الثورة أون لاين – دينا الحمد:
لم تدَّخر الدولة السورية جهداً خلال السنوات العشر الماضية إلا وبذلته لإيجاد حل سياسي يطوي سنوات الحرب العدوانية، ويؤسس لمرحلة إعادة الإعمار، وعودة الأمن والأمان والاستقرار إلى كل قرية ومدينة سورية، لكن منظومة العدوان بقيادة أميركا كانت تضع العراقيل على الدوام أمام أي حل يلوح في الأفق، وتسعى إلى تفجيره في حال ظهرت بوادره في آستنة أو سوتشي أو جنيف.
وكانت هذه اللوحة واضحة وضوح الشمس في الأيام القليلة الماضية، حيث أكد الوفد الوطني الذي شارك باجتماعات لجنة مناقشة الدستور في مقر الأمم المتحدة بجنيف على هذه المبادئ التي رسختها سورية وطالبت خلال كل الاجتماعات الدولية والإقليمية كافة الأطراف الدولية باحترام إرادة السوريين والالتزام بوحدة سورية أرضاً وشعباً، وضرورة التوافق على المبادئ الوطنية قبل الانطلاق إلى المبادئ الدستورية، وأهمها احترام سيادة ووحدة واستقلال أراضي الجمهورية العربية السورية، وهو مبدأ وطني سامٍ، لكن واشنطن وأدواتها حاولوا التشويش على عمل اللجنة لفرض أجنداتهم المشبوهة.
وانطلاقاً من حرص سورية على إنجاح أي جهد يقوم على حل ينقذ السوريين من الإرهاب وشروره وضع الوفد الوطني نصب عينيه ما تؤكده دولته وحكومته على الدوام في أي اجتماع دولي يبحث عن حل ما، وهو تمسك سورية بمبدأ الهوية الوطنية الجامعة للشعب السوري، والتوافق على هذا المبدأ كمبدأ جوهري من الأسس والمبادئ الوطنية التي يمكن أن تشكل الأرضية الراسخة لعمل اللجنة في المراحل اللاحقة، رغم كل دسائس أميركا وتدخلها بشؤون السوريين ومحاولتها تفصيل خارطتهم على مقاسات أطماع الكيان الصهيوني وأجنداتها العدوانية ومعهما أوهام تنظيمات الإرهاب المتطرفة.
لكن إدارة ترامب العدوانية أبت إلا أن تدس أنفها وتحشر نفسها وتشوش على اجتماعات اللجنة، فقام ما يسمى مبعوثها الخاص إلى سورية جيمس جيفري بالاجتماع مع أدوات بلاده من المعارضين المرتهنين لمشيئتها والمنفذين لمخططاتها لتوجيههم بشكل سافر وعلني لرفض أي مبادئ وطنية يطرحها الوفد الوطني ومحاولة فرض رؤاهم وأجنداتهم المشبوهة، والخروج على جدول الأعمال المتفق عليه، وهو مناقشة المبادئ الوطنية الأساسية، وطرح مبادئ أخرى وأمور تنظيمية ومواد صياغية تخالف المبدأ وجدول الأعمال المذكور.
لقد رفضت سورية أي تدخل خارجي في عمل اللجنة الدستورية لأن اللجنة وباعتراف القرارات الأممية هي بقيادة وملكية سورية، ولذلك فإن المطلوب من المبعوث الأممي ومن المنظمة الدولية وضع حد للتدخلات الأميركية وعدم السماح لجيفري وغيره بحشر نفسه في قضايا ليست من اختصاصه، وإلى أن يحين موعد جولة جديدة من الحوار ستبقى سورية تتمسك بمبدأ الهوية الوطنية الجامعة للسوريين، والتي يمكن أن تشكل الأرضية الراسخة لعمل اللجنة وتالياً لحل سياسي يعيد الأمن والأمان والاستقرار إلى وطنهم.