داخل سوريا وخارجها، سيتوزعون على ست جلسات علمية متزامنة خلال ثلاثة أيام، تتناول مختلف الاختصاصات، إضافة إلى ورش عمل تطبيقية في خمس محافظات هي دمشق، حمص، اللاذقية، ودير الزور، تهدف إلى تدريب طلاب الطب وطلاب الدراسات العليا عملياً على أحدث التقنيات الطبية.
ولفت إلى أن الأجهزة والمعدات المستخدمة في هذه الورش ستُقدّم لاحقاً كهدايا إلى المستشفيات السورية، دعماً لتطوير القطاع الصحي.
من جانبه، أشار رئيس اتحاد الأطباء والصيادلة في النمسا ورئيس الجمعية الطبية العربية الأوروبية الدكتور تمام كيلاني إلى أن هذا الحدث يعد أول مؤتمر طبي يُعقد في دمشق بعد التحرير، ويجمع ما يزيد على 1200 طبيب و250 محاضراً من مختلف الدول.
وبيّن أن المؤتمر يتضمن جلسات علمية في معظم الاختصاصات، منها طب العيون، ويمنح في ختامه جائزة خاصة لأفضل محاضرة يقدمها طبيب مقيم جديد، تقديراً للجهود البحثية والمهنية للشباب.
أما عن اختيار المستشفى الوطني الجامعي مكاناً لاستضافة المؤتمر، أوضح المدير العام للمستشفى الأستاذ الدكتور عبد الغني الشلبي في حديثه لـ “الثورة” أن اختياره جاء تقديراً لدوره كصرح علمي وطني ورمز للبحث والابتكار، مشيراً إلى أن هذا اللقاء يمثل أول تفاعل مباشر بين كلية الطب ووزارة التعليم العالي من جهة، واتحاد الأطباء العرب في الخارج من جهة أخرى، بما يعزز الاندماج المعرفي وتبادل الخبرات بعد سنوات صعبة من التحديات التي حدّت من التطور الأكاديمي والطبي في البلاد.

“تكريم الأطباء الشهداء”… ذاكرة مضيئة
وعلى هامش المؤتمر، افتُتح معرض “تكريم الشهداء الأطباء خلال الثورة السورية” تخليداً لذكرى من ضحوا بأنفسهم في سبيل إنقاذ الأرواح.
وأكد مدير عام شركة “المتحدة” للمعارض والمؤتمرات الدولية أيمن الشماع أن تنظيم هذا المؤتمر يعد الأكبر من نوعه في سوريا منذ أكثر من 25 عاماً، لافتاً إلى أن الشركة بدأت التحضير له قبل ثلاثة أشهر بالتنسيق مع شركات التجهيزات الطبية والصناعات الدوائية المحلية.
كما أشار إلى أن المؤتمر حظي بإقبال لافت من المشاركين، حيث تجاوز عدد الحضور 1200 طبيب، بينهم أكثر من 300 طبيب قدموا من أوروبا للمشاركة تطوعاً كمحاضرين ورؤساء جلسات.
وبيّن أن المعرض المرافق يضم 25 شركة طبية تمثل أكثر من 25 وكالة من دول أوروبية مختلفة، وتعرض أحدث المعدات والأجهزة الطبية التي ستسهم في دعم عملية إعادة إعمار القطاع الصحي في سوريا.

من جانبه، أوضح رئيس اللجنة اللوجستية للمؤتمر ورئيس لجنة الصيادلة ساري أبو حسان أن تنظيم المعرض يأتي بدافع الوفاء والفخر والاعتزاز بزملاء المهنة الذين قدموا أرواحهم في سبيل الواجب الإنساني، مبيناً أن المؤتمر يضم 12 شركة طبية مشاركة، إلى جانب أكثر من 20 جمعية ومؤسسة غير ربحية من مختلف أنحاء العالم.
تستمر فعاليات المؤتمر حتى السادس والعشرين من تشرين الأول الجاري، ما يجعل من هذا الحدث الطبي محطة انطلاق لتعاون علمي عربي أوروبي متجدد، يرسّخ دور سوريا مركزاً طبياً وبحثياً فاعلاً في المنطقة.