قراءة هادئة في ردِّ المقاومة..

 لم ينتهِ النقاش.. ولم تنتهِ التداعيات والتفاصيل الملحقة بردّ المقاومة الذي جاء محكماً ومتقناً، وأصاب هدفه السياسي كما العسكري وأسس لشقه الاستراتيجي، وسيبقى صالحاً لوقت طويل للعديد من المقاربات، وربما أصبح النقطة المفصلية في قواعد الاشتباك التي لا تشبه ما سبقها، حيث ترسم لمعادلات جديدة ناتجها القريب والمباشر لجم العربدة الإسرائيلية، بينما تتكفل الأشهر القادمة بنتائجها البعيدة أو الأبعد قليلاً..!!

لكن هذا لا يحول دون الحاجة الفعلية لقراءة هادئة في الحيثيات والمعادلات التي نشأت، من دون أن ننكر أن هناك تراكمات تتجمع، لتضيف إلى صعوبة القراءة استحالة الاجتهاد أو التأويل على وقع المتغيّرات اللحظية والمتفاعلة مع الوقت، والتي أحدثتها في قواعد الاشتباك السياسي والميداني، وأدت إلى تشكيل جملة من الاعتبارات الملحقة، وتدفع إلى الجزم بأنَّ مرحلةً جديدةً بدأت بالتبلور لمفهوم المواجهة مع الكيان الإسرائيلي ومنظومة العدوان ككل.
في المبدأ كان الإجماع في الردّ على المستوى الرسمي اللبناني نقطةً محورية، وهو ما انسحب بصورة أكثر وضوحاً على المستوى الشعبي، وفي سياق العلاقة بين القوى والمكونات على الساحة اللبنانية، وحتى على المستوى الإقليمي والعربي بدت الاعتراضات كأنها معزولة، وفي بعضها بدت مدانة وخارج أيّ سياق، بما فيها موقف الجامعة العربية الذي كان مستهجناً، كما لم يكن يوماً، ولو صمتت، لكان أفضل لها، ولحفظت ما تبقى من ماء في وجهها،هذا إذا تبقى..!!
وهو ما ينسحب على موقف بعض المشيخات، التي عزلت نفسها من جهة، وفضحت موقفها ودورها المشين من جهة ثانية، بينما اضطر بعضها الآخر للتمايز واتخاذ موقف قد يكون سابقة في الاختلاف والتعارض إلى حدّ التناقض، وهو ما قد يراه البعض مؤشراً إلى بدء مرحلة يكون فيها الانقسام والاختلاف أحد نتائج المعادلات التي أنتجها رد المقاومة، حيث كان من الصعب، وربما المستحيل تجاهل معطياته وحدود الإتقان فيه.
على هذه القاعدة يمكن فهم مغزى ما يجري على أنه التحوّل في المواجهة، وأن الردّ لم يكن مجرداً من أبعاده السياسية والإستراتيجية، التي ترسم منحى إضافياً لا يكتفي بإعادة تشكل قواعد الاشتباك، بل يعيد تنظيم إحداثيات المواجهة على أسس ومعايير تتداخل فيها العناصر المضافة من طريقة الرد، حيث تتسع مساحة الجبهات، وتنضم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 إلى تلك المساحة، وما تفرضه من معادلات لا تكتفي حينها بالردع..!!
ويبقى الأساس والجوهر في الرد القيمة المضافة، التي تجلت في الأبعاد التي تحققت على المستوى الإستراتيجي مع تغيير في مفهوم الردع وقواعده والأسس التي يتم التعاطي من خلالها، وهو ما يستدعي المزيد من القراءات والكثير من الهدوء، وربما المزيد من الشرح لحد الإسهاب.
ما تحقق من ردّ المقاومة حتى اللحظة.. يبقى رأس جبل الجليد، وما وراءه أو ما يخفيه خلفه يحتاج إلى أشهر، وقد يكون إلى سنوات، لكن ليس لعقود بالتأكيد، حتى يتظهّر في نهاية المطاف، وإن كان يشكل قصفاً تمهيدياً، يرسم أحد السيناريوهات العملية لزوال الاحتلال، وعلى الإسرائيليين أن يدرسوا ذلك بكثير من العناية والدقة، وعلى الأعراب أن تتبصر، وتعيد النظر بحساباتها ومهاتراتها ووضاعتها، وعلى جامعتهم أن تلوذ بالصمت حتى إشعار آخر، والأفضل إلى الأبد.

بقلم رئيس التحرير علـي قاسـم

a.ka667@yahoo.com

 

التاريخ: الأربعاء 4-9-2019
رقم العدد : 17065

 

آخر الأخبار
الخزانة الأميركية: بدأنا خطوات رفع العقوبات عن سوريا من تصريح إلى أمل.. السوريون وحق الحياة المسروق طلاب المدينة الجامعية بحلب يشكون ضيق الغرف ورئيس الجامعة: ندرس عدة خيارات القرار السياسي تأخير بترحيل القمامة من بعض شوارع دمشق... والمحافظة: نعمل بكامل الإمكانيات المتاحة وزير الأشغال العامة: رفع العقوبات يسهم في استقطاب استثمارات عربية ودولية الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة.. والاحتلال يضاعف مجازره في غزة عضات الكلاب تتزايد في درعا.. والطعوم  غائبة مشاركون في  مؤتمر العدالة الانتقالية لـ"الثورة": حاجة ملحة للسلم الأهلي وتحتاج للوقت والتشاركية "صحافيون من أجل حقوق الإنسان " في مؤسسة الوحدة استجرار الكهرباء غير المشروع تدفع ثمنه " مياه " درعا وفود سياحية أوروبية تزور آثار بصرى الشام Relief Web : "هيومن رايتس ووتش": رفع العقوبات سيعزز الحقوق والتعافي في سوريا مدير زراعة اللاذقية: القطاع الزراعي سيشهد انتعاشاً ونهضة حقيقية مكافحة 180 هكتاراً من حشرة السونة مجاناً  بالقنيطرة  أطباء بلا حدود يطَّلعون على احتياجات مستشفى بصرى الشام لماذا الانخفاض السريع بسعر صرف الدولار..؟ دعم مستشفى الحراك ومأوى للمتضررين والمهدمة منازلهم حلاق لـ "الثورة": رفع العقوبات سيمكن  تأمين المعدات الحديثة لفرق الإنقاذ توعية الأطفال بمخاطر المخلفات الحربية بدرعا