الصناعات السورية بوضع لا تحسد عليه .. محمد الصيرفي لـ”الثورة”: أمام انفتاح الاستيراد على مصراعيه..”الصناعة” تحتضر
الثورة – وفاء فرج:
“صنع في سوريا” شعار أطلق منذ سنوات طويلة، كان عنوان الصناعة السورية الذي وصلت فيه إلى معظم دول العالم، ولم يكن مجرد شعار، إنما صورة حقيقية لعراقة هذه الصناعة، فما الذي أدى إلى تراجع تواجد المنتجات السورية في الأسواق الدولية؟.
رئيس لجنة النقل والشحن والترانزيت في غرفة تجارة دمشق ورئيس الجمعية السورية للشحن والإمداد الوطني، محمد رياض الصيرفي بين لصحيفة الثورة عدم وجود عقبات أمام تواجد المنتجات السورية في الأسواق الدولية من قبل هيئة المنافذ الحدودية، وإنما يوجد بعض الأمور الصغيرة التي يمكن بالتعاون مع الهيئة معالجتها وتلافيها- إن وجدت.
اقتصاد السوق المفتوح
ولفت إلى أنه في ظل اقتصاد السوق المفتوح الذي تبنته الحكومة، فإنه لم يكن فيه حماية للصناعات السورية، وإن الصناعة السورية بمرحلة احتضار، في ظل استيراد جميع المواد من دون أي ضوابط تذكر، والناس- بحسب الصيرفي، تعمل وفق مبدأ “مزمار الحي لا يطرب”، واتجه الناس لشراء المنتجات المستوردة، في حين أحجمت عن شراء المنتجات السورية بشكل كبير وفي كل القطاعات سواء الكيميائية أم الهندسية أم النسيجية، خاصة أن هذه المنتجات بعضها سييء والبعض متوسط وآخر جيد، وبالمحصلة فقد أثر كل ذلك على الصناعة السورية، مبيناً أن المصانع المحلية لا تبنى على التصدير فقط، وإنما هناك منتجات للسوق المحلي وأخرى للتصدير في حال استطاعت المنافسة.
ونوه بأن الكلف التشغيلية مرتفعة في سوريا بدءاً من حوامل الطاقة وبعض الرسوم الجمركية على المواد الأولية، وعلى سبيل المثال لا الحصر (الأقمشة رسومها من 700 إلى 1000 دولار، والكابلات الكهربائية النحاسية والعديد من مواد الإنتاج)، وينجم عن ارتفاعها ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين نتيجة ارتفاع أسعارها.
وبين أنه عندما تكون الرسوم الجمركية مرتفعة تنشط حركة التهريب، وأنه يجب دراستها وتخفيضها مقابل وجود الكثير من المواد الأولية رسومها مقبولة، لافتا إلى أن العقبة ليست بالرسوم الجمركية، وأنه من غير المعقول إنشاء معمل فقط للتصدير وكلما زاد التصدير انخفضت نسبة تغطيته للسوق الداخلية.
وأشار إلى أنه ليس كل الصناعات معدة للتصدير، وإنما للاستهلاك المحلي وأخرى تصديرية، فأكثر الأسواق التي تستهدفها المنتجات السورية هي العراق والسعودية ولبنان وبعض دول الخليج والأردن رغم أن الأخيرة لا تزال تضع المنتج السوري على القائمة السلبية مشيراً إلى وجود حراك حكومي نشط مع الأردن لمعالجة هذه المشكلة، وأن هذه الدول هي المنفذ التصديري للمنتج السوري.
السوق المحلي.. الرافعة الرئيسة
وبين أنه يمكن الوصول بالمنتجات السورية إلى أوروبا كما كان في السابق، ولاسيما أن الصناعات السورية بنيت بأيد ماهرة، إلا أن الرافعة الرئيسة هو السوق المحلي حتى يكون هناك معمل منتج لديه استهلاك وتصدير، أما أن نقوم بإنشاء معمل للتصدير فقط فهو أمر غير واقعي.
ونوه بأن الصناعات السورية تلفظ أنفاسها الأخيرة، وهناك مساع حكومية لتأمين الكهرباء وحوامل الطاقة لتعود المعامل للإقلاع، مؤكداً على ضرورة ضبط الاستيراد العشوائي الذي يتم من دون ضوابط وقواعد، حتى أن إجازة الاستيراد غير مطلوبة، وإنما يتم الاستيراد فقط بموجب سجل تجاري ولو كان بأسماء وهمية، وهذا أمر غير صحي يمكن أن يرتكب من خلاله بعض الأخطاء في حال كانت الأسماء وهمية)، وبذات الوقت إن فتح الاستيراد سيؤدي إلى وجود عاطلين عن العمل نتيجة إغلاق هذه المعامل.
موضحاً أن الأمر عبارة عن حلقات مرتبطة ببعضها، ولا يمكن فصلها عن بعضها، كما أن وجود حجم المسؤوليات الكبير الملقى على عاتق الحكومة التي لم تدخر جهداً في العمل على توفير الطاقة والمناخ الصحيح للصناعة، لافتاً إلى أن في كل يوم تأخير سنكون معرضين لخسارة جزء من صناعتنا وستزداد نسبة البطالة، وتنخفض دورة رأس المال بالأسواق.
الصناعي السوري اتهم ظلماً بالاحتكار
وأوضح الصيرفي أنه خلال السنوات الأخيرة في زمن النظام المخلوع، تم اتهام المنتج السوري بالاحتكار وأسعاره مرتفعة عن المنتج الأجنبي، في الوقت الذي كان يفرض عليه رسوم وضرائب وأتاوات تشكل أرقاما كبيرة بالكلف، وحالياً بدأنا نتخطى دوائر الفساد، معتبراً أن هذا لا يعني أن المعامل كانت فاسدة، وإنما كلهم صناعيين جيدون وحتى التجار لم يكونوا سيئين، وإنما المناخ العام فاسد والكلف مرتفعة سواء بالتصنيع أم بالاستيراد نتيجة ما يفرض من أتاوات ورسوم من فوق الطاولة ومن تحتها، ورسوم فرعية وضرائب وغيرها، وتسببها برفع الكلف التي ستحمل بالآخر على المواطن.
ونفى الصيرفي ما يتهم به الصناعيون أنهم يجنون أرباحهم عبر رفع الأسعار على حساب المواطنين، معتبراً أن ذلك غير صحيح، وإنما سببه المناخ آنذاك الذي كان فاسداً في زمن النظام المخلوع، وعلى العكس، الصناعيون والتجار استطاعوا توفير المواد للمواطنين في أصعب الظروف.