الثورة أون لاين- ترجمة ختام أحمد:
في تموز 1947، نشرت مجلة فورين أفيرز مقالاً طويلاً بعنوان “مصادر السلوك السوفييتي” والذي دعا إلى احتواء الاتحاد السوفييتي، وتم الاحتفاء به في نهاية المطاف باعتباره خارطة الطريق الفلسفية لانتصار الولايات المتحدة في الحرب الباردة بعد أكثر من أربعة عقود.
في الآونة الأخيرة، نشر فرع تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية – مقالا بعنوان “عناصر التحدي الصيني” حول كيفية التعامل مع الصين، يدعو المقال الولايات المتحدة إلى “تأمين الحرية في الداخل من خلال الحفاظ على الحكومة الدستورية، وتعزيز الرخاء، وتعزيز مجتمع مدني قوي”، نظرا للضرر الاقتصادي والشخصي الناجم عن افتقار الإدارة الأمريكية للقيادة، خاصة بعد تفشيCOVID-19، ناهيك عن انتهاك حقوق المتظاهرين من Black Lives Matter .
يقول المقال إن على الولايات المتحدة بذل جهود للحفاظ على موقعها كأقوى قوة عسكرية في العالم، ومن المفارقات أن الإدارة تتباهى بتفوق الجيش الأمريكي في كل فرصة، مع أنها لا توفر فرصة لانتقاد الصين بسبب تحديث جيش التحرير الشعبي الصيني، ولعل ازدواجية المعايير هذه تنبع من أسطورة “الاستثنائية الأمريكية” – أن الولايات المتحدة قد كلفها الله بمهمة خاصة لقيادة كل الناس على الأرض، وأن الصين تتدخل في هذه الخطة الإلهية، كما حث المقال الولايات المتحدة على “تقوية” النظام العالمي القائم على قواعد ما بعد الحرب العالمية، ومع ذلك لم يذكر أن إدارة دونالد ترامب كانت تحاول تفكيك هذا النظام بالديناميت، لقد انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ ، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، واليونسكو، والاتفاق النووي الإيراني، و لم يقم البيت الأبيض بإعاقة منظمة التجارة العالمية فحسب، بل في خضم جائحة قاتلة ” COVID19″ وعندما كانت هناك حاجة ماسة إلى موارد وخبرات منظمة الصحة العالمية، خرجت الولايات المتحدة منها متهمة إياها بالفساد”، ومؤخراً انسحبت من معاهدة الأجواء المفتوحة، التي أنشأت برنامجًا لرحلات الاستطلاع غير المسلحة فوق كامل أراضي الأطراف الموقعة من أجل تعزيز التفاهم المتبادل، وبالتالي منع سوء التفاهم الذي يؤدي إلى الصراعات، لكنني أتفق مع العديد من النقاط التي يشير إليها المقال، على سبيل المثال، التعاون مع الصين، حيث تتداخل مصالحنا الوطنية، ونطلب من الولايات المتحدة “تدريب جيل جديد من الموظفين العموميين”، ليس فقط خبراء الصين ولكن أيضًا خبراء في ثقافات أصدقاء الولايات المتحدة وأعدائها على حد سواء، لكن ما أجده غريباً هو أنه في السنوات الأربع الماضية تم القضاء على وزارة الخارجية وغيرها من الإدارات الحكومية الأمريكية بشكل منهجي وحلت الأيديولوجيات محل الخبراء، وحلت السياسة محل السياسات.
بشكل عام، تشعر الولايات المتحدة بالغيرة والحسد من الصين على حد سواء، حيث يسرد المقال العديد من الإنجازات العميقة للصين، بما في ذلك تلك المنبثقة من خطة صنع في الصين 2025 ومبادرة الحزام والطريق، والتي تقول المقالة إنها تشكل تهديدًا للولايات المتحدة.
ولكن بدلاً من أن تكون الولايات المتحدة مستعدة أو مجهزة للتنافس مع الصين، فقد دأبت على حشد الحجج الأيديولوجية والعنصرية الخادعة ضد الصين وحكومتها و هذا ليس بجديد، وبالعودة إلى الثمانينيات كان يُنظر إلى القوة الاقتصادية الآسيوية آنذاك، اليابان، بالمثل على أنها تهديد لطريقة الحياة الأمريكية، وحتى في ذلك الوقت أثارت الولايات المتحدة بدلاً من التنافس مع اليابان، العديد من هذه الأعذار.
تتمثل رسالة إدارة ترامب في المقالة في جوهرها في أن الحزب الشيوعي الصيني منفصل عن الشعب الصيني ولديه “أهداف سلطوية وطموحات هيمنة”، هل يمكن أن يكون شيء أكثر من هذا أبعد عن الحقيقة؟.
أجرت كلية كينيدي الحكومية بجامعة هارفارد دراسة استمرت 13 عامًا في الصين حتى عام 2016 بناءً على أكثر من 31000 مقابلة في كل من المناطق الحضرية والريفية، وقال 93.1 في المائة من المستجيبين لاستطلاع أجراه الباحثون إنهم إما “راضون نسبيًا” أو “راضون للغاية” عن أداء الحكومة المركزية، بزيادة قدرها 7 في المائة عن عام 2003، عندما بدأت الدراسة، في المقابل انخفض رضا الأمريكيين عن الحكومة الفيدرالية الأمريكية من 39 بالمائة في عام 2003 إلى 37 بالمائة في عام 2016، وفقًا لاستطلاعات رأي جالوب.
فلماذا تم نشر المقال الآن؟، ربما لتحويل الانتباه عن فشل الإدارة الأمريكية المستمر في احتواء COVID-19 ، الذي أودى بالفعل بحياة أكثر من 270 ألف شخص في الولايات المتحدة، وقد يكون ذلك أيضًا جزءًا من محاولة لتعليق الرئيس المنتخب جو بايدن وإلزامه بالسياسات الفاشلة للرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو.
ترى الإدارة الحالية أن المنافسة الإستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة هي سباق نحو القاع وحرب محتملة. أفضل النهج البديل الذي اقترحه المرشح لوزير الخارجية أنطوني بلينكين الذي يعترف بالمنافسة لكنه يرحب بالسباق على القمة الذي يمكن أن يساعد في تعزيز اقتصادات الصين والولايات المتحدة ودول أخرى.
ركز المقال في جميع أجزائه على نفور الولايات المتحدة الشديد من “الشيوعية” و “الاشتراكية”، وتظهر دراسات ما بعد الانتخابات أن الجمهوريين استخدموا هذه الحقيقة لتحقيق تأثير كبير ضد الديمقراطيين، كانت إحدى أسوأ الفترات في تاريخ الولايات المتحدة هي الهيجان المناهض للشيوعية (المعروف باسم الرعب الأحمر) الذي أثاره السناتور المتعصب جوزيف مكارثي في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، فقد دمرت الحملة الوحشية حياة العديد من الوطنيين الأمريكيين – دفع عدد غير قليل منهم إلى اليأس والانتحار، وسُجن عدد كبير منهم . الخلاصة الشاملة من المقال هي أن الإدارة المنتهية ولايتها عازمة على إطلاق ليس فقط حرب باردة جديدة، ولكن أيضًا سيكون هناك رعب أحمر جديد، ولكن هذه المرة ضد الصين.
By Harvey Dzodin
China Daily